An American Struggle: America on the Banks of the Nile

<--

صراع أميركي – أميركي على ضفـاف النيـل

صالح القلاب

عندما يكثر الطباخون «تشيط» الطبخة وحقيقة أنَّ كل هذا الزحف الأوروبي والأميركي.. وأيضاً العربي في إتجاه مصر بعدما حصل فيها ما حصل إنْ كان ليس كله فبعضُه على الأقل ليس نظيفاً وأهدافه غير نبيلة وأنَّ غايته هي تحويل هذا البلد الكبير العظيم ساحة للصراعات الإقليمية والدولية وعلى غرار ما حدث مع سوريا التي بعد إستقبالها لـ»دابي» الجامعة العربية تعددت الأيدي التي إمتدت نحو الطبخة السورية فكانت النتائج هذا الذي نراه الآن.

كان غريبا ذلك الموقف المبكر الذي إتخذته سفيرة الولايات المتحدة «المُبْعدة» آن باترسون بالإنحياز إلى طرف واحد هو «الإخوان المسلمون» وعلى عينك يا تاجر وكان الأغرب من هذا هو الموقف المبكر أيضاً الذي إتخذته الموفدة الأوروبية «الجميلة»!! كاترين آشتون وكل هذا جعل المصريين والعرب يشعرون بأن وراء الأكمة ما وراءها وأنَّ هناك لعبة دولية لتمزيق مصر وإلحاقها بالطريق الذي سارت عليه سوريا التي أبتليت بأن تـُقاد من قبل مجموعة من المغامرين والمراهقين سياسياً أوصلوها إلى هذه الأحوال التي توجع قلوب المخلصين والمحبين لهذا البلد العربي الذي كان يوصف بـ»قلب العروبة النابض» فأصبح قلب النزعة الطائفية البغيضة بقيادة الولي الفقيه علي خامنئي.

لا شك في أنَّ وليم بيرنز، نائب وزير الخارجية الأميركي الذي عرفناه عن قرب سفيراً لبلاده هنا في المملكة الأردنية الهاشمية، من أفضل دبلوماسيي العالم وأوسعهم أفقاً وأطولهم بالاً ولهذا فإنه قد تعامل مع الأوضاع المصرية الملتهبة بأسلوب دبلوماسي راقٍ ورائع وعلى العكس تماماً مما فعله ثنائي الكونغرس الأميركي جون ماكين وليندسي غراهام اللذين وصفهما الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنهما في هذه المهمة لا يمثلانه ولا يمثلان إدارته وإنما يمثلان نفسيهما.. ومن أرسلهما والمقصود هنا هو الحزب الجمهوري.

ولعل ما يدل على كم أن ماكين هذا ومعه رفيقه في هذه المهمة التي أثارت الكثير من الأسئلة والتساؤلات قد تجاوزا كل حدود اللياقة الدبلوماسية وأنهما تماديا في حشر أنفيهما في أمور مصرية داخلية لا تعنيهما أنَّ الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور قد وجه إليهما عبر مستشاره الإعلامي إنتقادات لاذعة جداً جاء فيها :»إن ماكين يزيِّف الحقائق وأن تصريحاته الخرقاء مرفوضة جملة وتفصيلاً» والمعروف أنَّ هذين المسؤولين الأميركيين قد بشَّرا في تصريحات لاحقة بأن مصر ذاهبة إلى الحرب الأهلية!!.

ويبدو أن ماكين وزميله غراهام قد جاءا إلى القاهرة وبكل هذه السرعة، بينما كان بيرنز يقوم بمهمته في العاصمة المصرية بهدوء وبدون إستعراضات ولا قذف الجمر المتَّقد في كل إتجاه، للتخريب على الديموقراطيين ولإظهار عجز الرئيس باراك أوباما وإدارته عن حلِّ أيٍّ من الأزمات المتفجرة في الشرق الأوسط من الأزمة العراقية إلى الأزمة السورية إلى الأزمة المصرية إلى الأزمة الفسطينية-الإسرائيلية وبالطبع إلى الأزمة الليبية والتونسية واليمنية والحقيقة أن هذا واضح كل الوضوح وأنَّ ماكين قد جاء ليسدد حساباته القديمة مع الحزب الديموقراطي على ضفاف النيل وأنه جاء للتخريب ولدفع مصر نحو هاوية كالهاوية التي سقطت فيها سوريا.

إنَّ المعروف أن هناك غراماً قديماً يجمع الأوروبيين بالإخوان المسلمين وأن المعروف أيضاً أنَّ الأميركيين قد ورثوا علاقة الأوروبيين بـ»الإخوان»، إنْ في مصر وإنْ في كل مكان، وأنهم إعتمدوا عليهم في التحشيد لذلك «الجهاد» القديم لإخراج الروس من أفغانستان وأنهم بقوا يعتبرونهم القوة الوحيدة القادرة على تجنيب دول الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا الوقوع في الفراغ وبالتالي الغرق في العنف والحروب الأهلية المدمرة… لكن ما هو غير معروف هو أن تصر الولايات المتحدة، قبل أن تحسم أمرها وتحدد موقفها، ويصر الإتحاد الأوروبي على التعامل مع عنوانين في مصر، الدولة من جهة و»الجماعة» الإسلامية من جهة أخرى، وهذا هو ما أطال أمد هذه الأزمة الخطيرة وهذا هو ما جعل القيادات الإخوانية تُصر على شروطها التعجيزية.

About this publication