Significance of Foreign Interventions

<--

شهدت الساحة المصرية خلال الأيام العشرة الأخيرة زيارات مكثفة لوفود عربية وأجنبية.. بعضها حمل الصفة الرسمية. وأخري ذات صبغة شعبية. وثالثة تحمل الصفة الحقوقية.. جميع هذه الوفود أعلنت علي الملأ أنها تسعي لوحدة الصف المصري. ولكن الحقيقة التي لم تتجرأ علي إعلانها أن الكل جاء يبحث عن مصالحه الخاصة. أو عن دور يمارسونه تطلعاً لمنافع يمكن الحصول عليها مستقبلاً. وهو ما يعد تدخلاً مفضوحاً في الشئون المصرية يجب علي المصريين جميعاً رفضه والتصدي له.

وللأسف أقول إن هذه التدخلات ما كان لها أن تتم دون توافر أرضية داخلية. ووجود أطراف مصرية تتطلع لمساعدات خارجية لتحقيق مكاسب سياسية داخلية أو الاستقواء بها لحسم صراع مع قوي معارضة. وأؤكد بصفتي متابعا ومحللا للأوضاع أن الطرف الذي حين يتوجه للاستنجاد بالخارج يكون في الوقت نفسه قد اعترف بفشله في الحصول علي تأييد شعبي داخلي يمكنه من المنافسة مع معارضيه. ومن ناحية أخري نحذر الذين يتطلعون للعون الخارجي سيكونون في النهاية خاسرين لأنهم سيخضعون لابتزاز الأجنبي الذي يحسب جيداً تكلفة كل خطوة. ولن يتدخل إلا إذا تأكد أنه سيحصل علي مكاسب تعادل أضعاف ما دفعوه. ولا أستبعد أن يكون الثمن سلب حرية مصر أو تقسيمها. ساعتها لن يغفر الشعب المصري العظيم خيانة الذين جلبوا المعتدين لتدنيس تراب مصر.

ويعتبر التدخل الأمريكي الأكثر فجاجة. ليس من أجل الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان كما تتشدق باترسون وماكين وغيرهما. ولكن من أجل مصالح بعيدة عن ذلك. كشفت عنها صحيفة “ديلي نيوز” الأمريكية التي كتبت تقريراً نشرته علي موقعها الإلكتروني يوم 26 يوليو الماضي تحت عنوان “10 أسباب توضح أهمية مصر للمواطن الأمريكي”.. والمجال لا يتسع لذكر الأسباب العشرة لكن أهمها أن الأحداث في مصر تؤثر علي مستقبل الشرق الأوسط كله. كما تؤثر بشدة علي الأمن القومي الأمريكي لأنه يؤثر بعمق علي مئات الآلاف من المصريين الذين يحملون الجنسية الأمريكية والملايين من الأمريكيين العرب والمسلمين. وملايين المصريين المنتشرين في أوروبا والعالم.. ولفتت الصحيفة إلي أن أحد الأسباب يتمثل في أهمية الجيش المصري الذي يوفر مظلة أمنية لكثير من دول العالم العربي. بما في ذلك العديد من دول الخليج العربي الصغيرة. حيث يمتلك الشرق الأوسط حوالي 65% من احتياطيات النفط في العالم. وينتج نحو 30% من النفط في العالم. وعلي الرغم من أن واشنطن تحصل فقط علي حوالي 20% من الواردات النفطية من العالم القديم. إلا أن عدم استقرار مصر سيؤثر علي حصول أمريكا علي الوقود. كما سيؤثر علي العديد من الحلفاء المقربين لأمريكا.. ومن الأسباب التي ذكرتها الصحيفة الأمريكية يتمثل في أهمية قناة السويس التي يمر بها ما بين 8% إلي 12% من حجم التجارة الدولية. وتوفر علي السفن آلاف الأميال من المسافة التي تقطعها في رحلاتها من آسيا إلي أوروبا. ومن آسيا إلي الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية. وبافتراض أنه تم إغلاق قناة السويس. لن تؤثر فقط علي هذه النسبة. بل ستؤثر علي أسعار العديد من السلع في جميع المجالات.

وأتفق مع رؤية البعض بأن الاهتمام الدولي وبالتالي التدخلات تعكس أهمية مصر الاستراتيجية وتأثيراتها الكبري علي المنطقة المحيطة بها. بل وتمتد إلي العالم أجمع.. والذي يبرز أهمية مصر التاريخية أن الله عز وجل ذكرها في كتابه العزيز في أربعة وعشرين موضعاً. منها ما هو بصريح اللفظ. ومنها ما دلت عليه القرائن والتفاسير. كما ذكرت بعض الدراسات أن مصر ذكرت في العهدين القديم والجديد 698 مرة.

ولكن مع احترامي لهذا الرأي يدفعني للمطالبة بأنه يجب أن يكون هذا التدخل في حدود المسموح به. ويراعي مصالح وثوابت الشعب المصري.

وفي الختام أؤكد أن إرادة الشعب المصري هي الفيصل في المعركة. ولن يسمح لأي قوة أجنبية مهما كان جبروتها أن تغير من توجهاته. والحاكم الذي لا يحميه شعبه لن تؤمنه التدخلات الأجنبية.

About this publication