Image of US in Hollywood

<--

صورة أميركا في “هوليوود”

إذا كان الفن في ثقافتنا يتعلق بمجرد التسلية والترفيه، وربما الترف وملء الفراغ؛ فإنه ليس كذلك بالنسبة للمجتمعات المتقدمة. لنأخذ السينما كمثال.

البعض يرى أن “هوليوود” ما هي إلا أداة من أدوات (هيمنة الإعلام) على حد تعبير “تشومسكي”، واختزلها البعض الآخر في أنها مجرد آلة ضخمة مسخرة لنشر ثقافة أميركا.. مجرد وسيلة لفرض العولمة، أو الإمبريالية إن شئتم. وربما كان معهم الحق إذا ما نظرنا إلى عدة أعمال سينمائية تؤكد هذه الفرضية. ولكن هذا ليس إلا جزءا من الحقيقة. وإذا أردنا فهم “هوليوود” جيدا ينبغي علينا فهم المجتمع الأميركي أولا.

أميركا بلد مؤسسات وأحزاب ومنظمات.. و”هوليوود” أميركا مصغرة، وشركات الإنتاج العملاقة هدفها الأول تحقيق الأرقام القياسية في شباك التذاكر، والأهداف الأخرى تأتي تباعا.

“هوليوود” وجدت في أميركا وليست في أي بلد عربي أو شرق أوسطي حتى تتقاطع مصالحها بالكامل مع مصالح الحكومات. “هوليوود” تفضح وتعري سياسات أميركا في الداخل والخارج على السواء، مثلما تمتدح رمزا قوميا أو سياسة حزب متطرف. ولكن كأننا نريد من “هوليوود” أن تعالج قضايانا العربية، ولو فعلت لأمطرنا عليها اللعنات ونعتناها بالتدخل السافر في شؤوننا.

سأشير إلى فيلمين ينتقدان أميركا من الداخل، يعريان أداء الأجهزة الأمنية في بعض ملفات الجرائم التي أصبحت قضايا رأي عام. وهذا الانتقاد يطال السلطات الثلاث ولا يقتصر على واحدة منها.

فيلم Changeling يكشف ملفات الفساد في شرطة لوس أنجليس، عبر استعراض قصة واقعية لمأساة أم تعرض ابنها للاختطاف فأحضروا لها فتى آخر من أحد الملاجئ ليكون بديلا عنه! الفيلم الآخر snitch أنتج هذا العام ويسلط الضوء على معاناة أب اتهم ابنه ظلما بتجارة المخدرات ليحكم عليه بـ10 سنوات إلزامية، ويشترط للإفراج عنه الوشاية بمتهمين آخرين بالاتجار في المخدرات، ليتولى الأب المهمة..

إذا كانت “هوليوود” تحاول إقناعك بأن أميركا شرطي العالم وقاضيه ومنقذه من أي خطر؛ فليس ذنب القوي أنه كذلك، لكنها في ذات الوقت لا تتوانى عن نقد مجتمعها وسلطاته.

“هوليوود” مرآة مستوية، تعكس وجه الثقافة الأميركية.

About this publication