Settlements Will Remain an Obstacle to Peace

<--

قال وزير الخارجية الأمريكية إن ملف الاستيطان يجب ألا يكون عائقاً أمام استئناف مفاوضات السلام، وهذا يعني بقاء الحال على ما هو عليه، وتخلي الطرف الفلسطيني عن شرط تجميد الاستيطان، واستمرار النهج الصهيوني، في بناء المستعمرات الصهيونية .

إنه من العبث تخلي الطرف الفلسطيني عن شرط تجميد الاستيطان، وهو الذي دخل في تجربة طويلة ومريرة مع الطرف الصهيوني، في مفاوضات عبثية، لم تفض إلى أي محصلة، تواصل خلالها بناء المستعمرات الصهيونية، التي التهمت المزيد من الأرض ولم تترك أملاً لدولة فلسطينية كاملة السيادة، كما أنها قوضت فكرة حل الدولتين . وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تتبنى حل الدولتين، وتؤكده، فإنها يجب أن تلزم الكيان الصهيوني بوقف الاستيطان .

صحيح أن الكيان الصهيوني يعتبر الاستيطان أساساً في عقيدته الاستعمارية العنصرية، وأنه منذ قيامه كان الاستيطان نهجه المتواصل للاستحواذ على المزيد من الأرض الفلسطينية، وقد استحوذ فعلا على مايقرب من 78% من أرض فلسطين، ويقسم المستوطنات على المتبقي من الأرض الفلسطينية، وهو مايقرب من 22% . فعلى أي مساحة من الأرض الفلسطينية، ستقوم الدولة الفلسطينية؟ وكيف يمكن الوصول إلى حل الدولتين؟ إن الولايات المتحدة الأمريكية، تمارس دورا متناقضا في ما يتعلق بالاستيطان، فهي في الوقت الذي تعتبره غير قانوني، تقف موقفاً مشجعاً في مجلس الأمن باستخدام حق النقض ضد اجماع يدين الاستيطان في فبراير/شباط 2011 .

إن تبني الولايات المتحدة الأمريكية، لفكرة حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية، يحتم عليها إلزام الكيان الصهيوني بوقف الاستيطان، وهي في مقدورها أن تفعل ذلك إن أرادت، لما تملكه من أوراق ضغط قوية . ولكنها تنأى بنفسها عن استخدام أي ورقة ضغط في ما يتعلق بالكيان الصهيوني، وخصوصاً في موضوع الاستيطان . ولقد قدمت للكيان الصهيوني قبل بضع سنوات حوافز مغرية على الصعد العسكرية والاقتصادية والسياسية، مقابل تجميد جزئي ومؤقت للاستيطان، ولم يفلح ذلك في ثني الكيان الصهيوني عن مواصلة سياسته الاستعمارية العنصرية، ولم تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية، أيا من أوراق الضغط لديها، الأمر الذي يوضح إلى حد كبير أن الولايات المتحدة الأمريكية، لا تقف موقفاً موضوعياً وجاداً تجاه الاستيطان، بل تترك الحبل على الغارب للكيان الصهيوني لمواصلة نهجه الاستعماري العنصري والقضاء على فكرة الدولة الفلسطينية وكذلك على فكرة حل الدولتين .

إن الاستيطان عائق أمام السلام، وسيظل عائقاً طالما استمر الكيان الصهيوني في مواصلة بناء المستعمرات التي تلتهم الأرض الفلسطينية . ومن العبث أن يدخل الطرف الفلسطيني في مفاوضات يلتهم خلالها الكيان الصهيوني المزيد من الأرض الفلسطينية . وعلى الولايات المتحدة الأمريكية أن تدرك أن وقف الاستيطان شرط لنجاح فكرة حل الدولتين التي تتبناها، وأن مواصلة بناء المستعمرات الصهيونية قضاء على هذه الفكرة . وقد أقر وزير الخارجية الأمريكية ذاته أن فكرة حل الدولتين ستنتهي خلال سنتين إن لم يتم انتهاز الفرصة لإنجاز السلام .

ربما جاء هذا الإقرار تحفيزا للطرفين لاغتنام الفرصة والدخول في مفاوضات تفضي إلى تحقيق فكرة حل الدولتين، ولكن هذا الإقرار تجاهل أن أساس المعضلة هو الاستيطان، وهو الذي سينهي فكرة حل الدولتين، وأن وقف الاستيطان، شرط ضروري لنجاح المفاوضات، وشرط لنجاح فكرة حل الدولتين التي تتبناها الولايات المتحدة الأمريكية . ولذلك فإن نقطة البدء في المسار الصحيح، لأي مفاوضات جادة، هي وقف الاستيطان، ولا يمكن ترك الحبل على الغارب للكيان الصهيوني لممارسة نهجه الاستعماري والاستحواذ على المزيد من الأرض الفلسطينية والقضاء على فكرة حل الدولتين .

ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية تدرك هذه الحقائق، ولكنها تقفز عليها أو تتجاهلها مجاراة للمنظور الصهيوني الذي يعتمد سياسة الاستيطان محوراً رئيسياً في صلب عقيدته الاستعمارية العنصرية، وضغطت على الطرف الفلسطيني للتخلي عن شرط تجميد الاستيطان، وهذا الضغط في غير موضعه، لأن الضغط يجب أن يكون على الكيان الصهيوني الذي يواصل نهجه في الاستيطان العقبة الكؤود أمام السلام وأمام تحقيق حل الدولتين الذي تتبناه الإدارة الأمريكية .

إن الضغط على الحلقة الأضعف في المعادلة، يعني القبول بسياسة الكيان الصهيوني في مواصلة بناء المستعمرات الصهيونية، والتهام المزيد من الأرض الفلسطينية، وإكراه الطرف الفلسطيني على الدخول في مفاوضات تمثل غطاء لسياسة الاستيطان وفي ذات الوقت تجميل صورة الكيان الصهيوني باعتباره محبذا للسلام، بينما هو يواصل الاستيطان الذي يعتبر في حد ذاته جريمة حرب على الأرض الفلسطينية والحق الفلسطيني .

وما أفصح عنه وزير الخارجية الأمريكية من ان ملف الاستيطان يجب ألا يكون عائقاً أمام استئناف مفاوضات السلام، يتناغم مع المنظور الصهيوني الذي يرفض شرط تجميد الاستيطان كمدخل لمفاوضات مع الطرف الفلسطيني . والإدارة الأمريكية حين حاولت اقناع الطرف الفلسطيني بالقفز فوق شرط وقف الاستيطان، إنما تساند الكيان الصهيوني في مواصلة بناء المستعمرات الصهيونية على الأرض الفلسطينية والتهام المزيد من الأرض الفلسطينية والقضاء على فكرة الدولة الفلسطينية .

About this publication