Iran Is the Source of the Scourge: An American Perspective

<--

منذ أشهر طويلة يدور جدل واسع في أمريكا في أوساط الخبراء والمحللين والباحثين حول إيران وسياساتها في المنطقة وحول طبيعة العلاقات الأمريكية الإيرانية وكيف يجب أن تكون.

وقد احتدم هذا الجدل خصوصا بعد تطورات الفترة الماضية التي شهدت تقاربا بين أمريكا وإيران وأحاديث عن صفقة أمريكية إيرانية كبرى في الطريق.

بالطبع، كما هو متوقع، تتعدد وتتباين من النقيض إلى النقيض المواقف والآراء على الساحة السياسية والفكرية الأمريكية حول الموقف من إيران وحول العلاقات الأمريكية الإيرانية.

وقد لفت نظري تحليل مهم لأستاذ ومحلل أمريكي نشره قبل أيام حول هذه القضية، يستحق ان نتوقف عنده.

التحليل كتبه برنارد هايكل، وهو أستاذ متخصص في شئون الشرق الأوسط بجامعة برنستون الأمريكية، بعنوان: «إيران هي المشكلة وليست الحل».

الأستاذ يناقش قي تحليله قضية محددة، هل من الصائب من وجهة نظر المصلحة الأمريكية ومن وجهة نظر مصلحة المنطقة أن تتعاون أمريكا أو تتحالف مع إيران؟

يقول في بداية تحليله إن الولايات المتحدة تبحث في الوقت الحاضر، هل تتعاون مع إيران في الحرب ضد «الجهاديين السنة» في العراق أم لا؟

ومنذ بداية التحليل يعبر عن وجهة نظره مباشرة وبشكل واضح، فيقول إن مثل هذا التحالف مع إيران سوف يكون خطأ فادحا وكارثة بالنسبة إلى أمريكا والمنطقة. ويضيف ان هذا التحالف سوف يؤدي إلى استعداء السنة في المنطقة كلها، وسوف يؤكد الرأي الشائع بأن الولايات المتحدة تسعى إلى تقوية الشيعة ودعم مواقفهم، وهم أقلية في العالم العربي، ضد الأغلبية السنية.

بعد ذلك، يشرح الأستاذ الأمريكي وجهة نظره بالتفصيل.

يقول إن إيران تروج لزعم مؤداه أن السعودية والدول السنية في الخليج هم المشكلة الحقيقية، وهم الذين يدعمون «الإرهاب»، وبالتالي فإن إيران هي حليف طبيعي للولايات المتحدة.

ويفند الكاتب هذا الزعم الإيراني من جوانب وزوايا شتى.

يقول إن إيران نفسها دعمت «الجهاديين السنة» حين كان من مصلحتها ذلك، وإيران قضت سنوات طويلة تزرع وترسخ الطائفية الشيعية. ويضيف ان إيران في محاولتها فرض هيمنتها في المنطقة بعد الغزو الأمريكي للعراق، قامت بدعم وتقوية الشوفينيين الشيعة في العراق أولا، ثم في سوريا بعد ذلك.

ويوضح الأستاذ الأمريكي ان إيران بدأت بتنفيذ سياستها هذه في العراق عبر نوري المالكي، عميل طهران، الذي قاد البلاد بشكل طائفي أعمى، وبشكل استبدادي وحشي ومارس تهميشا واضطهادا للسنة.

ويضيف: وتجلت معاداة إيران للسنة أكثر عندما دعمت نظام الأسد في دمشق، وقدمت له الدعم المالي والأيديولوجي والعسكري، بما في ذلك تجنيد المليشيات الشيعية مثل حزب الله للقتال من أجل بقاء الأسد بينما يقوم بقتل السكان السنة السوريين والتنكيل بهم.

ويقول الكاتب إن ما فعلته إيران وما يجري في العراق وسوريا دفع بعض السنة في المنطقة إلى تأييد الجهاديين، لكن الغالبية الساحقة من السنة يدركون تماما أن هؤلاء الجهاديين يمثلون تهديدا لهم.

وينبه الأستاذ الأمريكي إلى أن إيران تريد من الولايات المتحدة أن تساعدها لتأمين المكاسب الإيرانية في العراق وسوريا والمنطقة كلها. ويعتبر الكاتب ان أمريكا لا يجب أبدا أن تحقق لإيران هذا الذي تريد.

يقول إن أمريكا يجب أن تدرك أن الانتفاضة في العراق وسوريا لا تتعلق فقط بالجهاديين، لكنها ثورة سنية عامة ضد التهميش وضد الاضطهاد.

ويحذر الكاتب بناء على هذا أمريكا من أن أي تعاون أمريكي إيراني لمقاتلة «داعش» في العراق سوف يخدم الجهاديين، وسوف يعطي مصداقية عامة لمقاربة الجهاديين بأن «الصليبيين» و«الزرادشت الفرس» يتآمرون لتدمير الإسلام.

كما ينبه الكاتب أمريكا ويحذرها من ان إيران وسوريا لن تترددا في دعم هؤلاء الجهاديين أنفسهم لخدمة مصالحهما، على نحو ما فعلتا حين عقدتا صفقة مع هؤلاء السنة المتطرفين في الماضي عندما أرادوا مثلا ان يحاربوا القوات الأمريكية في العراق.

وينهي الأستاذ الأمريكي تحليله بالقول إن تأمين إمدادات النفط هي مصلحة وطنية أمريكية، لكن تأمين الهيمنة الإقليمية الإيرانية، وتأمين عملاء إيران الشيعة في المنطقة ليس مصلحة أمريكية.

ويقول إن أي تحالف أمريكي مع إيران سوف ينظر إليه في المنطقة على انه حرب ضد السنة، وسوف يغرق المنطقة في حقبة من السياسات الاستعمارية التي كانت تتبع في السابق، حين كانت القوى الخارجية تقوم بتقوية الأقليات على حساب مصالح وحقوق الأغلبية. ويعتبر ان هذه وصفة لغضب وصراع سوف يندلع لا نهاية له.

هذه هي الرؤية التي يقدمها الأستاذ الأمريكي لطبيعة الخطر الإيراني في المنطقة وللنتائج الكارثية التي تترتب على أي تحالف أمريكي إيراني. وهو ليس وحده. هناك الكثيرون في أوساط المحللين والساسة في أمريكا الذين يتبنون هذه الرؤية. لكن المشكلة ان مثل هذه الآراء لا تلقى صدى ولا اهتماما من الإدارة الأمريكية.

About this publication