Obama and His "Extraordinary Support" for the Zionists

<--

أوباما والدعم الاستثنائي للصهاينة

شؤون سياسية

الخميس 4-4-2013

 عبد الرحمن غنيم

حين وقف باراك أوباما ليقول للصهاينة : « نفتخر بوقوفنا معكم كأقوى حليف وأفضل صديق « فإن السؤال الذي يخطر بالبال هو : بماذا يفتخر ؟ .

دعونا نخضع هذه الكلمات على بساطتها للتحليل .‏

– إنه يقف مع الصهاينة ، أي ينحاز إليهم ويصطف إلى جانبهم، وبمنطق العامة فإنه يقف معهم – ولا يقول إنه يتضامن فقط – في الخير والشر وفي السراء والضرّاء وفي السلم والحرب . هذه العموميات لا تغني عن السؤال : أين يقف الصهاينة بالضبط الآن بحيث يقف أوباما وتقف معه أمريكا معهم ؟ . هل هم يقفون موقف الدفاع عن كيانهم المصطنع أم هم يدبّرون ويمكرون لتحقيق الحلم الصهيوني في التوسع بين الفرات والنيل ؟ . مهما كان الجواب على هذا السؤال فإن أوباما – باسم أميركا – يقف مع الصهاينة .‏

– إنه يقف معهم كأقوى حليف . وكلمة « حليف « هنا لها دلالتها الخاصة العسكرية حصراً . فهو حليف لهم سواء في حالة الدفاع أم في حالة الهجوم . وهو ليس الحليف الوحيد ولكنه الأقوى بين الحلفاء وهذا أكيد .‏

وهو يقفُ معهم كأفضل صديق والصداقة تعني المساعدة . ولكن ما هو أهم أن أفضل صديق هو من ينطبق عليه القول إنه « الصديق عند الضيق » وهو بذلك يعطيهم غطاءً أمريكياً دائماً .‏

في ضوء هذه المعطيات نقف عند استخدامه لكلمة « نفتخر » .‏

لا شك أن استعمال هذه الكلمة يدلُّ على أشياء تستحق من صاحبها أن يفتخر مطمئناً إلى أن من يقف أمامهم لن يكذّبوه . وهذه الأشياء يجب أن تكون مدعاة للفخر بالنسبة له أو بالتعبير العامّي « أشياء بْتِحْرز » .‏

لا نظن هنا أن أوباما جاء ليمنّن الصهاينة بأشياء عادية معروفة مثل :‏

– المساعدات المالية الأمريكية المستمرة للصهاينة منذ ما قبل إنشاء الكيان الصهيوني وحتى الآن .‏

تزويد الصهاينة بأحدث الأسلحة وأكثرها فتكاً وعلى حساب الأمريكيين .‏

– قيام أمريكا بمساندة الصهاينة في كل حروبهم والإسراع الى نجدتهم إذا تطلب الأمر ذلك .‏

– اللجوء الى الفيتو الأميركي مراراً وتكراراً للحيلولة دون إدانة الاعتداءات الاسرائيلية من قبل المنظمة الدولية .‏

والسبب في أنّ أوباما لن يمُنّ على الصهاينة بهذه الأشياء أنه إنما يتبع نهجاً سلكه كل أسلافه من الرؤساء الأمريكيين من قبل . وحتى حرب احتلال العراق عام 2003 لصالح مخططات الصهاينة وحساباتهم شنها سلفه جورج دبليو بوش . وبالتالي لا بدّ من وجود أشياء جديدة تمت في عهد رئاسة أوباما نفسه وتستحق أن يقف أمام الصهاينة مفاخراً بها مختالاً وليؤكد أنه هو شخصياً وقف معهم « كأقوى حليف وأفضل صديق « . وبالتأكيد فإن هذه الأشياء ليست القبّة الحديدية التي أثبتت ضعف أدائها أمام صواريخ المقاومة في غزة .‏

هذه الأشياء الجديدة لخصها شمعون بيريز رئيس الكيان الصهيوني حين قال لأوباما : « لقد كان دعمك لإسرائيل ثابتاً ودعمت أمننا بطريقة استثنائية « .‏

يصادق بيريز بهذا الكلام على ما « تفاخر « به أوباما ويحدّد أيضاً ماهيته في أمرين:‏

– الدعم الثابت المستمر « بالمال والسلاح والمساندة السياسية » . وهو أمرٌ فعله أسلاف أوباما أيضاً ، فلا تميّز لأوباما في هذا السياق .‏

– ودعم الأمن الصهيوني بطريقة استثنائية وهذه – أي الطريقة الاستثنائية – هي الجديد لأن هذا الدعم كان قائماً دائماً وأبداً في الماضي بطرق تعتبر عند أصحابها اعتيادية.‏

