Obama’s Strategy: Expect a Mouse from a Mountain that Will Not Deliver!

<--

سيهرق من الحبر الكثير ومن الوقت ما هو أكثر قبل أن تبصر استراتيجية أوباما لمواجهة داعش النور، وسيكتب عنها ما لم يكتب من قبل تحليلاً وقراءة واستنتاجاً واستنباطاً، ويضيف إليها ما هو خارج المضمون،

وأحياناً سيحمّلها ما هو فوق طاقتها على التحمل، حتى تتحول إلى كرة ثلج تتقاذفها الرؤوس والأرجل على حدٍّ سواء، فيما جبل الإرهاب وتلال داعش تكبر أمام أنظار الغرب.‏

حين قال الرئيس أوباما قبل أسابيع أنه لا يمتلك استراتيجية لمواجهة داعش لم يصدّقه أحد حتى الأميركيون أنفسهم، إذ لا يُعقل وفق المعيار الانبهاري لأميركا التي استفردت بقيادة العالم على مدى عقدين ونيف من الزمن وتولت بنفسها وذاتها وكالة وأصالة قيادة العالم في محاربة الإرهاب وشعارها من ليس معنا فهو ضدنا، ألا يكون لديها استراتيجية، وهي التي مارست استراتيجية التدمير وإدارة الخراب في العالم.‏

بين ليلة وضحاها يتغير كل شيء وما كان غائباً عن الذهن الأميركي يحضر إلى الميدان فوراً، وما كان صعباً أو مستحيلاً أو على الأقل غير متاح، يصبح بفضل الكرة الأميركية المتدحرجة ممكناً ولم يكن مطلوب سوى أن يفتح الرئيس أوباما أدراجه المنسية كي يُخرج الاستراتيجية العتيدة.‏

والسؤال البريء المطروح اليوم قبل الغد هو إذا كانت الاستراتجيات الكبرى وتحديداً في مواجهة تحدٍّ يدعي العالم برمته أنه الأكثر خطورة في تاريخه الحديث، لا تحتاج سوى بضعة أيام حتى توضع فما هي هذه الاستراتيجيات، وما هي معطياتها، وعلى أي قواعد تبنى، وكيف توضع ووفق أي معايير؟!!!‏

في الإجابة غير البريئة ثمة تداخل واضح بين النفاق المتوارث بالفطرة والدجل المحمول في معادلات الرهان على دور الإرهاب في المرحلة المقبلة، بدليل أنّ التعاطي الأميركي مع تفشي الإرهاب لا يزال يدور في الحلقة المفرغة ذاتها، ولا تزال الإدارة الأميركية تراهن في كل حساباتها والكثير من استراتيجياتها على الإرهاب كحامل موضوعي لأي استراتيجية أميركية لاستمرار استحواذها على ما تبقى من دوائر القرار العالمي.‏

وهذا يتقاطع مع الحديث عن الشركاء المحليين ذات المنتج الإرهابي المصنع إقليمياً بالتمويل وغربياً بالتبني، ويتطابق مع منهج الإسهاب في الانتظار والمبالغة في التهويل وصولاً إلى الاستطالات المرضية التي تطال الكثير من عوامل الحديث عن تلك الاستراتيجية التي تريد أن يُولد الفأر قبل أن يتمخض الجبل، وأن تسمع جعجعة ولا ترى طحيناً إلا ما يتراكم من جبل الإرهاب.‏

في القراءة المنطقية ليس من الصعب الوصول إلى المفاتيح الأولية التي تقود إلى إدراك الملامح الأولى للاستراتيجية الأميركية ومدلولاتها وهي تقدم حياة الشعوب فئران تجارب وحقول اختبار لأطماعها، أدواتها تلك الشراكات مع منتجات الإرهاب وأدوات رعايته واحتضانه.‏

هذا ليس من باب التقليل مما تحاول أميركا أن تقدمه، ولكنه في إطار المقاربة الواقعية لمجريات التضخم بانتظار ما ستفرج عنه أفكار أوباما، وعلى أي جانبيها ستستقر حالة الاستنفار الأميركي، وهي التي تدير حلقات الإرهاب علناً وسراً عبر وكلائها أو من خلال أدوات اعتادت على استئجارها كلما استدعت الحاجة إشهاراً للافتة مكافحة الإرهاب.‏

على المقلب الآخر، لا تبدو محاولة تدوير الزوايا غائبة عن الحسابات الأميركية، بدليل أنّ الصوت الأميركي المرتفع تقابله في الجهة الأخرى لغة نفاق بحثاً عن ذرائع إضافية للاستمرار في دعم الإرهاب ولغة الأبيض والأسود أو الخبيث منه والحميد، وقد وجدت ضالتها في اعتماد التنظيمات غير المسجَّلة في القائمة الأميركية كذريعة تُبقي على أدواتها في المنطقة وتحافظ على وتيرة التمويل والاحتضان، ولا تلغي من فرضياتها أنّها الطريق الإضافي لتبييض صفحة داعمي وممولي الإرهاب.‏

العنوان الأميركي في مكافحة الإرهاب كان كافياً لقراءة مضمون الرسائل الأميركية، وفهم ما يكفي من تفاصيل في استراتيجية أوباما التي ستعيد تعريف المعرّف وإنكار المنكر، وربما تجريد المشهد من مفاهيمه المبسطة ليقدم لغة عائمة تصلح لكل زمان ومكان، وتفرد في الوقت ذاته صفحات من الإدعاء الأجوف فيما مساحة النفاق تتسع باتساع ساحات المواجهة، لتكون مكافحة الإرهاب عنواناً إضافياً للدجل الغربي، وكثير من ثرثرة مملة لتعويم أدواته في المنطقة وتبرير شراكاتها المعلنة والمضمرة مع الإرهاب!!‏

About this publication