تعتقد حكومة الولايات المتحدة أنها القوة العظمى الوحيدة في العالم « لكن كيف يمكن لدولة أن تكون قوة عظمى فيما حكومتها وأغلبية رعاياها لاسيما أعضاء الكنائس الإنجيلية تتمرغ عند أقدام رئيس الوزراء الإسرائيلي ؟
كيف يمكن لدولة أن تكون قوة عظمى في حين تفتقد تماماً لقدرتها على تحديد مسار سياستها الخارجية في الشرق الأوسط ؟ إن دولة كهذه لا تشكل قوة عظمى ، دولة كهذه هي دمية عرائس.
مرة أخرى شهدنا في الأيام الأخيرة «القوة العظمى الأمريكية « هذه «تتمرغ عند رجلي نتنياهو» فحين قرر ذلك الأخير قتل نساء وأطفال غزة ، وتدمير ما تبقى من البنى التحتية الاجتماعية من بيوت غزة صرّح بأن جرائم الحرب الإسرائيلية وما تقوم به من ممارسات ما هو إلا « سلوك دفاعي شخصي بسيط «، أما ردة فعل مجلس الشيوخ الأمريكي والبيت البيض ووسائل الإعلام الأمريكية فكان تأييداً حاراً لنتنياهو .
في 16ت2 الحالي وافق الكونغرس الأمريكي ومجلس الشيوخ ومجلس النواب على قرارات الإيباك وهو اللوبي الإسرائيلي المعروف باسم لجنة الشؤون العامة الأمريكية ـ الإسرائيلية ، العميل الأجنبي الوحيد غير المضطر ليسجل كعميل أجنبي ، هذا ونقلت وكالة الأخبار اليهودية ( غلوبال نيوز سرفيس ) مركزها إلى واشنطن ، وتشارك الديمقراطيون والجمهوريون خزي خدمة إسرائيل وسلوكهما تجاه الفلسطينيين . وامتثل البيت الأبيض بسرعة لأوامر اللوبي الإسرائيلي ، كما أعلن الرئيس أوباما دعمه الكامل للهجوم الإسرائيلي على غزة ، أما مساعد أمن الدولة في البيت الأبيض بن رودس فقال لوسائل الإعلام في 17ت2 الحالي : « أن البيت الأبيض يريد نفس ما يريده الاسرائيليون « ، وهذا دعم مجاني لأن أغلب الشعب الإسرائيلي يعارض الجرائم التي ترتكبها حكومته وهي حكومة المستوطنين أي حكومة المهاجرين الذين تستحوذهم فكرة تملك الأراضي الفلسطينية التي يتم الاستيلاء عليها بشكل غير مشروع بدعم من نتنياهو .
اسرائيل الآن في عهد نتنياهو مماثلة تماماً لجمهوريي لنكولن قبل 150 عاماً ، ففي ذلك الوقت لم يكن يوجد قانون دولي لحماية الولايات الجنوبية التي تخلت عن الاتحاد والذي يعتبر حقاً دستورياً يحميها من استغلال ولايات الشمال ، في وقت لاحق وبعد اجتياح جيش الشمال للجنوب ، استدار نحو الهنود ولعدم توافر قانون دولي يحمي السكان الأصليين تعرض الهنود للقتل والسرقة بيد جيش واشنطن .
صاحت أمريكا بأن سهام وأقواس الهنود تهددها ، أما اليوم فيوجد ما نطلق عليه تسمية القانون الدولي والذي يفترض أن يحمي اليوم الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ، مع ذلك في كل مرة كان العالم يحاول فيها إدانة اسرائيل على جرائمها كانت واشنطن تلجأ لاستخدام حق الفيتو في الأمم المتحدة لإيقاف قرار إدانة اسرائيل ، كذلك مفهوم أن الفلسطينيين يهددون اسرائيل وهذا غير صحيح على غرار مفهوم أن الولايات المتحدة تهددها أفغانستان ، العراق ، ليبيا ، اليمن ، سورية ، الباكستان وإيران . لا يوجد أي من هذه الحكومات تهدد الولايات المتحدة ، ففي حال تعرضت أي دولة عظمى لتهديد مماثل يعني أنها ليست قوة عظمى .
اتباع أسلوب تجريم الضحية ما هو إلا وسيلة لإخفاء جرائم دولة، كما نلاحظ أن وسائل الإعلام الأمريكية المطبوعة والمسموعة والمرئية عاجزة عن إعاقة جرائم الدولة، فالجرائم الوحيدة التي تتم تغطيتها هي جرائم «الإرهابيين»، بمعنى هؤلاء الذين يتصدون للهيمنة الأميركية والأمريكيون مثل برادلي مينينغ وسيبل إدموند الذين كشفوا الكثير من الحقائق ولا تتم حمايتهم ، وجوليان أسّانج الذي كشف الكثير من الوثائق السرية عن فضائح السياسة الأمريكية ماتزال حياته في خطر رغم حصوله على حق اللجوء السياسي إلى الإكوادور وذلك لأن واشنطن لا تحترم القانون الدولي او تهتم لأمره .
هذا وتجرّم الولايات المتحدة ممارسة التعديل الأول من دستورها الذي يتضمن حرية الرأي والتعبير ، لم يعد هدف وسائل الإعلام البحث عن الحقائق إنما حماية الأكاذيب الرسمية ، فعملياً قول الحقيقة تلاشى وبات مكلفاً للصحفيين فلكي يحافظ الصحفي على عمله بات مضطراً لخدمة مصالح واشنطن والمصالح الخاصة التي تخدمها واشنطن خلف الكواليس ، فباراك أوباما في دفاعه الأخير عن جرائم اسرائيل التي ارتكبتها بتاريخ 19ت2 الحالي قال : « لا يمكن لأي دولة في العالم أن تتسامح مع سيول الصواريخ المتساقطة فوقها من الخارج « . لكن بالتأكيد هناك عدد كبير من الدول تسمح بإمطار الصواريخ الأمريكية فوق أراضيها دون أن تنبث بأي كلمة .
فمجرم الحرب أوباما أمطر بالصواريخ على افغانستان ، باكستان واليمن وكذلك على الصومال ، ليبيا ، العراق وسورية ، وقد يكون دور إيران قادماً . وأمام ما نشهده اليوم لا نرى أيادي ارتفعت لإيقاف وزير داخلية اسرائيل إيلي يشاي عن هدفه المعلن لـ « إرجاع غزة إلى العصور الوسطى « .
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.