The United States and the Language of Unmasked Pretenses

<--

أميركا ولغة الذرائع المفضوحة

حميد حلمي زادة

يبدو أن التلاعب بلغة المزاعم والاتهامات الباطلة، بات السمة الغالبة للدعايات الأميركية على مستوى تبشيع الخصوم أو الأطراف التي تشكل تحديا لمشاريعها الاستكبارية في المنطقة والعالم.

في ضوء ذلك من العبث تصديق أقوال المنظرين والإستراتيجيين الأميركيين بأن الولايات المتحدة تهدف بسياساتها إلى «خلق مجتمع عالمي متعاون بشكل حقيقي» كما ورد في كلام المفكر المخضرم زبيغيينو بريجنسكي بمقدمة كتابه (رقعة الشطرنج الأميركية)، طبعة دمشق عام 1997، بدليل أنه يصرح في نفس المقدمة قائلاً: «يجب ألا يظهر تحدّ قادر على السيطرة، وبالتالي على تحدي أميركا!!»

من جانبه يقول المفكر المخضرم الآخر هنري كيسنجر (ضمن كتاب هنري كيسنجر – محاضرات ومقالات مختارة 1982 – 1984 – دارقتيبة / بيروت): «اذا وقعنا تحت سيطرة معادية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فإن ذلك سيكشف ويقلل نفوذ أميركا في العالم».

وأمام هذه الرؤية الأميركية التي تتناقض فيها الاطروحات الجميلة عن إقامة مجتمع عالمي إنساني متفاهم، مع عمليات الغطرسة والتجييش وتفجير الأزمات والتوترات في العالم، يمكن الوقوف على أبعاد الأكاذيب والافتراءات التي كانت واشنطن وما فتئت تسوّق لها في جميع الأبعاد والاتجاهات لتبرير حروبها وغزواتها واعتداءاتها وسرقاتها السافرة ضد الدول والشعوب والثروات ولاسيما في العالم الإسلامي.

إن من واجبنا أن نطرح مثل هذا التساؤل وهو: ما الذي أثبتته المزاعم الأميركية في أفغانستان والعراق حتى تندفع هذه الأيام ــ ودون هوادة ــ للايحاء إلى احتمال قيام القيادة السورية باستخدام «الأسلحة الكيمياوية» ضد شعبها تحت ذريعة «قمع الثورة والمعارضة».

المؤكد أن تركيز الإدارة الأميركية وحليفاتها في أوروبا والكيان الصهيوني وبعض البلدان الخليجية، على هذه (الاكذوبة) يجسد، حقيقة افلاس المساعي الاستكبارية للنيل من دمشق باعتبارها (حلقة الوصل) في محور المقاومة والممانعة بوجه المشروع الصهيوأميركي في الشرق الأوسط.

فالمجتمع البشري الذي تابع تطورات الأزمة السورية من بدايتها لم يكن قد استمع إلى هذه المعزوفة الشاذة «استعداد سورية لضرب المجموعات المسلحة المعارضة بالكيمياوي»، إلا في الآونة الأخيرة، وبهذا يتأكد لنا أن الإستراتيجية السلطوية الأميركية تتبنى تماما المبدأ الميكيافيلي القائل بأن «الغاية تبرر الوسيلة»، بعدما اصطدمت محاولاتها الشيطانية المناهضة لسورية بالارادة الصلبة للشعب المؤمن المقاوم في هذا البلد.

فقد برهنت مختلف الممارسات والضغوط والتحريضات والتفجيرات على أنها عاجزة عن استدراج سورية الأبية إلى فخ الانصياع والخضوع للاملاءات (الغربية – الصهيونية – الخليجية – التركية)، مثلما هي عاجزة عن كسر إرادة الشعب السوري الذي يرصد – بدقة – المؤامرة الدولية الحاقدة عليه.

وبذلك ليس مستغربا ابدا تلويح قوى الاستكبار والصهيونية وعملائها في المنطقة بـ«فزاعة التهديد الكيمياوي للثورة السورية»، فقد شكلت دمشق بصمودها تحديا خطيرا لرقعة الشطرنج الأميركية في الشرق الأوسط – وفقا لبريجنسكي – كما أنها تحولت إلى قوة تهدد نفوذ أميركا في العالم – وفقا لكيسنجر – وبذلك فإنها (وحسب الإستراتيجية الاستكبارية) يجب أن تواجه بكل الوسائل الدنيئة ومنها المزاعم الكاذبة، مادام مرتزقة الفوضى الخلاقة وعلى رأسهم افراد المجموعات الإرهابية التكفيرية قد سقطوا وفضحوا وانهزموا في امتحان حماية الوطن والشعب بسورية، وذلك بعدما ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا قتلة ولصوصا وقطاع طرق والعوبة رخيصة تتداولها الأوامر الأميركية والإسرائيلية والخليجية لاشاعة الموت والتخريب والدمار في العالم الإسلامي.

About this publication