Hollywood and American Foreign Policy

<--

إلي أي حد ومد تشارك هوليوود في عملية صناعة القرار السياسي والعسكري الأمريكي؟

وما صحة القول إن هوليوود تمثل الضلع الثالث من أضلاع مثلث الهيمنة الأمريكية: البيت الأبيض وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون, هوليوود؟

حكما أن الحديث عن العلاقة بين هوليوود من جهة والسياسات الأمريكية من ناحية ثانية ليس حديثا جديدا, غير أنه طرح نفسه بقوة الأيام الماضية بعد خروج فيلم بن لادن علي الملأ والمعروف باسم: زيرو دارك ثيرتي للمخرجة الأمريكية كاثرين بيغلو والذي يتناول عملية اغتيال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في باكستان.

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هل يتدخل البنتاجون بشكل مباشر في عملية تقديم الأفلام العسكرية التي تعرض علي شاشات العالم, والتي فيها نجد الجندي الأمريكي لا يهزم والسلاح الأمريكي لا يضارعه سلاح, والتفوق الأمريكي الكاسح لا تحده حدود أو تقف في مواجهته سدود؟

واقع الحال يؤكد لي أن صناع الأفلام في هوليوود من مخرجين ومنتجين وكتاب سيناريوهات إلي آخر الطغمة العاملة في هذا المجال كثيرا ما غيروا الحبكات الدرامية والحركية, وعدلوا وبدلوا في ثنايا الأحداث التاريخية وأعادوا صياغة النصوص والسيناريوهات بناء علي طلب خاص من وزارة الدفاع الأمريكية, التي تري أن تلك التغييرات تقدم لها مزايا في عيون المشاهدين وتخلق في أذهانهم أفكارا نمطية ثابتة عن العظمة الأمريكية عسكرة وحضارة.

هل كان البنتاجون وراء فيلم بن لادن الاخير؟ وهل كان خروج هذا الفيلم علي الجماهير في هذا التوقيت أمرا مقصودا ومرتبا له من أجل التدخل عند الرأي العام الأمريكي لتحقيق مصالح للديمقراطيين الذين يمثلهم المرشح الرئيسي باراك أوباما والذي كان وراء تلك العملية من أجل إضعاف الجمهوريين؟

البداية من الأحاديث الكثيرة التي ملأت السماوات الإعلامية في أمريكا حول حدود المساعدة التي تلقاها فريق فيلم زيرو دارك ثيرتي من إدارة الرئيس أوباما, وهل تجاوزت ما هو معروف ومتعارف عليه بين البنتاجون وهوليوود, أم أن الأمر تجاوز ذلك إلي مرحلة تسريبات معلومات تضر بالأمن القومي الأمريكي لاسيما إذا فهمت حتي ولو علي سبيل الإسقاط والتلميح وليس المباشرة والتصريح داخل مشاهد الفيلم, الذي يحكي كيف أن فرقة خاصة أمريكية استطاعت أن تغتال بن لادن الرجل الذي تعتبره واشنطن القيادة الحقيقية لغزوتي واشنطن ونيويورك علي حد تعبيره.

الاتهامات الموجهة من قبل الجمهوريين لوزارة الدفاع الأمريكية تشير إلي أن الأخيرة كشفت بعض أسرار الدولة, لكن فيل ستراب رئيس الخلية المكلفة بالعلاقات مع صناعة السينما, أكد أن الفيلم لم يحظ بتعاون من وزارة الدفاع, باستثناء لقاء استمر45 دقيقة بين المخرجة وكاتب السيناريو ومسئول المهمات الخاصة في البنتاجون مايكل فيكرز من أجل تقديم عرض عام, وفي المقابل يحظي العديد من الأفلام والمسلسلات المنتجة سنويا بتعاون أكبر.. هل هذه هي أبعاد المشهد علي حقيقته تماما أم أن هناك أبعادا أكثر سرية تختبئ وراء هذا الحديث الظاهر؟

الشاهد أن رئيس لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب الأمريكي الجمهوري بيتر كينج قد أعرب عن خشيته من أن تكون المخرجة كاثرين بيجلو وكاتب السيناريو مارك بول اللذان التقيا مسئولين كبارا في وزارة الدفاع قد تمكنا من الحصول علي عناصر من هذه العملية المصنفة سرية للغاية, وقد أرسل كينج إلي الصحافة مذكرة داخلية تضمنت إعلان المفتشية العامة في وزارة الدفاع في10 ديسمبر الماضي بنيتها فتح تحقيق فوري بشأن هذه الاتهامات, وقد أشار البنتاجون في رسالة موجهة إلي النائب إلي أن هذا المشروع سيتناول أعمال موظفين في وزارة الدفاع علي علاقة بنقل معلومات إلي السينمائيين.. هل كانت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بدورها بعيدة عن ذلك المشهد؟

بالقطع لا, ففي8 نوفمبر الماضي أشارت الـCIA إلي أنها تستعد لوضع سياسة ترمي إلي الإشراف علي علاقاتها مع العاملين في صناعة السينما.. هل كانت الوكالة الاستخبارية الأمريكية الأشهر تحاول أن تنفض عنها غبار أي فضيحة تتعلق بتسريبات ما لفيلم بن لادن؟

ربما يكون للأمر علاقة بالفعل بعملية إعادة انتخاب الرئيس أوباما من جديد وبتحقيق فوز مؤكد للديمقراطيين في مواجهة الجمهوريين, وأغلب الظن أن التحقيقات التي تجري في تلك المنطقة شديدة السرية لا تخرج إلي العالم إلا نادرا جدا, وهو ما يشير إلي متانة العلاقة بين هوليوود والبيت الأبيض ووزارة الدفاع الأمريكية في مثلث يجيد صناعة الهيمنة العالمية بشكل احترافي.

لم تعد هوليوود قبلة السينما حول العالم, بل اكتسبت اليوم طابعا سياسيا أكثر من أي وقت مضي مما يجعل العالم برمته في مواجهة الجزء الثاني من عملية غسل المخ الامريكية للعالم بعد ان انتهي الفصل الاول الذي اهتم بمواجهة الشيوعية, والمثير ان الفصل الثاني, الذي نحن بصدده ـ في القلب منه العالمان العربي والاسلامي ولكن غالبيتهم لهم آذان ولا يسمعون, وعيون ولا يبصرون, وعقول ولا يتفهمون خطورة هذا السلاح الهوليوودي الجديد القديم في آن.

About this publication