America’s State of Denial

<--

حالة نكران أميركية !

محمد كعوش

قبل اغتياله بقليل قال روبرت كنيدي في خطابه الاخير ما معناه ان ترحيل المشكلات والازمات الحالية دون حل ستكون تركة ثقيلة تحملها الاجيال القادمة. والحقيقة ان ادارة الرئيس اوباما، على ضعفها، تحمل تركة ثقيلة من المشكلات والازمات التي تركها جورج بوش الابن نتيجة سياسات خاطئة وقرارات متهورة.

الثابت ان الولايات المتحدة خسرت الكثير على الصعيدين المالي والعسكري في افغانستان والعراق، وحجم هذه الخسائر افقدها القدرة على ادامة سيطرتها وهيمنتها على العالم، تحت عنوان النظام العالمي الجديد. وهذه الازمات هي التي اضعفت ادارة الرئيس اوباما وحالت دون تنفيذ برنامجه في الاصلاح والتغيير الذي تبناه في حملته الانتخابية واعلنه في خطابه عندما تسلم منصب الرئاسة.

كذلك لم تتوقف قوى الشد العكسي في الولايات المتحدة عن نشاطها التخريبي، فقد واصل اركان الحزب الجمهوري من المحافظين الجدد

نشاطهم فحاولوا دفع الرئيس اوباما باتجاه حافة الهاوية عندما شجعوه على توجيه ضربة عسكرية الى سوريا وبعدها شن عدوان على ايران، رغم مصاعبه الاقتصادية، وهم يعرفون عواقب مثل هذا العمل العسكري المتهور.

ولكن نجح الرئيس بوتين بسحب فتيل الانفجار في المنطقة عندما رمى للرئيس اوباما بطوف النجاة واخرجه من موقف لا يحسد عليه، وذلك عبر الاتفاق الروسي الاميركي الذي اخمد النار الاقليمية في الشرق الاوسط قبيل اشتعالها. وتبع ذلك الاتصالات التي تمت في الامم المتحدة بين واشنطن وطهران، والتي عززت مرحلة من الهدوء في المنطقة.

اللافت ان هذا الواقع لم يعجب اسرائيل، وقد ظهر ذلك واضحا وجليا في الخطاب الذي القاه نتنياهو في الامم المتحدة الطافح بالتحريض والحشد والتجييش والجنوح الى الحرب، والذي قال فيه ان اسرائيل ستمنع ايران من تطوير قدراتها النووية حتى لو بقيت وحدها، كما دعا الى الاستمرار في تشديد العقوبات على سوريا وايران. وحين ردد نتنياهو هذه العبارات والتهديدات كان يستند الى تأييد اللوبي الصهيوني والمحافظين المتشددين في الولايات المتحدة.

في الحقيقة انه لا يمكن الدفاع عن موقف الرئيس اوباما ولا ادارته الضعيفة، ولا السياسة الخارجية الاميركية، فالكل منحاز الى جانب اسرائيل وامنها ومصالحها، والكل يغيّب العدالة حين يتعلق الامر بالمصالح الاسرائيلية. والكل يعيش في حالة نكران بحيث لا يريد البعض في الولايات المتحدة ان يفهم او يدرك ان العالم يجتاز حالة من التغيير، وان عالما جديدا يتشكل الان.

هذا البعض الاميركي المتشدد لا يرضيه التفاهمات الاميركية الروسية، ولا الاتصالات الاميركية الايرانية، ولا الغاء ا وتأجيل العدوان الاميركي المقرر على سوريا. فهذا التفاهم المشترك على الجبهة الخارجية، الذي خفف التوتر على الصعيدين الاقليمي والدولي، ازعج الفريق المتشدد في اميركا واسرائيل، فتم فتح جبهة اميركية داخلية ضد ادارة اوباما، تمثلت في رفض الكونغرس للموازنة، وهي الازمة التي ادت الى اغلاق باب الحكومة الاميركية، ووقف الانفاق والعمل الى اشعار آخر، بحيث اصيبت الادارة الاميركية بالشلل.

هذه الازمات تثبت ان الولايات المتحدة اصبحت في وضع لا يؤهلها لقيادة العالم منفردة، ولا يمكنها من مواجهة دول سياسية واقتصادية صاعدة باتت تمثل القطب الاخر، والتي فرضت توازنا في القوى الاقتصادية والقوة العسكرية في عالم جديد متغير تتطلع فيه الشعوب المقهورة الى شيء من العدالة.

الاثنين 2013-10-0

About this publication