يقول الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري إنهما مصممان على حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستعصي؛ فهما لن يستخدما العصا والجزرة للقيام بذلك معاً بل الجزرة فقط !
بدأ ذلك مع زيارة أوباما لإسرائيل التي تتصف بالمبالغة في الإطراء والمجاملات التي لا نهاية لها قائلاً كل الكلمات المناسبة مثل “الدولة اليهودية” وزيارة جميع الاماكن مثل “ياد فاشيم” و منصة “القبة الحديدية” وحتى تقديم المزيد من المال إلى إسرائيل أكثر من المساعدات العادية والتي تبلغ 3.1 مليار دولار سنوياً. وافق الكونغرس هذا الأسبوع على منح نصف مليار دولار إضافي لإسرائيل لإجراء مزيد من الأبحاث على التصدي للصواريخ.
استخدم جون كيري أيضاً سياسة الإطراء بقبوله نهج نتنياهو للسلام من خلال تعزيز “السلام الإقتصادي” ورفض التصريح علانية عن أية مطالب لإسرائيل لتنفيذ التزاماتها الدولية في ما يتعلق بتجميد الأنشطة الإستيطانية غير القانونية او الاعلان عن قبول مرجعية المفاوضات على أساس حل الدولتين على حدود ال67.
على الرغم من كل هذ الإطراء ، فإنه لا يزال على الحكومة الإسرائيلية أن تناقش الموضوع، ناهيك عن التصويت على سؤال بسيط ألا وهو هل تقبل دولة إسرائيل حل الدولتين؟ صرح نائب رئيس الوزراء داني دانون بهذا مدعياً أنه إذا وصل الأمر إلى التصويت فإن غالبية الوزراء الإسرائليين سوف يصوتون ضد مفهوم حل الدولتين المتفق عليها بالإجماع دولياً كأسس الحل. لا أحد يعرف ماذا سيكون موقف الحكومة الإسرائيلية بدلاً من ذلك كحل لانتهاء الإحتلال غير المشروع المستمر للأراضي الفلسطينية منذ 46 سنة وللسيطرة العسكرية على حياة الملايين من الفلسطينيين.
عندما أرجأ جون كيري زيارته الخامسة إلى المنطقة في غضون عدة أشهر تقريباً، قليلون هم الذين كانوا مستعدين أن يقولوا بأن خطة أوباما وكيري قد فشلت رغم أن القيادة الأميركية قد فشلت بشكل واضح أن تحدث أبسط الإختراقات ألا وهي إقناع الإطراف أن يتفقوا على أساس المفاوضات، فإن إدارة أوباما الثانية لا تزال في سنتها الأولى وينبغي على المرء في هذه المرحلة ألا يتحدث عن فشل هذه الإدارة.
ولكن حتى لو كان من السابق لأوانه بالنسبة لواشطن ان تعلن فشلها في إستئناف محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين فإن هذا التأجيل ينبغي أن يوفر لجون كيري وفريقه بعض الوقت للتفكير في آلية عمله الشاملة لبلوغ الهدف المتمثل في حل الصراع.
ولكي نكون منصفين فإنه يبدو أن جون كيري لديه استراتيجية من ثلاثة أرجل: هناك الصعيد الأمني والإقتصادي والسياسي. في شأن الأمن، فإن الولايات المتحدة قد أرسلت الضابط السابق “الجنرال آلن” من أفغانستان للمساعدة في معالجة الإحتياجات الأمنية لإسرائيل. وعلى الصعيد الإقتصادي، أعلن كيري في المنتدى الإقصادي العالمي عن الخطة التي ستضخ 4 مليارات دولار من الإستثمارات والمساعدات الإقتصادية العالمية في المناطق الفلسطينية. وسياسياً، فإن كيري وفريقه على حد سواء كانوا ولا يزالون يعملون جاهدين على الجبهة اليهودية الأميركية ومع نتنياهو للوصول إلى صيغة من شأنها أن تسمح باستئناف المحادثات وجهاً لوجه.
إن من يراقب اللهجة واللغة التي تستخدمها الولايات المتحدة مع الإسرائيليين سيشعر بدون شك بأن الإميركيين بشكل أساسي يلتمسون موافقة الإسرائيليين على المحادثات. ليس هناك في المحادثات أي تلميح أو أية لغة جسد يعكس حقيقة بسيطة مفادها أن إسرائيل هي المعتدية الآن بعد مرور 46 عاماً وأن إجماع المجتمع الدولي ينص بأن إسرائيل يجب أن تغير مسارها السياسي.
الأوروبيون الذين يحاولون المساعدة دون أن يظهروا أنهم يحلون مكان الجهود الأميركية قد ركزوا على الحاجة إلى الإستثمار في وادي الأردن ومناطق أخرى من أراضي “ج”. كما أنهم يضغطون بشدة من أجل عملية منفصلة ومعنونة من شأنها أن تنهي تزوير المنتجات المصنوعة في المستوطنات القائمة في فلسطين المحتلة كما لو أنها مصنوعة في إسرائيل وبالتالي تحصل على معاملة تفضيلية على أساس الإتفاقات بين الإتحاد الأوروبي وإسرائيل.
يرفض الأميركيون إجراء أي ضغط على الإسرائيليين. ليس هناك جزرة وعصا في خطة واشنطن بل كلها جزرة ويتمتع الإسرائيليون بكل فلس من “سخاء” دافعي الضرائب الأميركيين.”
إن مصالح الولايات المتحدة في المنطقة والعالم ما زالت تقتصر على هذا الإطراء المبالغ به والذي تتلقاه إسرائيل دون استحقاق. سوف يأتي وقت عندما يستيقظ الأميركيون لهذه الحقيقة البسيطة. وكلما أسرعوا كلما كان ذلك أفضل لجميع الأطراف المعنية وكذلك أفضل للسلام.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.