مرور 40 عاما على اغتياله في مدينة دالاس، في 22 نوفمبر 1963، وهو في الـ46 من عمره، مثّل فرصة جديدة لاستعادة ملامح، ومسيرة الرئيس الأميركي جون كينيدي سواء على المستوى السياسي، أو على مستوى حياته الشخصيّة الزاخرة هي أيضا بما يثير ويدهش ويفتن لا الناس العاديين فقط، وإنّما أيضا السينمائيين والروائيين.
وخلال الأربعين سنة الماضية، أنجزت عديد الأفلام وصدرت عديد الروايات مركّزة بالخصوص على حادثة اغتياله المريعة التي لا تزال محاطة بالغموض إلى حدّ هذه السّاعة. وكلّ تلك الأفلام وتلك الروايات جعلت منه الرئيس الأميركي الأكثر حضورا في الذّاكرة الأميركيّة بعد إبراهام لنكولن الذي اغتيل هو أيضا في 15 أبريل 1865.
نهاية بطل أميريكي بامتياز كما في أفلام الـ”وستارن” الشهيرة. وبصورة مدهشة، جسّد جون كينيدي أيضا “الحلم الأميركي”. فهو ابن العائلة الإيرلنديّة الفقيرة التي هاجرت إلى أميركا لتصبح واحدة من أثرى العائلات فيها. وهو الفتى الذكيّ، والمشاغب الذي أثبت شجاعته خلال الحرب الكونيّة الثانية. وهو الذي حكم في فترة اشتدّت فيها النزاعات بين المعسكر الرأسمالي الذي تتزعمه بلاده، والمعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي.
ولم يكن جون كينيدي شخصيّة مثيرة على المستوى السياسي فقط، بل كان أيضا جذّابا على مستوى حياته الشخصيّة التي ما تزال تثير فضول كبار الصحافيين والسينمائيين والروائيين.
ويعتبر دون دوليلو واحدا من أكثر الروائيين الأميركيين الكبار اهتماما بشخصيّة كينيدي، وهذا ما أبرزه في روايته “ليبرا” التي تطرّق فيها إلى خفايا حياة أوزوالد، منفّذ عمليّة اغتيال كينيدي. وهو يقول: “لا أعتقد أنه كان بإمكاني أن أكتب كتبي في العالم قبل اغتيال كينيدي. ويبدو لي أن جوانب الغموض التي تكتنف عملي متأتّية مباشرة من اللّبس، ومن الفوضى السيكولوجيّة، ومن مشاعر الحيرة والارتياب إزاء حادثة دالاس المروّعة”.
ويرى روبير ليتل الذي أصدر هو أيضا روايتين تدور أحداثهما في فترة حكم كينيدي أن اغتيال هذا الأخير لم يحدث فقط تغييرات مهمة في السياسة بل في الأدب أيضا. وأما جيمس الروي صاحب رواية “أميركان تابلويد” فيعتقد أن أميركا لم تكن أبدا بريئة قبل اغتيال جون كينيدي، وأن الحلم الأميركي الذي كان يبهر الكثيرين كان مجرّد وهم. لذلك يرى أن حادثة دالاس جاءت لتعرّي واقعا، وتكشف حقائق كانت قد أخفتها سنوات المجد الأميركي.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.