Closeness with Iran Is Obama’s New Challenge

<--

بيشوي رمزي رياض

التقارب مع إيران مقامرة أوباما الجديدة

يبدو أن ثمة تقارباً بين الولايات المتحدة وإيران سوف تشهده الأيام المقبلة، في ظل حال من عدم الاستقرار يعيشها العراق حالياً، من جراء التقدم الكــــبير الذي حققته ميليشيات «داعش»، في عدد من المدن العـــراقية. ربما يكون النهج الأميركي المتمثل في عدم التــدخل المباشر في صراعات المنطقة، يبتغي تفادي تكرار أخطاء ارتكبها سلفه جورج بوش الابن إثر تدخله في العراق وأفغانستان، وما ترتب على ذلك من خسائر اقتصادية وسياسية، بالإضافة إلى مقتل الآلاف من الجنود الأميركيين خلال العقد الأول من القرن الجديد.

إلا أن رؤيــــة أوباما لم تقتصر بأي حال من الأحوال علــــى الاعتماد على الحلفاء، لكنها امتدت إلى ما يمكننا تسمـــيته بـ «شراء الخصوم». فقد سعت إدارة أوباما منذ وصـــوله إلى البيت الأبيض في عام 2009، إلى تحويل خصــوم الماضي إلى حلفاء جدد، في صفقة كبيرة، ربما رآها البعض مقامرة، كان ثمنها التضحية بعدد من الأنظمة الحاكمة الحليفة في المنطقة.

وتبلورت تلك الرؤية إلى حد كبير في التغيير الجذري، الذي شهدته السياسات الأميركية تجاه تيارات الإسلام السياسي، والتي كانت بمثابة الخصم التاريخي للإدارات الأميركية المتعاقبة. اتجه الرئيس أوباما للتصالح مع تلك التيارات، في صفقة ظهرت معالمها إبان ثورات الربيع العربي، حيث أعلنت الولايات المتحدة دعمها صعود الإسلاميين إلى سدة الحكم في عدد من بلدان المنطقة، مقابل أن يعملوا ليس فقط على تحقيق الأهداف الأميركية، ولكن أيضاً لإضفاء صبغة دينية على تلك الأهداف، لتحظى بمباركة شعبية. من هنا نجد أن النهج الأميركي الجديد، كان يهدف في الأساس إلى تجنيد حلفاء جدد يمكن من خلالهم تحقيق ما فشل في تحقيقه الحلفاء التاريخيون من دون تدخل أميركي مباشر، بالإضافة إلى تحسين صورة الولايات المتحدة أمام العالم الإسلامي، بعد سنوات من التوتر خلال عهد بوش الابن، من خلال التصالح مع التيارات الدينية التي كانت تحظى بشعبية في ذلك الوقت. كما أن هذا التوجه من جانب آخر، ربما يدحض أي تهديدات أمنية قد تمثلها التنظيمات المتطرفة في المنطقة، على غرار أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر).

في الواقـــع، ربمــــا تدفع التطورات الأخيرة التي شهدها العراق الإدارة الأميركية إلى تبني النهج ذاته مع إيران هذه المرة، في ظل ما يثار حول وجود تنسيق أمــــيركي إيراني، وكذلك مباركة الولايات المتحدة لوجود قـــوات إيرانـــيــــة فــــي العراق لمجابهة الميليشيات السنيــــة المتطــــرفة، ولاستــــعادة الأمن في العراق، وكذلك الرفض الأميركي للانزلاق في الصراع العراقي من جديد.

وهنا يدور التساؤل حول المقابل الذي تقدمه الولايات المتحدة لإتمام هذه الصفقة، والتي تهدف إلى الحفاظ على مصالحها، خصوصاً أن تفويض طهران يعد إخلالاً كبيراً للتوازن في المنطقة، في ظل الصراع الإيراني الخليجي، ما يعني أن واشنطن ستواصل خسائرها السياسية على المستوى الإقليمي بخسارة حلفاء جدد، وكذلك التهديد النووي الذي كان محلاً للصراع بين إيران والقوى الغربية لأكثر من عقد من الزمان، وهو ما يعني ربما خسارة جولة جديدة على المستوى الدولي. وهنا تصبح المحصلة النهائية ربما تقويض النفوذ الأميركي في المنطقة في شكل كبير في ضوء صعود قوى جديدة تمكنت من مزاحمة الدور الأميركي في المنطقة.

يبدو أن صدقية الولايات المتحدة صارت على المحك أمام شعوب دول الشرق الأوسط، جراء النهج الذي تبناه الرئيس أوباما خلال ثورات الربيع العربي، فصار هناك يقين لدى العامة بأن المفاهيم التي تتبناها الولايات المتحدة حول الحرية والديموقراطية تهدف بالأساس لتحقيق المصالح الأميركية على حساب الشعوب. إلا أن الأمر ربما يمتد إلى النفوذ الإقليمي الذي تتمتع به الولايات المتحدة، على خلفية المقامرة الجديدة التي ستقوم بها الولايات المتحدة خلال المرحلة المقبلة على حساب حلفاء تاريخيين.

 

 

* كاتب مصري

About this publication