إن الوقوف عند دلالة « الطريقة الاستثنائية « هنا أمر في غاية الأهمية . فالطريقة الاستثنائية تعني أسلوباً جديداً ومبتكراً ولا مثيل له في الماضي وله أيضاً قيمة استثنائية لا يمكن إدراجها في سياق ما هو عادي .‏

نحن نعرف أن تعبير « الأمن الإسرائيلي « الذي يحرص أوباما دائماً وأبداً على تأكيد التزام الولايات المتحدة به هو تعبير فضفاض . فهو لا يعني فقط « الدفاع عن أمن الكيان الصهيوني ووجوده « كما قد يخطر ببال البعض ولكنه يتضمن أطماع الصهاينة التوسعية باعتبار أن تحقيق هذه الأطماع هو جزء من متطلبات أمن إسرائيل . وهنا نستطيع أن نضع الخطط الرامية الى إعادة رسم خريطة المنطقة بتفتيت الأقطار القائمة وبناء ما يسمّى بـ « الشرق الأوسط الجديد « على أنها من مستلزمات « أمن إسرائيل « . ومعروف أن شمعون بيريز نفسه كان من منظري ودعاة هذا المخطط في كتابه « الشرق الأوسط الجديد « . وهذا يعني أن كلّ السياسات والخطوات التي سلكتها واشنطن في الوطن العربي لصالح هذا المشروع لا تمثل فقط تجسيداً للسياسات الأمريكية ولكنها تعبّر عن خدمة لما يسمّى « أمن إسرائيل « حيث ينطبق على إسرائيل المثل القائل « في كل عرس لها قرص « . فما من عرس لصالح أمريكا إلا ولإسرائيل منه قرص . لكنّ كلّ ما جرى ويجري يمثل بالنسبة للصهاينة شيئاً بينما يمثل « محور المقاومة « شيئاً آخر . فبدون التغلب على محور المقاومة والتخلص منه ستبقى كل الإنجازات الأمريكية الأخرى بلا قيمة عملية بالنسبة للحسابات الصهيونية ، بل إن وجود محور المقاومة لا يشكل فقط عائقاً صلباً أمام حلم التوسع الصهيوني ولكن الصهاينة يرون في بقائه خطراً يهدد استمرار وجود هذا الكيان . ومن أجل مواجهة هذا المحور الممتد من إيران الى فلسطين عبر سورية ولبنان كان على أوباما أن يعتمد ما أسماها بيريز بـ « الطريقة الاستثنائية لدعم الأمن الصهيوني « .‏

نحن نعرف أن قادة الكيان الصهيوني واصلوا خلال السنوات الأخيرة الإلحاح على رأس أوباما مطالبين بعمل ما ضد إيران لوقف برنامج إيران النووي . ونعرف أنهم تظاهروا مرّات ومرّات بالتفلت لضرب المنشآت النووية الإيرانية وجرّ أميركا الى حرب مع إيران . ومن المؤكد أن أوباما المتردّد أمام هكذا حرب أو ورطة وتأثيرها على الاقتصاد الأميركي والأوروبي خاصة أن الاقتصاد الأميركي لا يسمح بتخصيص المزيد من مئات مليارات الدولارات للحرب وأن مثل هذه الحرب ستعاكس وعوده للناخب الأميركي بعدم سلوك طريق بوش .‏

وجد ضالته في أسلوب « الحرب غير المباشرة « باعتبارها « الطريقة الاستثنائية « التي تمكن واشنطن من تلبية متطلبات « أمن إسرائيل « . ومن هنا توافق مع الصهاينة على أن يتمّ التوجه أولاً نحو محاولة التخلص من العقبة السورية خاصة أن هذا يضمن أشياء عديدة من ضمنها أمران :‏

– إنه بتدمير قوة سورية العسكرية وتفتيتها الى كيانات صغيرة متعادية أصبح بوسع إسرائيل أن تنفذ خططها العدوانية التوسعية في المنطقة طالما أن الأقطار العربية الأخرى – بما فيها المستهدفة – تسير تحت إبط أمريكا .‏

– إن السيطرة على الجغرافيا السورية مع إبقاء العراق في حالة إرباك أمني وهو ما يتضح من تكثيف الإرهاب ضد العراق يعني عزل إيران عن جبهة الصراع العربي – الصهيوني ، مما يقلص من أهمية تأثيرها على مجريات هذا الصراع الذي يكون قد حسم على الأرض عملياً .‏

