A World Without Secrets!

<--

عالم بلا أسرار! * أسامة الشريف

فضيحة البرنامج الحكومي الرسمي الأميركي للتجسس على مواطنين وغيرهم من خلال اختراق حساباتهم الإلكترونية من بريد ومواقع تواصل اجتماعي ومكالمات هاتفية وغير ذلك، بمعرفة وتواطؤ مزودي الخدمة، هزّت العالم بأسره ولم يجد دفاع الرئيس أوباما الباهت عنها.

سيتم تشويه صورة كاشف هذه الحقائق ادوارد سنودن، والذي عمل لدى وكالة الاستخبارات الأميركية وتجسس على مواطنين وغيرهم من خلال برنامج استخباراتي قومي، كما تعرض مؤسس «ويكيليكس» جوليان اسانج الى حملة مماثلة لكشفه مئات آلاف الوثائق السرية الرسمية حول حربي العراق وافغانستان.

ما يعنينا أمر واحد: لا أسرار في عالم الاتصالات الكونية اليوم، وما تنبه اليه وتنبأ به جورج اورويل قبل عقود في روايته الخالدة «1984» يحدث اليوم بشكل عادي. لا تثقوا بـ»فيس بوك» ولا بـ»ياهو» ولا بـ»غوغل» ولا بـ»أبل» ولا غيرها. الكل معرض للتجسس ولا يدور حديث أو ترسل رسالة الكترونية إلا والحكومة الكونية الأميركية وحليفاتها لها بالمرصاد.

قلنا مرارا إن الأثر الرقمي لا ينمحي مهما ضغطت على زر المحي في جهاز الحاسوب الشخصي. ملايين الرسائل الإلكترونية تسجل لدى وكالات الأمن القومي في شتى انحاء العالم. وبعيدا عن دستورية وقانونية هكذا إجراءات فإن المدعو سنودن كشف الغطاء عن برنامج متكامل تدعمه الحكومة الأميركية وتتشارك معه حكومات أخرى للتجسس على ملايين المواطنين في أنحاء العالم.

هذا هو الأخ الكبير الذي بشر به الروائي اورويل. انه في كل مكان، يرقب ويتنصت ويتجسس ويتدخل عندما يحلو له ذلك. لا توجد خصوصية في الفضاء التفاعلي وكل ما قيل لنا عن ضمان المزود للخصوصية وحمايتها مجرد هراء. انت متهم حتى تثبت ادانتك في فضاء الانترنت، واليوم نكتشف أن مكالماتنا الخلوية مرصودة ايضا. من يسيطر على الشبكة يسيطر ايضا على مستخدميها.

أحيانا أحس أنني أحسد روبنسون كروزو، الشخصية الروائية الخيالية التي عاشت لوحدها على جزيرة نائية بعيدا عن الحضارة. من يخلصنا من عبء الحضارة التي نعيش ونحتفي بها؟ انها مصيدة لأحلامنا وافكارنا وخطايانا!

لا هروب من الأخ الكبير الذي يسيطر على الشبكة العنكبوتية! هو معنا وثالثنا في كل مرة نعبر فيها عن أنفسنا. كنا ساذجين وحالمين وبسطاء. اليوم نعي أننا مجرد حساب في منظومة كبرى ترى وتعي كل شيء عنا!

About this publication