Who Says that Obama Has No Strategy?

<--

من قال إن أوباما لا يملك استراتيجية؟

تاريخ النشر :٢ سبتمبر ٢٠١٤

السيد زهره

التصريح الذي أدلى به الرئيس الأمريكي اوباما قبل ايام وقال فيه انه ليس لديه استراتيجية محددة حتى الآن لمواجهة تنظيم الدولة الاسلامية «داعش» في سوريا والعراق، أثار جدلا واسعا في أمريكا. كثيرون وجهوا انتقادات عنيفة إليه، وآخرون انبروا للدفاع عنه.

الذين انتقدوا اوباما اعتبروا ان تصريحه هذا دليل على انه رئيس ضعيف متردد غير حازم لا يمتلك القدرة على التعامل الحاسم مع الأزمات الكبرى. وقد وصل الأمر الى حد ان احد النواب الجمهوريين قال: «لو أن الرئيس ليس لديه استراتيجية، فربما حان الوقت لاختيار رئيس جديد».

والذين دافعوا عن اوباما اعتبروا ان موقفه هذا دليل على انه لا يريد ان يتخذ مواقف او اجراءات متسرعة، وانما يفضل التروي والتأني حتى تأتي قراراته مدروسة. وقال البعض ان ما قاله اوباما يندرج في اطار المبدأ الاساسي الذي يتبناه البيت الابيض في السياسة الخارجية، وهو «عدم القيام بتصرفات غبية».

في غضون ذلك، تبرع كثير من المحللين والباحثين الأمريكيين بتقديم تصوراتهم للاستراتيجية التي يجب ان تتبعها امريكا في مواجهة «داعش» واقتراح السياسات والخطوات العملية التي يجب الاقدام عليها.

حقيقة الأمر ان كل هذا الجدل الذي فجره تصريح اوباما هو جدل عبثي الى حد كبير. بعبارة أدق، هذا الجدل لا علاقة له بامتلاك أو عدم امتلاك استراتيجية. هو جدل يتعلق بخلافات حول نوع الخطوات المحددة التي من المفتر ض ان تقدم عليها الادارة الأمريكية في مواجهة «داعش».

من قال ان اوباما لا يملك استراتيجية واضحة محددة؟

بالعكس، الإدارة الأمريكية لديها استراتيجية واضحة تماما تجاه العراق وتجاه سوريا وتجاه المنطقة العربية كلها.

بداية، ينبغي ملاحظة ان استراتيجيات امريكا الكبرى تجاه العالم لا يحددها البيت الأبيض او الرئيس، أي رئيس، وحده. وضع استراتيجيات امريكا عملية معقدة يشارك في صياغة ابعادها قوى نافذة كثيرة. يشارك فيها اجهزة المخابرات والأمن القومي المختلفة، ولوبي الصناعات العسكرية والصناعات الاخرى الكبرى، وجماعات الضغط السياسية النافذة.. وهكذا.

بالطبع، دور الرئيس ومؤسسة الرئاسة مهم لكن له حدود لا يستطيع تجاوزها حين يتعلق الأمر باستراتيجيات وتوجهات استراتيجية كبرى.

في هذا الإطار، فإن امريكا لديها استراتيجية واضحة المعالم تماما كما قلنا تجاه العراق وسوريا والمنطقة العربية كلها.

امريكا تعرف تماما، ما هي الأهداف الاستراتيجية الكبرى التي تريد تحقيقها في المنطقة، وتعرف تماما ما هي الاساليب والوسائل الكبرى التي تلجأ اليها من اجل تحقيق هذه الأهداف. وتعرف تماما ما هي النتائج النهائية المرجوة من وراء تنفيذ استراتيجيتها على هذا النحو. ولطالما تحدثنا اكثر من مرة عن ابعاد هذه الاستراتيجية الأمريكية.

وفي حالة العراق وسوريا مثلا حيث يدور هذا الجدل في امريكا بعد تصريح اوباما، الأمر واضح. امريكا لا تريد القضاء على «داعش» ولا تريد استقرار العراق ولا وحدته. وامريكا لا تريد إزاحة الأسد، ولا تريد سوريا مستقرة او موحدة. هذه اهداف استراتيجية امريكية في المرحلة الحالية.

في نفس الوقت، تريد امريكا مما يجري في العراق وسوريا في ظل ما تفعله «داعش» ان يكون مدخلا ومناسبة للحديث عما يسمونه «الارهاب السُنّي» في المنطقة وتصويره على انه اصبح الخطر الأكبر الذي يتهدد الغرب والعالم كله. ولهم من وراء ذلك بالطبع، اهداف استراتيجية اخرى في المنطقة العربية كلها.

وامريكا تريد مما يحدث في العراق وسوريا ان يكون مدخلا لفوضى تريدها في الدول العربية كلها، ومدخلا لاضعاف وتفكيك الدول العربية وافقادها السيطرة على الارض وعلى المجتمع وعلى مصيرها.

هذه كلها اهداف واساليب استراتيجية واضحة لدى امريكا. وهي تتصور انه لو تم تنفيذ هذه الاستراتيجية بالفعل، فسوف ينتهى الأمر بالدول العربية الى التفكك والتقسيم والضياع.

اذن، كما ذكرنا ليس صحيحا ابدا ان الادارة الأمريكية ليس لديها استراتيجية.

كل ما في الأمر ان الخلاف يدرو حول نوع الاجراءات والاساليب التي يجب اللجوء اليها في الوقت الحاضر في اطار تنفيذ هذه الاستراتيجية، وهل مثلا يجب ان تقوم امريكا بتنفيذ ضربات عسكرية في سوريا ام لا، والى أي حد بالضبط، وهكذا.

نقول هذا لأن الصورة يجب ان تكون واضحة تماما بالنسبة إلينا في الدول العربية. يجب الا ننخدع بهذا الجدل الذي يدور في امريكا او نتصور ان الادارة الامريكية لا تعرف بعد ماذا تريد او أي مصير تريده لدولنا.

يجب ان نكون على وعي تام بمخططات امريكا الشريرة تجاه دولنا العربية.

About this publication