The Peace Process and Kerry’s Travels

<--

وسط اجواء سياسية مشحونة بالسخط والإحباط يعيشها الشارع والمفاوض الفلسطيني على خلفية السياسات الاسرائيلية التي تحشر المفاوض في زاوية حرجة وتضعه أمام خيار ليس بوسعه تفعيله نظرا للالتزام الدولي بالسقوف الزمنية يحط وزير الخارجية الامريكي كيري في جولته الجديدة مصحوبا بتسريبات وتكهنات عن صيغة أو أفكار أمريكية ستعرض على الجانبين في حال فشل الجانبين في احراز تقدم على صعيد قضيتي الحدود والأمن خلال الاسابيع القادمة..

التقدير يقول أن الولايات المتحدة تضع في حسبانها اولويات توخي الفراغ السياسي في عملية السلام ،لذلك تسرب عبر الاعلام الامريكي والاسرائيلي منذ اسابيع اطروحة الافكار الامريكية ..ورغم ان النفي أو عدم التأكيد بشأن هذه التسريبات كان سيد الموقف فلسطينيا واسرائيليا وامريكيا،الا أن واقع الامر يشي أن بحوزة الخارجية الامريكية رؤية تقريبية سيتم تسويقها كأرضية لمفاوضات حول الحل الدائم تقنع الفلسطيني بالبقاء حول الطاولة،تأتي في سياق مبادرة السلام العربية ومغلفة ببعدي الأمن والاقتصاد والضمانات للجانبين..

الاعتقاد السائد لدى الفلسطينيين أن الراعي الامريكي،اكثر جدية من اي وقت مضى في اطار سعيه لتحقيق تقدم على صعيد عملية السلام ،قد يكون هذا الاعتقاد من مبررات الدبلوماسية والكياسة واعتقده كذلك،السؤال ،هل لدى الادارة الامريكية ارادة سياسية بهذا الاتجاه؟ ام أن التكهن يأتي ضمن قراءة أن الانخراط في تسويات ترتيبات الخارطة الاقليمية الجديدة تقتضي التهدئة على جميع المسارات وضمنها المفاوضات الفلسطينية؟

في واقع الامر يميل معظم المتابعين ،الى التقدير القائل باعتبار الترتيبات الاقليمية الجديدة كعوامل اساسية تقف خلف الاندفاعة الامريكية لتحقيق تقدم ما بملف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية ،تقدم لا يعني بالضرورة الذهاب بعيدا في الحل أي إلى تسوية تاريخية…من جانبها تدرك إسرائيل أن عليها التساوق مع التوجه الامريكي ولا اعتقد أن سياسة امتعاض رئيس الحكومة الاسرائيلية نتانياهو على خلفية اتفاق جنيف بين ايران والغرب، تنطوي على تعارض مع هذا التوجه.

ولعل الاخير يسعى لتحقيق مكتسبات سياسية ومادية من وراء ذلك ، وبالتالي لا يجد مفرا من الانحناء للرغبة الامريكية التي يؤمن في قرارة نفسه أنها ليست اكثر من سحابة عابرة تمليها الظروف ،والاهم أن «فيتو» تعطيل أو عرقلة أي تقدم في مراحل لاحقة يبقى امتيازا اسرائيليا ستقبله واشنطن .

على سبيل المثال ،الذهاب لانتخابات مبكرة وخلط الاوراق لأشهر تقتضي انتظار ترتيب الخارطة السياسية الاسرائيلية مجددا (انظر انتخابات 1999)،ولن يجد الفلسطيني مفرا من الاستجابة لدعوات الانتظار التي لا يقوى على معارضتها لاعتبارات متعددة..

ومن جانبه يرى المفاوض الفلسطيني،أن لا مفر من الدخول في هذه المفاوضات رغم الاعتقاد المسبق بأن هذه المفاوضات لن تؤتي اكلها ،وقد اعرب الرئيس عباس عن قناعته بذلك في اكثر من مناسبه تمهيد لقرارات بديلة،وبالتالي يعزو قرار الانخراط بالمفاوضات ضمن معايير غير واضحة وارضية هشة لقيت معارضة فلسطينية من قطاعات واسعة،إلى اعتبارات دبلوماسية تفرض عليه ذلك ولا يمكن تجاوزها،وهو لا يمانع في تقبل هذه الصيغة ويرى أنها ستوفر له الغطاء والمسوغ السياسي في تفعيل خياراته البديلة على المسرح الدولي في مراحل لاحقة في ضوء الفشل المتوقع…

هذا ما يفسر التزام الجانب الفلسطيني بالسقف الزمني لهذه المفاوضات التي وصفها احد الكتاب الامريكيين إيان لاستيك في بحث اعده بعنوان «وهم حل الدولتين» بالمناقشات ،بمعنى انها لم ترتق لمستوى التعريف الحقيقي لمصطلح مفاوضات.

في موازاة ذلك ،ووسط مماطلة اسرائيلية خلال الشهور الاربعة الاولى من هذه المفاوضات ،وفي ظل تأخر الأمريكي كما هي العادة منذ عشرين عاما في تجسير الفجوات وانقاذ الوضع من الانهيار والضغط على اسرائيل باعتبارها الطرف المعطل، تأتي المساعي الامريكية التي لم تخرج حتى اللحظة عن نطاق «قيل وقال» ولم تكتسب أي صفة رسمية على المستويات كافة،تأتي لتعزز فرضية دبلوماسية تدوير الزوايا وهي فلسفة امريكية بامتياز، والذهاب مجددا الى فتح الصيغة الزمنية وتوسعة السقوف الى مديات جديدة ،لا شك بأنها تفرغ المفاوضات من أي قيمة سياسية وتبقي الأمل بحلول تسووية بعيدا جدا عن متناول اللحظة الفارقة من عمر القضية.

About this publication