يخطئ من يعتقد إن ما يجري في العراق من فوضى سياسية وأمنية وفساد مخيف ودماء ملأت شوارع العراق واعتقالات واغتيالات وطائفية سياسية قاتلة تمارسها الأحزاب التي تمسك بتلابيب البلاد ، هي ليست انعكاسا لما تشهده المنطقة العربية من صراعات دموية ،سببه إصرار أمريكا وحلفاؤها على تقسيم وتفتيت المنطقة برمتها على الأسس العرقية والقومية والطائفية (مشروع برنارد لويس تحديدا)،وهذا المشروع ليس بجديد فقد وضعه منذ ثمانينيات القرن الماضي،ابتدأه في أفغانستان ومن ثم العراق ليبيا بغزو وحشي تدميري رفع فيه شعارا بذيئا هو الفوضى الخلاقة ،وهكذا جاءت من نتائجه المدمرة فرية الربيع العربي المزعوم ،وما يجري في مصر وتونس حصريا هو حصيلة مخزية لربيع كاذب ،حيث تسيد الحكم فيه الإسلام السياسي،والذي اثبت فشله في كل من العراق وليبيا وتونس ومصر ،لذلك كان طبيعيا ان يثور الشعب على النظام الاسلاموي المتخلف في مصر وتونس ،أما العراق اليوم فهو يخوض مواجهة حاسمة مع نظام طائفي تغذيه وتقف بكل قوتها خلفه هي ايران (تصريحات علي اكبر ولاياتي ممثل خامنئي التي يدعو فيها حكومة المالكي بقمع التظاهرات العراقية بالقوة )،عدا تواجد ومشاركة قوات فيلق القدس الإيراني والحرس الثوري وميليشياتها التي تعيث في العراقيين قتلا وتهجيرا واغتيالا بكواتم الصوت الإيراني وفتح مقرات وهمية تحت مسميات إنسانية واقتصادية وثقافية تحتضنها الأحزاب الإيرانية الصنع والتمويل والتأسيس(هذا الكلام تتحدث فيه الأحزاب والكتل والميليشيات نفسها (تصريحات زعيم عصائب أهل الحق وحزب الله العراقي )وتتباهى به وتهدد العراقيين من خلاله ،عدا ما يعانيه العراقيون من التفجيرات والاغتيالات والاعتقالات والإقصاء والتهميش والتفرد بالسلطة الطائفية ،والفساد الإداري والمالي الذي أصبح على مستوى وزراء الحكومة وكبار الشخصيات في أحزاب السلطة ،في وقت يعيش العراقيون على أدنى مستوى من الفقر والجوع والحرمان والخوف والتجهيل الطائفي المقيت ،لذلك جاءت ثورة العراقيين انطلاقا من عاصمة الرجال الذين أذلوا أمريكا وكلابها المسعورة ،لتعم العراق كله ،فنهضت المحافظات العراقية بغضب مقدس ضد الظلم والإقصاء والتهميش المتعمد الطائفي والدكتاتورية الطائفية ،مطالبة بطلاق سراح المعتقلات في سجون الحكومة السرية والعلنية وإطلاق سراح مئات الآلاف من المعتقلين الأبرياء،وإلغاء قرارات بريمر سيء الصيت حاكم الاحتلال المدني للعراق ،وإلغاء قانون الإرهاب أو ما يسميه العراقيون (4سنة ) في إشارة مقصودة على استهداف المكون السني في هذه الاعتقالات العشوائية المنظمة ضدهم ،إذن نحن إزاء حرب طائفية ليس مع مكون بعينه لان لا توجد طائفية بين مكونات الشعب العراقي أبدا وأثبتته الوقائع على الأرض بمشاركة واسعة لعشائر أهلنا من الجنوب في تظاهرات الانبار وسامراء والموصل وديالى وبغداد ،ولكن الحرب الطائفية التي أعلنتها حكومة المالكي مع الشعب العراق لأهداف وتوجيهات إيرانية من حكام طهران لقمع وقتل اكبر عدد ممكن من العراقيين الثائرين ثأرا لحرب ألثمان سنوات ، لذلك وحسب التقارير والتصريحات الإعلامية ،أن قوة من بغداد جاءت الى الانبار لقمع المتظاهرين (وإنهاء التظاهرات بالقوة (حسب تهديد رئيس الوزراء الأخير) فقامت بفتح النار على المتظاهرين وقتل أعداد كبيرة منهم وجرح العشرات في أبشع ممارسة ديمقراطية أمريكية-إيرانية لقمع مثل هكذا تظاهرات جماهيرية سلمية ونفس الشيء حدث في نينوى وبنفس الأسلوب الجبان (منع واستفزاز المتظاهرين من التعبير عن معاناتهم وظلم الحكومة لهم )،المشهد العراقي في طريقه الى مزيد من التصعيد وإعلان الحرب الحكومية الطائفية ضد المتظاهرين ،في وقت تعيش العملية السياسية موتا سريريا وصراعا دمويا بين الكتل المتنفذة بالحكم ،مع صمت دولي وأمريكي مخجل ،إزاء ما يتعرض له شعب العراق من إبادة وقتل وتهجير وإقصاء منظم،وهكذا تعيش المنطقة كلها في مواجهة حرب عالمية أخرى خاصة ما تشهده سوريا من تلكؤ في إنهاء نظام بشار الاسد الدموي وإطالة مدة بقاءه في الحكم ،في وقت انتهت عملية نصب صواريخ الباتريوت على الحدود التركية الإيرانية ،تمهيدا لعمليات عسكرية قادمة تدعمها أمريكا وحلفاؤها في المنطقة ،ضد ايران وبرنامجها النووي العسكري ،وتنفيذ مخططاتها ومشروعها إقامة الشرق الأوسط الكبير ،العراق في قلب العاصفة ،وما يجري الآن فيه، هو البداية الأكيدة لمرحلة ما بعد الاسد ،إنها الفوضى الأمريكية الخلاقة ،فتبا لها ……….
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.