Conflict between Russia and America over the Post-Assad Regime

<--

بات واضحاً أن الصراع أصبح على شكل النظام الجديد في سورية بين المعسكر الروسي الإيراني من جهة والمعسكر الأمريكي الغربي من جهة أخرى الذي تجلّى عبر النشاط الدبلوماسي الكبير مؤخراً من خلال سيل من المبادرات والتصريحات الصادرة عن المقربين من النظام الذي يوشك على السقوط آجلا أم عاجلاً.

روسيا التي ترى نفسها أكثر قرباً من النظام السوري وأنها معنية بمآلات الأوضاع السياسية في سورية ترفض توجيه الطلب الصريح للرئيس السوري بالتنحي، وتكتفي بالطلب من الرئيس والنظام بضرورة الحوار مع المعارضة، وقد وجّهت دعوة لرئيس ائتلاف المعارضة معاذ الخطيب بإجراء حوارات ومباحثات في روسيا أو خارجها، ويعدُّ هذا اعترافاً بشرعية المعارضة ودورها الحاسم، بعد أن كانت تتساوق مع النظام بعدم الاعتراف بالمعارضة الخارجية، وتصف الثوار والمقاتلين بأنهم عصابات إرهابية وجماعات إجرامية مسلحة خارجة عن النظام.

“فيودور لوكيانوف” رئيس مجلس السياسات الخارجية في روسيا صرح أن روسيا ليست غافلة عن مجريات الواقع في سورية، وأنها تدرك أن احتمال سقوط النظام بيد المعارضة أمر وارد، وأن الدبلوماسية الروسية ليست بذلك الغباء، ويتوافق هذا التطور مع التصريحات الصادرة عن الرئيس الروسي “بوتين” بمناسبة نهاية العام عندما قال: روسيا ليست معنية بمصير الأسد، وتتفهم أن هذه العائلة موجودة في السلطة منذ أربعين عاماً، وهناك حاجة للتغيير..!!

روسيا تريد أن تكون شريكاً فاعلاً في صياغة الترتيبات الجديدة، وترفض أن يكون دورها مجرد ساعي بريد ينقل طلب الولايات المتحدة والغرب إلى الرئيس بالتنحي والمغادرة، ومن هنا يتضح دورها المستمر في دعم الرئيس ونظامه حتى هذه اللحظة هو من أجل ضمان حصتها والاعتراف بوجودها والحفاظ على نفوذها في سورية الجديدة.

المشكلة تكمن في أن المعسكر الأمريكي الغربي لا يشعر بالعجلة، لأنه لا يشعر بالتهديد ولا الخطورة من إطالة أمد الحرب، وأن عملية التدمير والقتل التي تطال الشعب السوري وتطال بنية الدولة لا تشكل ضغطاً على الرأي العام في أمريكا والغرب ما دامت “إسرائيل” في مأمن، كما أن الحرب لا تؤثر في الإمدادات النفطية القادمة من “الشرق الأوسط” إلى الأسواق الغربية!!

ما ينبغي أن تفهمه المعارضة السورية جيداً وبكل وضوح أبعاد اللعبة الخطرة من كلا المعسكرين، وعلى ائتلاف المعارضة أن يكون أكثر ذكاء، ولا يسد الطريق أمام الحوار في روسيا والاعتراف بدورها، وأن لا يركن لحظة واحدة إلى الكلام المعسول الصادر عن المعسكر الغربي الماكر، فالأطراف جميعاً تراهن على غباء الأطراف المتقاتلة، وكلاهما يسعى لاقتناص اللحظة!!، وأن التفكير بحشد بعض القوات الأمريكية والغربية في الأردن وعلى الحدود السورية، ليس من أجل نصرة الشعب السوري، ولا من أجل أعمال الإغاثة الإنسانية وليس بصدد أية مهمة نبيلة تجاه الكارثة الإنسانية هناك، وإنما تنحصر مهمتها في مسارين كبيرين هما :-

أولاهما: مراقبة “الأسلحة الكيماوية” عن كثب من أجل عدم وقوعها بيد المعارضة وخاصة ما يطلق عليها “الفصائل الاسلاميّة المتطرفة والإرهابية” التي قد تشكل تهديداً “لإسرائيل” والحلفاء الآخرين في المنطقة.

ثانيهما: الاستعداد للتدخل من أجل السيطرة على مقاليد الحكم لحظة سقوط النظام، والتدخل المباشر في منع سقوط الحكم بيد “الإسلاميين” للحيلولة دون تكرار تجارب مماثلة بعيداً عن الترتيب الأمريكي الغربي المسبق والمعد بمنهجية هادئة.

المعارضة السورية معنية بعدم التفريط بحقوق الشعب السوري، وعدم التفريط بالثمن الباهظ الذي دفعه الشعب من الدم والشهداء، وأن لا يذهب ذلك هدراً، ومن حق الشعب السوري أن يشكل بإرادته الحرة نظامه الجديد، وأن يعيد بناء دولته الديمقراطية الحديثة بعيداً عن التبعية والارتهان لأي طرف خارجي، حيث لا يملك أي طرف خارجي حق الوصاية على الشعب السوري أو حق مشاركته في تقرير مصيره، هذا من جهة ومن جهة أخرى أن تقوم المعارضة بدورها بذكاء ودهاء بعيداً عن الوقوع بحسن الظن بأي فريق من الفرقاء اللاعبين على الساحة الدولية والإقليمية، لأن السياسة الدولية ليسَت عملاً خيرياً، وتخلو من قيم النبل.

About this publication