ولأن « الحرب المباشرة « على سورية تعني عملياً إثارة حرب أشمل في المنطقة وربما في العالم ولأنّ مثل هذه « الحرب المباشرة « ستجر على الكيان الصهيوني حتماً ضربات يصعب عليه احتمالها فإن « الحليف والصديق « الأميركي تواطؤاً مع الصهاينة على شنّ الحرب على سورية ولكن بأسلوب « الحرب غير المباشرة « . وقد رتّبَ أوراقه باعتباره « أقوى حليف « فجنّدَ كلّ أتباعه في العالم الذين هم في المحصلة حلفاء لإسرائيل بمجرّد تبعيتهم لواشنطن لشنّ أشرس حرب عرفها تاريخ البشرية حتى الآن على سورية . وهذه مع كل ما جرى من تمهيد لها هي بالضبط « الطريقة الاستثنائية « التي دعم بها أوباما أمن إسرائيل فحقّ له أن يفتخر أمام الصهاينة بما فعل . لكن الطرفين الأميركي والصهيوني يفضلان تبادل الكلمات المموّهة بدلاً من التصريح بحقيقة ما يفعلان . فلا أوباما يريد , ولا الصهاينة يريدون كشف أسرار هذه الحرب القذرة قبل أن تكون هذه الحرب قد انتهت حتى لا يؤدّي ذلك إلى التأثير على مجرياتها .‏

والآن من المؤكد أن أوباما جاء إلى فلسطين المحتلة ليبحث مع الصهاينة في الخطوة التالية من هذه الحرب . والواقع أن السؤال المطروح الآن هو التالي : هل آن الأوان لتحويلها من « حرب غير مباشرة « إلى « حرب مباشرة « ؟ . وإذا كان الأوان قد آن فمن يقوم بالخطوة الأولى ،إسرائيل بشكل مباشر أم الناتو عبر تركيا بحيث تظل إسرائيل بمنأى عن مخاطر الحرب طالما أن هناك « حليفاً وصديقاً « قادراًعلى تجنيد القوى التابعة له للقيام بالدور المطلوب منها لصالح إسرائيل في حرب تقودها إسرائيل عملياً ولكن من وراء الستارة الأمريكية ؟ .‏

إن الإجابة على مثل هذه الأسئلة ليست سهلة . فالأميركي يعلم بأنه في حالة الانتقال الى « الحرب المباشرة « وبغض النظر عمّن يبدأ التحوّل سيكون من الصعب إن لم يكن من المستحيل الجزم بالحصول على سورية كما لو كانت « بيضة مقشرة « تعطى للكيان الصهيوني . فخطر انتشار الحرب لتعمّ المنطقة هو خطر وارد . وربما اتسع نطاقها أكثر .‏

لا شك أن ما يحدث يعكس قمة المكر اليهودي الصهيوني . ولا شك أن السؤال المطروح الآن عندهم : « هل نقف عند هذا الحد ؟ أم نتابع ؟ . وإذا تابعنا ما الأدوات الجديدة التي يمكن زجّها في الحرب بعد أن فشلت الأدوات التي جرى زجّها سابقاً في الوصول الى الغاية المطلوبة ؟ « .‏

ولأنّ هذا هو السؤال المطروح كان على أوباما أن يبدأ جولته في المنطقة بزيارة الكيان الصهيوني ليتم في مطبخ المكر الامبريالي – الصهيوني تحديد الخطوة التالية وفي ضوء ذلك يتوجه أوباما الى أتباعه ليبلغهم بأدوارهم في المرحلة القادمة . وما دام أوباما « الحليف والصديق « للصهاينة ومن أدار لحسابهم حرباً شاملة ولكن غير مباشرة ليدعم أمن إسرائيل وأحلامها التوسعية « بطريقة استثنائية « قد ولج الباب الصهيوني أولاً فهذا يرجح أن كل التوقعات حول جنوح واشنطن إلى خيار السلام في سوريةهي توقعات لا أساس لها ذلك أن الصهاينة لن يقبلوا حتماً بهذا الخيار ولأنّ أوباما « الحليف والصديق « لن يرفض أهواء الصهاينة في متابعة الحرب على سورية وتوسيعها بأيّ وسيلة ممكنة . وإذا وضعنا في اعتبارنا أن هذه الجولة جاءت سابقة لعقد قمة الأعراب في الدوحة وأن خطوة تشكيل « حكومة مؤقتة « من قبل طرف في المعارضة برئاسة غسان هيتو قد سبقت كلاً من الجولة والقمة فمن الواضح أن التوجه الأميركي في مواصلة المؤامرة هو توجه قائم بالفعل وأن كل التوقعات المخالفة لا تجد ما يسندها على أرض الواقع . فمن غير المتصور أن تلجأ قطر وتركيا إلى خطوة من هذا القبيل دون إذن السيّد الأميركي . وبالتالي فإن أوباما مستمر في تقديم دعمه الاستثنائي للصهاينة وكل الأدوات التي عملت في خدمته لتأمين هذا الدعم لا تزال جاهزة لأداء ما هو مطلوب منها وكل ذلك إنما يتم دعماً لأمن إسرائيل . ولنتذكر أن العقوبات والضغوط التي مورست على إيران ولا تزال تمارس عليها بذريعة ملفها النووي إنما تتم أيضاً لمساندة أمن إسرائيل .‏

About this publication