The Setting of the American Star: Fact or Political Maneuver?

<--

أفول النجم الأميركي .. حقيقة أم مناورة استراتيجية ؟

شؤون سياسية

الثلاثاء 19-2-2013

فؤاد الوادي

هل بدأ الدور الاميركي بالتراجع والانحسار ؟ .. سؤال بدأ يكثف حضوره ووجوده على الساحتين الاقليمية والدولية خلال الاشهر القليلة الماضية ،

حيث يعزى السبب الرئيس لهذا التساؤل الى ذلك الانكفاء الواضح للولايات المتحدة الاميركية على مستوى العالم والذي عكسته بالطبع تلك التبدلات الشاملة التي طرأت على الاستراتيجية الاميركية والتي عكست بدورها خللا واضحا في اداء وسياسة الامبراطورية العظمى على الصعيد الدولي .‏

لكن ورغم ذلك التغير البارز في السياسة الاميركية على المستوى العالمي لجهة الانكماش البائن في الادوار التي كانت تضطلع بها الولايات المتحدة الاميركية حتى وقت قريب ، لايزال هناك من يفسر هذا التراجع والانكفاء الاميركي الى الخلف على انه لا يعدو سوى مجرد مناورة استراتيجية للولايات المتحدة تهدف بالدرجة الاولى الى اعادة ترتيب اوراقها التي بعثرتها رياح الحروب الخارجية التي شنتها الاخيرة تحت عناوين زائفة وشعارات مضللة كـ (مكافحة الارهاب والدفاع عن الحريات والديمقراطيات وحقوق الانسان ) ،وهو الامر الذي ادى بطريقة او باخرى الى انهاكها واضعافها واصابتها في مقتل حيث تعاني اليوم من اسوأ ازماتها الاقتصادية والسياسية والاخلاقية داخليا وخارجيا .‏

قد تكون تلك الفرضية التي تدعي ان اميركا تعيد ترتيب اوراقها وتعكف على مداواة آثار تلك الجروح والندب التي تسببت فيها سياستها الحمقاء على مستوى العالم .. قد تكون صحيحة اذا ناقشناها من وجهة النظر التي تقول ان الاخيرة قد اجبرت فعلا على تبديل سياستها واستراتيجيتها نتيجة ذلك الكم الهائل من الاخفاقات والهزائم التي اصابت الامبراطورية خلال السنوات الماضية سواء في العراق او في افغانستان او في فلسطين وسورية ولبنان وايران وفي مختلف انحاء العالم ، تلك السياسة التي وضعتها على حافة الهاوية وما نراه اليوم على الارض ليس الا التطبيق العملي لتلك السياسة الجديدة التي تنص على دخول الولايات المتحدة في فترة كمون ونقاهة أملتها عليها تلك الاخفاقات والهزائم التي باتت تعصف بها من كل حدب وصوب ، وهو مايبرر ويفسر عدم وجود الولايات المتحدة بشكل مباشر في كثير من ساحات الحروب والمعارك التي اوقدت نيرانها بنفسها ، حيث اوكلت هذا الامر الى حلفائها وادواتها في العالم واكتفت هي بادارة تلك الحروب عن بعد بشكل مباشر تارة وغير مباشر تارة اخرى من خلال امر عمليات يعطي الاوامر ويتحكم بأدواته ويحركهم عن بعد ، وهذه السياسة هي ما باتت تعرف بـ (سياسة الحروب بالوكالة) التي تبقي احد اطراف المعركة الاساسيين خارج الحلبة فيما يقوم الوكلاء بخوض تلك المعركة نيابة عنه بهد المحافظة على لياقته وقوته ، أو بهدف في حال كان منهكا أو ضعيفا تطبيب نفسه وشحن طاقته ليعود الى ساحة القتال اشد شراسة ودموية ، كما انه يجب الاشارة الى ان سياسة الحروب بالوكالة التي تتبعها الولايات المتحدة الاميركية تأخذ بعين الاعتبار نتائج وتداعيات تلك الحروب فاذا انتهت تلك الحروب بالهزيمة تبقى الاخيرة بعيدة الى حد ما عن ارتداداتها وتداعياتها مع الحفاظ على قوتها وجنودها وصورتها التي تلطخت على المستوى الشعبي الاميركي والعالمي فيما يتلقى من ارتضى لنفسه ان يخوض تلك الحروب بالاصالة او بالوكالة او بالكفالة او بالنيابة الصدمة التي قد تودي في كثير من الاحيان بحياته ، ولعل مايجري اليوم في سورية يرسم الى حد كبير سياسة الولايات المتحدة القائمة على خوض الحروب بالوكالة .‏

قد تكون الفرضية السابقة صحيحة وواقعية ، لكن ان استفضنا اكثر في تحليل وقراءة السلوكيات الاميركية خلال العقد الاخير مع اضافة سلسلة الازمات الاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية التي لاتزال تعصف بها ، ربما نصل الى نتيجة مغايرة لما هو متداول على السطح ، نتيجة تلتقي عندها كل التحليلات والاراء التي تنطلق من سيرورة الاشياء وسنة الحياة ودروس التاريخ التي تؤكد جميعها دخول الولايات المتحدة الاميركية في مرحلة الانهيار والسقوط الطبيعي والتقليدي الذي اتى على كل الامبراطوريات السابقة على مر التاريخ ، بالاضافة الى ان كل السلوكيات الاميركية خلال الاعوام القليلة الماضية تؤكد وبحسب اي تشخيص اولي او سطحي ليست الا عوارض للسقوط والانهيار الذي ربما قد يكون بأسرع ما يتوقعه البعض ، ولعل الاحداث والتطورات التي اصابت الولايات المتحدة خلال العقد الاخير تؤكد صحة وجدية التشخيص السابق .‏

لقد بدأت الولايات المتحدة منذ اكثر من عقد من الزمن وتحديدا منذ احداث الحادي عشر من ايلول التي فبركتها لتكون استهلالا يبرر غزوها للعالم حربها الكاذبة على الارهاب ، لكن العالم الذي صدق حربها تلك ومشى خلفها اكتشف بعد كل تلك السنوات انه لم يكن الا الضحية الابرز لتلك الحروب التي قتلت شعارتها البراقة ملايين الابرياء في مختلف انحاء العالم ، بل على العكس من ذلك فوحش الارهاب الذي ادعت الاخيرة انها لاتزال تحاربه قد تضخم وتمدد الى حدود غير معقولة بفضل سياساتها الحمقاء التي تغذيه بالخفاء وتدعي محاربته بالعلن .‏

من المؤكد ان سلسلة المتغيرات والاحداث التي تعصف بالعديد من دول المنطقة تعبر وبشكل واضح عن فشل وهزيمة المشروع الصهيو- اميركي والغربي ، وبالتالي تعبر عن ولادة عصر جديد بتوازنات ومعادلات مختلفة عن ذي قبل تحكمها قواعد جديدة ترتكز بالدرجة الاولى على منطق العدالة وحماية حقوق الانسان .‏

About this publication