Washington and the Undemocratic Arab Spring

<--

هل بات على الولايات المتحدة الأميركية أن تقلق ومبكرا من سيرة ومسيرة ما أطلقت عليه الربيع العربي والذي هو في حقيقة الأمر شتاء أصولي ?

بعد نحو عامين من الثورات أو الانتفاضات العربية التي ساندتها الولايات المتحدة الأميركية, وربما دعمت من وراء الستار نشوءها وارتقاءها, تبدو واشنطن في قلق وحيرة وتشاؤم تجاه مستقبل تلك الدول التي جرت بها المقادير على النحو الذي رأيناه.

في التقرير السنوي الذي يصدر عادة عن وزارة الخارجية الأميركية كل عام حول حقوق الإنسان, نجد أن واشنطن اليوم باتت أكثر تشاؤما مما كانت عليه قبل عام, وبنص كلمات التقرير نجد أن ” الأمل الذي ولد في الأيام الأولى ليقظة العالم العربية قد اصطدم بالواقع المر المتعلق بعمليات الانتقال المثيرة للجدل والمنقوصة”.

يصاب المرء بالحيرة من جراء تلك الكلمات, فهل واشنطن شاركت في صنع تلك الانقلابات وعليه يفترض سيطرتها بنسبة أو بأخرى عليها أم أنها فوجئت بها ?

لعل المتابع المحقق والمدقق لما جرى في واشنطن وتحديدا في شهر أغسطس من العام 2010 قد رصد ذلك الأمر الرئاسي العالي المهم للغاية الذي أصدره اوباما لكل الوكالات التنفيذية للاستعداد للتغيرات التي سيشهدها العالم العربي, وقد كان ما كان, فأين إذن المفاجأة التي تتحدث عنها الخارجية الأميركية? أم أن الأمر معد له بعناية ومدبر تدبيرا محكما لتقسيم المقسم ?

مهما يكن من أمر الإخفاق العربي أو المؤامرة الأميركية فان المحصلة النهائية باتت تفيد بان الانتقال الديمقراطي للمنطقة لن يسير في خط مستقيم بل سيكون هناك حكما بعض الانتكاسات “.

لماذا لا يدهش المرء من تقرير الخارجية الأميركية?

الشاهد أن غداة عرض الوزير لتقرير وزارته كان يشدد على فكرة الردة أو الانتكاسة على دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان في الدول التي تمر بمراحل انتقالية مثل مصر وليبيا وتونس متهما حكوماتها بالتلكؤ في ضمان حقوق الأطراف الأكثر ضعفا أي الأقليات وفي مسار بناء مؤسسات ديمقراطية .

هذا الحديث الذي يطنطن به كيري ينافي ويجافي مواقفه في زيارته الأخيرة للقاهرة وقد أغمض عينيه عن قتل أكثر من أربعين مواطنا في يوم واحد في مصر, ولم ير إلا مسيرة ديمقراطية لحكومة الإخوان المسلمين, الأمر الذي دعا العديد من الأطراف والأطياف السياسية المصرية لاعتباره “شخصا غير مرغوب فيها”.

تشاؤم الإدارة الأميركية عنوان يدعو ومن جديد لإعادة قراءة المشهد الأمريكي ما فوق السطور وما تحتها تجاه حركات ما سمي الربيع العربي, فهل راهنت واشنطن على الجواد الخاسر مسبقا, لاسيما وانه كانت هناك بدائل أخرى أمامها غير التيارات الأصولية في المنطقة العربية ?

لنأخذ النموذج المصري على سبيل المثال, وتحليله, ربما يقودنا إلى فهم فكرة التضاد القائم في العقلية الأميركية منذ زمن بعيد .

فالثابت انه بعد نحو ثلاثين عاما ونيف من صداقة الرئيس المصري السابق حسني مبارك لواشنطن والخدمات الستراتيجية الجليلة التي قدمها لإدارات عدة فيها بدءا من رونالد ريغان وصولا لباراك اوباما تم التخلي عنه بطريقة غير أخلاقية وغير لائقة بشهادة هنري كيسنجر ثعلب السياسة الأميركية الأشهر, لكنها هي هي الطريقة الأميركية في التخلي عن أصدقائها من اجل مصالحها ولهذا فالآتين من بعد لا يثقون في واشنطن لمعرفتهم مسبقا بالميكانيزمات التي تنتهجها في علاقاتها مع زعماء الدول الحليفة .

اختارت واشنطن الرهان على الإخوان المسلمين, ماذا كانت النتيجة ?

النتيجة هي ” حيرة واشنطن في رهانها على مصر مرسي والإخوان المسلمين من جراء البداية المتعثرة للديمقراطية الأميركية المنشودة “… لماذا الحيرة الآن ?

ببساطة لان هناك تفاوتا كبيرا ومفارقة واضحة بين القيم الاسمية والرسمية التي تنادي بها الولايات المتحدة وبين الآليات البراغماتية التي تسعى واشنطن من خلالها لتحقيق أهدافها تجاه مصر سواء كان ذلك حول التعاون في القضايا الإقليمية وحقوق المرأة وقوانين الاحتجاج وحرية التعبير أو في الخطاب الطائفي من جانب جماعة الإخوان المسلمين .

عشرة أشهر من حكم الاخوان المسلمين في مصر أكدت والعهدة هنا على الراوي البروفيسور إميل نخلة المسؤول الكبير السابق في جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية صدق مخاوف وشكوك الكثير من العلمانيين العرب والليبراليين والمسلمين من غير الإخوان المسلمين من انه بمجرد وصول الأخوان المسلمين إلى السلطة من خلال الانتخابات فسوف يحبطون الديمقراطية ويستبدلونها بنسختهم الخاصة من الحكم الثيوقراطي أو الحكم الإلهي .

هل تشاؤم واشنطن هذا يغير من طرائقها في تعاطيها مع الملفات الساخنة المفتوحة في المنطقة ?

انظر إلى الملف السوري وماذا ترى ?

الحديث الآن يدور عن دعم “المعارضة المعتدلة” لا عن دعم الثوار السوريين أو جبهة النصرة المنتمية ل¯ “القاعدة” وهذا دليل على تغير اتجاه الدفة في يد الملاح الأميركي.

غير أن الكارثة وليست الحادثة في الآثار التي ترتبت على التحولات في الدول التي وصل فيها الفصيل الراديكالي للحكم, فهل كانت واشنطن تريد بالفعل تلك الفوضى أم أنها خانتها تقديراتها كالمعتاد?

في كل الأحوال تبقى شعوب تلك الدول هي الخاسر الأكبر.

About this publication