Open Letter to the American President

<--

السيد الرئيس باراك أوباما، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، “الشعب المصرى يتفهم تماما أسباب ما تعانونه من تخبط وارتباك، وبما جعلكم تتجاوزون حدود التدخل السافر فى الشئون الداخلية لمصر، وصولا إلى الدعم العلنى لجماعة خارجة على القانون، تهدد المواطنين علنا وعلى شاشات الفضائيات ببحور من دم، نحن نتفهم ذلك لكننا لا نغفر، ولا نسامح.

لقد تدخلت القوات المسلحة المصرية لتلبية مطالب شعب نزل منه 33 مليون مواطن إلى الشوارع يطالبون بإسقاط نظام (جماعة دينية فاشية خارجة على القانون)، ونعرف ويعرف العالم أجمع أن هذا قد أزعجكم، ببساطة لأنه أجهض مخطط تحزيم المنطقة بأنظمة تتخفى وراء الدين لتحمى مصالحكم وترعى الأمن الإسرائيلى، لكننا لا نعرف ما هى علاقة الديمقراطية والشرعية التى تتشدقون بها بما فعله الجيش الأمريكى فى العراق؟.

قبل أقل من عشر سنوات، داست الإدارة الأمريكية بغرور وعنجهية وحماقة على الشرعية الدولية ممثلة فى مجلس الأمن، وصمت آذانها عن أصوات كل شعوب العالم متظاهرة فى الشوارع رافضة للغزو الأمريكى البربرى للعراق، ودفعت بالجيش الأمريكى ليسقط النظام العراقى ويمزق الدولة العراقية، وعندما كنتم هنا فى القاهرة، عام 2009، اكتفيتم بالقول –على منصة جامعة القاهرة- إنه كان يمكن التصرف بطريقة أخرى، ثم رحت تلملم أشلاء جيوشكم المهزومة فى العراق.

ولئن كانت صدمة سقوط رهانكم على تنصيب جماعات القتل والإرهاب لتحكم بلاد الربيع العربى، قد أصابتكم بالعمى، وجعلتكم تروجون لأكذوبة الانقلاب العسكرى فى مصر، فقد كان عليكم أولا أن تقولوا لنا لماذا لا يكون من حق الجيش المصرى (أن ينقلب) على النظام المصرى، ويكون من حق الجيش الأمريكى أن يسقط النظام العراقى، بدلا من أن تسمعونا ذلك العواء القبيح عن انقلاب عسكرى فى مصر.

ومن المؤسف أن يكون على رأس الإمبراطورية الأمريكية رجل لا يقرأ التاريخ، ولا يعرف أن المصريين أسقطوا فى حرب السويس إمبراطوريات عظمى، وأحالوها إلى دول من الدرجة الثانية والدرجة الثالثة، عندما كانت بلادكم، فى نفس ذلك الوقت، تعيش فى ظلام المكارثية والتمييز العنصرى.

كانت السلطات فى بلادكم تطارد المناضل (الأسود) العظيم، مارتن لوثر كنج، وكانت القاهرة تفتح له أبوابها على مصراعيها، ولو أنك قرأت التاريخ لشعرت بالخجل مما تقوله الآن على المصريين وما تفعله سفيرتكم غير المرحب بها فى القاهرة.

لكنك للأسف لا تجهل التاريخ وحسب، لكنك لا تجيد قراءة حصاد ما تزرعه أيديكم، لقد زرعتم طالبان فى أفغانستان فحصدتم النتيجة فى نيويورك، ورعيتم الإرهاب فى العالم فحصدت البشرية ضحايا أبرياء فى أربعة أرجاء العالم، فى محطات المترو وفى المحلات التجارية وفى الشوارع وفى النوادى الليلية وفى سباقات الماراثون.. إلخ؛ لكنكم مازلتم بنفس الغباء ترعون وتدعمون عصابات تهدد المصريين علنا بالقتل والترويع وأنهار دماء تسيل فى الشوارع، وتدفعون بسفيرتكم غير المرحب بها فى القاهرة للتنسيق مع أشخاص يعرف العالم كله تاريخهم فى الإرهاب والإجرام، ولا يعرف أحد موقعا رسميا لهم فى الدولة، يبرر لسفيرتكم الذهاب إليهم فى مكاتبهم.

تتشدقون بالديمقراطية وفى بلادكم قانون «معاداة السامية» يطارد ويلاحق كل من يفكر فى انتقاد إسرائيل، ليس فقط داخل الولايات المتحدة، إنما فى أربعة أركان الأرض، قانون هو بكل المقاييس وصمة عار فى جبين الإنسانية، ويكفى أنه أحال الدولة الأمريكية إلى شرطى لدى إسرائيل، بؤرة (خميرة) الإرهاب فى العالم؛ ولئن أردتم حماية أمن إسرائيل، فهذا شأنكم لكن عليكم أن تتحملوا وحدكم النتائج.

ليس ذنب المصريين أنكم راهنتم على حصان خاسر وأحمق، واعتقدتم أن الشعوب التى ثارت على الفساد والاستبداد والتبعية يمكن أن تقبل بعصابات إرهابية تحكمها، حتى وإن منحتها، لأسباب كثيرة مختلفة، فرصة إثبات القدرة على حكم البلاد وتلبية مطالب الناس.

المصريون لم يراهنوا على أحد، لكنكم فعلتم، ولن نتحمل نتائج خسارتكم الرهان، فليس ذنبنا أن كل رهاناتكم فاشلة وخاسرة، من طالبان إلى العراق إلى مصر، فعليكم وحدكم أن تتحملوا نتائج حماقاتكم وتحصدون ثمار ما تزرعونه من بذور إرهاب فى مختلف بقاع العالم.

وختاما لا تدسوا أنفكم فى الشأن المصرى، لأن المصريين قادرون على بترها”.

About this publication