US Participation and Messages of Escalation

<--

المحاصصة الأميركية ورسائل التصعيد

الافتتاحيــة

الثلاثاء 23-4-2013

بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم

يأتي الإعلان عن لقاء لافروف وكيري في بروكسل من دون مقدمات تمهيدية، ليعيد طرح العديد من الأسئلة المؤجلة، أغلبها لا يتعلق بالعوامل التي اقتضت أن يكون على عجل،

بل بالدوافع التي تحرك السياسة الأميركية التي دفعت بزعيم دبلوماسيتها إلى تحديد موعد استجد على روزنامة الاستحقاقات الأميركية، واقتضى اتصالاً هاتفياً صبيحة اصطفافه العلني والمباشر مع أصدقاء الإرهاب في اسطنبول.‏

في الجانب الروسي لم تكن المعطيات توحي بأن لديها ما يستدعي لقاء من هذا النوع، ربما لم يكن مدرجاً على أجندة الحسابات الروسية في المرحلة الحالية، لكنه يشكل فرصة سانحة كي تعيد روسيا التذكير بالإطار الذي يحكم مقاربتها لحل الأزمة في سورية.‏

لذلك، قد تبدو تلك الأسئلة مشروعة في أكثر من اتجاه، إذ إن الأوراق التي يحملها كيري تبدو عبئا عليه أكثر مما هي معه، وتثقل عليه أكثر مما تخفف عنه، وقد بالغ في الاستعجال بحملها دفعة واحدة، وغامر في الإبقاء على المحترق منها، وبعضها لا تزال نار اشتعاله متقدة، وهي داخل حقائبه، وبالتالي من البديهي أن تطرح التباساً في المسعى الأميركي القائم واتجاهاته الفعلية.‏

في المبدأ.. ليس من الصعب قراءة الترابط بين الرسائل الأميركية المتتالية التي تسبق اللقاء، سواء ما تعلق منها بزيادة المساعدات الأميركية للإرهابيين، أم بصفقات التسليح التي يتفاخر بها وزير الحرب الأميركي في أول إطلالة له على المنطقة، ويفاخر في الاتجاهات التي جاءت من أجلها، حيث العمل الأميركي على مختلف الجبهات حتى المتناقضة بينها، ليس جديداً ولا هو خارج قاموس الاعتياد الأميركي.‏

فإذا كانت الإدارة الأميركية قادرة على الإسهاب في شرح مغزى ذلك التزامن، فإن كيري سيبقى عاجزاً عن تقديم تفسير منطقي لهذا الانخراط المباشر والعلني في علاقة متعددة الأبعاد مع الإرهاب من جهة، ودخول وزير الحرب الأميركي على خط النفخ بالرؤوس الحامية في إسرائيل، و«ربيبتها» الفارغة في مشيخات الخليج من جهة ثانية، في وقت تريد أن تقنع العالم بأنها فعلاً جادة في البحث عن حلول سياسية وبأسرع وقت.‏

ما نتمناه أن يكون الانطباع الروسي بالرغبة الاميركية مطابقاً لما سيطرحه كيري اليوم، وأن تتوافر المؤشرات المقنعة، رغم أن السلوك الأميركي لا يشي بذلك، بل يناقضه، ووقائع «الحربجية» الاميركية لا تترك مجالاً للشك في المسعى الأميركي المحموم في اتجاه آخر حتى لو كان في إطار تحسين شروط جلوسه على الطاولة.‏

لذلك، فإن التحذير الروسي للدول الأوروبية «غير الواعية» التي تتسابق من اجل رفع الحظر عن توريد الأسلحة للإرهابيين، قد يقتضي تحذيراً مشابهاً للأميركيين بأن اليد الممدودة للإرهاب لا تلتقي مع اليد المفتوحة للحل السياسي، وحتى شركاؤهم الاوروبيون الخائفون على مقعدهم في صفوف أصدقاء الإرهابيين، ليسوا خارج المعادلة، سواء أجلوا رفع حظر تصدير السلاح أم ذهبوا باتجاه سرقة النفط السوري حيث لا فارق ما دام سلاحهم وبالقرينة يصل يد الإرهابيين، وما ينطبق على الأصيل ينسحب على الشريك لأنّ ما عوّلوا عليه من لعب على الوقت لكسب مزيد من الأوراق أو للمحاصصة وفق مقارباتهم المرتهنة لحسابات الإرهاب، لم يحقق ما أرادوه، وأصوات استغاثة مرتزقتهم وإرهابييهم شاهد وقرينة.‏

في كل الأحوال، يدرك الاميركيون أن حسابات حقل مرتزقتهم وأدواتهم لم تطابق حصاد بيدر أصدقاء الإرهاب، وما عجزوا عنه في اسطنبول لن يجدوا تعويضاً عنه في بروكسل، بل ما خسروه هناك سيتضاعف هنا، وما فشلوا في تمريره تحت عناوين متلونة لا يمكن أن يعبر من القناة الروسية التي تحصي للأميركي أخطاءه، وترصد له هفواته وزلاته، وتراكم من نقاط ضعفه حتى يحين وقت المحاصصة الفعلية، على أساس نقاط القوة والضعف.‏

About this publication