الرؤســـاء الأمــيركـــيون والقضــــية الفلســــطينية
شؤون سياسية
الاثنين 15-4-2013
حسن حسن
منذ أن كانت قضية فلسطين محل أخذ ورد في أروقة الأمم المتحدة في العام 1947، أي قبل تأسيس« إسرائيل» وحتى قبل صدور قرار التقسيم، وحتى يومنا هذا، مازلنا نشاهد سيناريو يتكرر بين الأنظمة العربية والرؤساء المتعاقبين على سدة البيت الأبيض في واشنطن، وخلاصة السيناريو،
أنه كلما حل رئيس أميركي جديد في البيت الأبيض ، علقت الأنظمة العربية كل آمالها على أن يخفف الرئيس الأميركي الجديد من غلواء الانحياز الأميركي الأعمى إلى « إسرائيل» ويتخذ موقفاًَ أكثر توازناً بين العرب والحركة الصهيونية، يؤدي إلى ايجاد تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، بما للولايات المتحدة من وزن في السياسة الدولية من جهة، وبما لها من حظوة ونفوذ وقدرة ضغط على الحركة الصهيونية « إسرائيل» من جهة ثانية ومنذ سبعة عقود مازلنا نشاهد تكرار السيناريو ذاته، بكل حذافيره: كلما علق العرب مزيداً من الآمال على الرئيس الأميركي الجديد، انتهت ولاية هذا الرئيس المزدوجة/8سنوات/ أو المنفردة/4سنوات/ بمزيد من الانحياز الأميركي الأعمى إلى الصهيونية وإلى « إسرائيل».
بدأ السيناريو مع الرئيس هاري ترومان، الذي كان يعتقد أنه معاد للصهيونية، بل هناك من كان يصنفه معادياً للسامية، ولما ترشح للانتخابات الرئاسية الأميركية، جاءه وفد من اللوبي الصهيوني يبلغه أنه إذا لم يتخذ موقف التأييد الأميركي لقرار تقسيم فلسطين، فإن أصوات اليهود الأميركيين ستصب بالإجماع في مصلحة منافسه المرشح جون ديوي.
وكانت النتيجة، كما تقول لنا الوثائق التاريخية، أن الولايات المتحدة لم تكتف يومها بتأييد القرار 181 القاضي بتقسيم فلسطين لمنح الحركة الصهيونية دولة فيها بل وقفت على رأس القوة الدولية الضاغطة بالاكراه وبالتهديد وبالاغراء على الدول المترددة في هذه المسألة أو المعارضة لها.
ومنذ ذلك التاريخ كان تصرف الإدارة الأميركية يمارس عملية غض الطرف عملياً عن هذا الفارق بين المساحة الفلسطينية التي احتلت بقوة السلاح والمساحة التي يحددها قرار التقسيم واعتبار هذا الفارق مكافأة ممتازة للاحتلال الصهيوني لايتم غض النظر الأميركي عنها فحسب بل يتم تشجيعها والتصفيق لها والسماح لأوروبا (فرنسا وبريطانيا) بتزويدها بالسلاح النووي منذ الخمسينيات.
وقبل الوصول إلى الفترة الأخيرة في العقدين الأخيرين نذكر بالمحاولة الشهيرة التي قام بها الرئيس جمال عبد الناصر في الستينيات مع الرئيس الأميركي الجديد يومها جون كيندي عندما بعث إليه برسالته الشهيرة التي يحاول أن يذكره فيها بالحقائق الأساسية للقضية الفلسطينية والتي وردت فيها عبارة عبد الناصر الشهيرة عن أن نشأة القضية الفلسطينية بدأت «عندما أعطى من لايملك الأرض لمن لايستحق».
لكن خيبة الأمل بالموقف الأميركي يومها خاصة بعد اغتيال جون كيندي وبعد حرب 1967 انتهت بجمال عبد الناصر إلى موقفه التاريخي: «ما أخذ بالقوة لايسترد بغير القوة» وقد كان يعني بذلك كل الأراضي العربية المحتلة وليس سيناء فقط بعد ذلك المنعطف أصبح كل رئيس يأتي إلى البيت الأبيض يبز أسلافه في المبالغة بتأييد «اسرائيل» وكل عمليات العدوان والاحتلال التي كانت تقوم بها وكل مخالفاتها لكل القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.
لم يشذ عن القاعدة حتى يومنا هذا شذوذاً طفيفاً إلا الرئيس الأسبق جورج بوش الأب الذي نفذ قراراً بوقف موازنة المساعدات الأميركية لـ «اسرائيل» لأنها خالفت طلبه بوقف بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة لكنه سرعان مادفع ثمن هذا الموقف المخالف للسيناريو المعتاد بإسقاطه عندما ترشح لدورة رئاسية ثانية مع أنه كان بطلاً لحرب أميركية منتصرة ضد احتلال صدام حسين للكويت.
منذ ذلك الحادث، عاد سيناريو تعامل الرؤساء الأميركيين الجدد مع «اسرائيل» إلى المسار التاريخي المعروف: كلما حاول رئيس أميركي جديد (جمهورياً كان أم ديمقراطياً) ايجاد ثغرة في جدار القضية الفلسطينية أفشله الضغط الصهيوني والتخاذل العربي وسجل انتصاراً جديداً للحركة الصهيونية على سيد البيت الأبيض في واشنطن.
مايلفت النظر بعد هذه النتيجة استمرار رضوخ الدولة الأميركية للضغط الصهيوني من خلال الاستمرار الأميركي في العملية السلمية بالشروط «الاسرائيلية المتعنتة بل المستحيلة لكن ذلك في النهاية هو استمرار طبيعي لسيناريو العلاقات الأميركية- الاسرائيلية إلا أن مايدعو للدهشة والاستغراب بل والاستنكار هو وقوف لجنة المتابعة العربية ورئاسة السلطة الفلسطينية موقف مواصلة العملية بالأسلوب الفاشل والعاجز نفسه أسلوب الاعتماد فقط على احتمال تطور الموقف الأميركي، يبقى السؤال الأكبر: ماذا بقي للعرب من تمسكهم بالبدائل التي مازالت كلها تعتمد على الموقف الأميركي؟!
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.