The Boston Explosions: He Who Sows the Wind Reaps the Whirlwind!

<--

شؤون سياسية

الاثنين 22-4-2013

 عبد الحليم سعود

بغض النظر عن الجهة المسؤولة عن اعتداءات بوسطن الأميركية، وقبل استباق نتائج التحقيق الذي تجريه السلطات الأميركية بناء على الصور التي التقطتها الكاميرات للمشتبه بهم في مكان الاعتداء،

فإن ما حدث لم يكن مفاجئاً لأحد؛ لأن سياسة البلطجة والاستعلاء والمعايير المزدوجة التي تتبعها الإدارة الأميركية في تعاملها مع العالم لا تزال كما هي دون تغيير، فالأساطيل الأميركية التي تحمل رسائل التهديد والعدوان للأمم الأخرى تجوب بحار ومحيطات العالم دون توقف، والقواعد العسكرية الأميركية التي تتدخل في شؤون الشعوب والدول منتشرة في الكثير من مناطق العالم، والأسلحة الأميركية الفتاكة هي الأكثر وجوداً بين أيدي الإرهابيين والأكثر استخداما من قبلهم، ولا سيما الكيان الصهيوني.‏‏

وقبل أن نتعمق في دراسة الأسباب التي أدت إلى هذه الاعتداءات لا بد من التأكيد على أن أي عمل من شأنه إزهاق أرواح المدنيين دون سبب موضوعي ومبررات مقبولة، هو عمل إرهابي مدان ومن شأنه أن يعطي دفعة جديدة لثقافة الكراهية التي تعتبر الولايات المتحدة من أكثر الدول التي ساهمت في تعزيز ونشر هذه الثقافة على مستوى العالم. ولفهم ظاهرة الإرهاب وأسبابها لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن الحروب والنزاعات العسكرية، المسبّبة للمآسي الاجتماعية الواسعة، تمثل البيئة الخصبة لنمو الإرهاب وترعرعه، كما أن الدول الفاشلة، التي قد تولد من رحم الحروب هي الحاضنة الأولى للإرهاب ومجموعاته المتطرفة، ولا شك أن فلسطين وأفغانستان والصومال والعراق تعتبر نماذج واقعية لفهم ظاهرة التطرف والإرهاب، وليست مصادفة أن تكون الولايات المتحدة شريكة أو مسؤولة مسؤولية مباشرة عما جرى ويجري في هذه الساحات، ولا يختلف اثنان على أن رعاية الولايات المتحدة للإرهاب في أفغانستان بشكل مباشر ساهم في حدوث اعتداءات 11 أيلول عام 2001. ربما لاحظ العالم كيف ارتبكت السلطات الأميركية ورئيسها باراك أوباما بعيد وقوع تفجيرات بوسطن، ولولا أن الكاميرات التي تغطي فعاليات ماراتون بوسطن قد نقلت حقيقة ما جرى على الهواء مباشرة، لربما سمعنا رواية أميركية مختلفة تماماً، رواية من شأنها خدمة السياسة الأميركية الحمقاء في العديد من الملفات والقضايا، وخاصة البرنامج النووي الايراني وملف الأزمة في سورية، وهما ملفان للولايات المتحدة اليد الطولى في تأجيجهما وتأزيمهما إلى الحدود القصوى.‏‏

بمطلق الأحوال ليس هناك أي رابط بين ما يجري حيال ملف إيران النووي، أو الأزمة في سورية أو القضية الفلسطينية على الأقل، فالتحقيقات الأولية والمعطيات ذهبت باتجاه تحميل مسؤولية التفجيرات لأفراد على قاعدة «ذئب وحيد»، فالمشتبه بهما إلى هذه اللحظة شخصان يحملان الجنسية الشيشانية، ومن حيث المبدأ لا يمكن أن نلحظ أي صلة بين ما يجري في الشيشان ـ مجموعات مسلحة انفصالية تحارب الدولة الأم روسيا ـ وبين اعتداءات بوسطن الأخيرة، إلا من وجهة واحدة هي أن العناصر المسلحة الإرهابية في الشيشان هي عناصر مرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي وتحمل نفس أفكاره التكفيرية «الجهادية»، وهذا التنظيم في العلن هو تنظيم معاد للولايات المتحدة، وسبق أن هدد باستهدافها كثيراً في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد مقتل زعيمه أسامة بن لادن بعملية خاصة في باكستان في أيار من العام 2011 حسب الرواية الأميركية.‏‏

القراءة العامة لحدث التفجيرات وردود الأفعال المرتبطة بها تشير إلى عمل إرهابي ذي دوافع غامضة، بدليل عدم قيام أي جهة بإعلان مسؤوليتها عنه كما تجري العادة، وهذا ما يترك للسلطات الأميركية حرية توظيفه واستثماره داخلياً أو خارجياً بالشكل الذي تراه مناسباً، وإن كان يشكل صفعة لسياسة أوباما وإدارته التي تدعي محاربة الإرهاب في مكان بينما تدعمه وتمارسه في أماكن أخرى.‏‏

واقع الحال يشير إلى أن الولايات المتحدة تحصد ثمن سياستها الفاشلة حول العالم، فتنظيم القاعدة لم يكن ليولد لو لم تقم الولايات المتحدة وأدواتها في المنطقة بإنشائه وتمويله وتسليحه ليكون أداة في يدها لمحاربة الاتحاد السوفييتي سابقاً، وكثير من الحركات المتطرفة والإرهابية في العالم ولدت من رحم الحروب والتدخلات الأميركية، ولا تزال التجربتان العراقية والليبية الماثلتان في أذهان العالم صالحتين للبرهان على أن من يزرع الريح سيحصد العاصفة، فأول إنجازات المجموعات المسلحة التي دعمتها واشنطن في ليبيا وأوصلتها إلى سدة الحكم كان هو قتل السفير الأميركي في بنغازي وبقية القصة معروفة.‏‏

وأما بخصوص الأزمة في سورية فتمارس الولايات المتحدة وبعض حلفائها دوراً تخريبياً، يتمثل في دعم وتسليح مجموعات وميليشيات مسلحة موالية لتنظيم القاعدة تقوم بقتل الشعب السوري وسرقة وتخريب ممتلكاته، في الوقت الذي تعلن فيه أنها صنفتها كمنظمات إرهابية، ولن يطول بها الوقت لتكتشف خطأ وفداحة سياستها الهمجية، ولعلها باتت شابه بمن يقوم بتربية الأفعى السامة في حجره.‏‏

About this publication