Their Man in Cairo

<--

إذا كان الإخوان المسلمون قد فشلوا فشلاً ذريعاً فى التعامل مع المشاكل الداخلية التى ثبت أنها أكبر بكثير من قدراتهم السياسية البدائية والتى حالت السجون دون تنميتها، فإن علينا الاعتراف بأنهم حققوا نجاحاً مبهراً فى السياسة الخارجية فحصلوا على مكانة تفوق مكانة مبارك لدى كل من الأمريكان والإسرائيليين، فخلال أشهر قليلة من تولى مرشح الإخوان محمد مرسى الحكم كان الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز يصفه بأنه رجل دولة من الطراز الأول، ويتحدث الرئيس الأمريكى باراك أوباما عنه باعتباره صديق الولايات المتحدة.

ولم يكن ذلك من قبيل المجاملة من أى منهما بل كان نتاجاً طبيعياً لسياسة صريحة وواضحة اتبعها الإخوان إزاء كل من الحليفين الاستراتيجيين لمصر منذ عهد أنور السادات.

ومنذ بداية تولى محمد مرسى الرئاسة كان الوفاق قائما بين مصر وحليفيها اللذين لا يمكن الاستغناء عن أى منهما، ويذكر فى هذا الصدد الخطاب الذى اختار محمد مرسى أن يرسل به سفيره إلى إسرائيل والذى تضمن كلمات الإطراء وأوصاف الصداقة التى لاشك طمأنت الحليف الإسرائيلى على سياسة الرئيس المصرى الجديد الذى ينتمى إلى جماعة بنت جزءاً من تأييدها الشعبى على إعلان معاداتها للصهيونية العالمية وعدم الاعتراف بالدولة الإسرائيلية.

على أن ما طمأن الحليف الإسرائيلى فى واقعة تقديم السفير المصرى أوراق اعتماده لم يكن مجرد كلمات الصداقة التى توقف عندها الإعلام المصرى بالاستنكار، وإنما أن السفير المصرى قدم أوراق اعتماده لأول مرة فى القدس وليس فى تل أبيب كما كان الحال مع سفراء كل من مبارك والسادات.

إن القدس التى تدعى إسرائيل أنها قد أصبحت عاصمتها «الأبدية» غير معترف بها دولياً كعاصمة لإسرائيل ولا حتى من الولايات المتحدة التى مازالت سفارتها فى تل أبيب، وقد كان قبول مصر الإخوان الضمنى الاعتراف بالقدس عاصمة رسمية للدولة اليهودية تقدم فيها أوراق اعتماد السفراء، نقطة تحول لم يلتفت إليها كل من انتقدوا كلمات خطاب الصداقة الذى حمله السفير المصرى لرئيس إسرائيل.

ثم جاءت أزمة غزة الأخيرة فقامت حكومة الإخوان المسلمين فى مصر ورئيسها محمد مرسى بما لم يقم به مبارك من قبل حتى خرج الإسرائيليون والأمريكان مبهورين بالقدرة التفاوضية والحنكة السياسية للرئيس محمد مرسى وأعوانه، ومنذ ذلك الوقت ثبت للولايات المتحدة صحة ما راهنت عليه خلال انتخابات الرئاسة المصرية بأن الإخوان المسلمين سيكونون أفضل فى خدمة المصالح الأمريكية والصهيونية من أى نظام آخر، كما ثبت خطأ التشكك الإسرائيلى فى هذه المقولة، وأصبح الآن كل من الحليفين الاستراتيجيين لمصر يتحدثان نفس اللغة، ويصفان الرئيس محمد مرسى بنفس الأوصاف التى عادة ما تروق للرؤساء المصريين، حيث اعتادت وصفهم بالحكمة ورجاحة العقل والحنكة السياسية.

ومنذ أيام نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية مقالا عن محمد مرسى كان عنوانه الصريح هو Our Man in Cairo أى «رجلنا فى القاهرة» (!!!)

أليس فى هذا كله نجاح يفتخر به كل مصرى غيور على مصلحة بلاده وعلى سلامة علاقاتها الدولية مع حليفيها الاستراتيجيين، إن علينا أن نتذكر أن كل ذلك حدث وحكم الإخوان المسلمين لم يمض عليه إلا أقل من ستة أشهر، فما بالنا بالسنوات القادمة التى لابد ستشهد المزيد من الجهود فى خدمة مصالح الحليفين بما يسمح بإطلاق يد الإخوان فى داخل البلاد للتصدى للمعارضين بدلا من حل مشاكل المواطنين.

About this publication