Houthis Are Changing the Rules of the Game

<--

القضايا والمعارك بين المحورين الأمريكي والروسي متشابكة ومترابطة من اوكرانيا وحتى اليمن، وكل يحاول ان يقزم ويحد من نفوذ ودور الآخر، أمريكا تدخلت في اوكرانيا وارادت ان تضغط على روسيا بمقايضة حماية المصالح الروسية في اوكرانيا مقابل تليين الموقف الروسي من القضية السورية، ولكن أمريكا تدرك جيدا بأن اوكرانيا وسوريا،هي ضمن الخطوط الحمر للمصالح الروسية الإستراتيجية في المنطقة،فكلاهما يشكلان المنفذ لروسيا على البحرين الأسود والمتوسط،وبالتالي سيطرة الغرب على أي منهما يشكل تهديدا جديا للمصالح الروسية وخصوصا خطوط النفط والغاز ،وامريكا ضربت في العراق وخلقت “داعش” لكي تمنع تمدد الحلف الروسي من موسكو حتى فلسطين،وهي تشعر بأن نجاح مثل هذا التحالف يشكل خطراً جدياً على مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة، وأيضاً هي تراقب عن كثب ما يحدث في منطقة الخليج العربي، والتي تشكل قاعدة أساسية لها، ليس فقط لجهة القواعد العسكرية الأمريكية هناك، بل الشيء الأهم انها تشكل شرياناً اساسياً لتزويدها بمصادر الطاقة ولرفاهية سكانها، النفط والغاز، وكذلك التحكم والسيطرة وعلى باب المندب والبحر الأحمر، واليمن الذي إجتاحته حمى ما يسمى ب”ثورات الربيع العربي” كان يجري العمل على تقسيمه وإشعال الفتن المذهبية والقبلية فيه من قبل جماعة الإخوان المسلمين والكمبرادورية المتعفنة والبرجوازية اللاوطنية المتحالفة مع السعودية، والتي تنهب خيرات وثروات البلد وتفقره وترفع من معدلات الفساد والجوع والبطالة والتخلف.

والسعودية تريد لليمن ان يبقى فقيرا ومقسماً ومعتمداً عليها، وفي المقابل كان الحوثيون يقودون ثورة شعبية جماهيرية ديمقراطية،من اجل الإصلاح ومحاربة الفساد والتغيير،ووقف تغول وتوحش القوى الطفيلية والفاسدة على مؤسسات الدولة والجماهير الشعبية ونهب خيرات وثروات البلاد، وامريكا لم تكن بوارد حساباتها هي ومشيخات النفط بأن الحوثيون قد يستطيعون السيطرة على اليمن.

ولكن ثبت بالملموس بان الجماهير اليمنية وقفت الى جانبهم،وسهلت هي وقطاعات الجيش السيطرة لهم على العاصمة صنعاء،وبالسيطرة الحوثية على اليمن، يعني بأن الروس والإيرانيين على أبواب باب المندب والبحر الأحمر، وهذا يشكل تهديدا جديا للمصالح الأمريكية والسعودية في المنطقة، فعدا ان الحوثيين قد منعوا تقسيم وتفتيت اليمن وأسقطوا هذا الخيار، فإن ما حصل في اليمن قد يمتد الى البحرين والكويت وبالتالي يصبح خطرا جديا على حلفاء امريكا من السعودية وقطر والإمارات.

ولذلك وجدنا بان امريكا والتي كانت تعمل على تشكيل ما يسمى بحلف دولي لمحاربة إرهاب”داعش” صنيعتها في العراق وسوريا، وتعد العدة لضربها في العراق اولاً قبل سوريا قد غيرت من إتجاه الضربة واستهدفت سوريا قبل العراق بمشاركة من مشيخات النفط الخليجية في رسالة واضحة لروسيا وايران، بان اليمن سيكون مقابلها سوريا.

والشيء اللافت مدى الذعر الذي اصاب السعودية ما حدث في اليمن،حيث طلب وزير الخارجية السعودي لقاء عاجلاً مع وزير الخارجية الإيراني، في الوقت الذي كانت فيه السعودية تقود التشدد ضد أي مصالحة أمريكية – اوروبية غربية مع ايران،فيما يتعلق بملفها النووي، وكانت تحث امريكا على ضرب ايران، ومنع أي تقارب معها، وكذلك عربياً وإسلامياً حرضت عليها من منطلقات مذهبية، وصورت للعرب بان الخطر الجدي والحقيقي عليهم وعلى ثرواتهم وبلدانهم من ايران وليس من إسرائيل، ولكن تغيرت الأمور بعد سيطرة الحوثيين على اليمن، وأذعنت السعودية مذعورة، واعلنت عقب اللقاء بين وزيري خارجيتهما، عن بدء علاقات سعودية – ايرانية جديدة، تدشين لمرحلة مقبلة تكون فيها ايران شريكاً أساسيا ومقرراً في ملفات المنطقة العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين وغيرها، وتداعيات الزلازل اليمني ستتجاوز حدود اليمن ومنطقة الخليج العربي، لتطال تأثيراتها كامل المنطقة، وما حدث في اليمن قد يمهد لتسوية إقليمية شاملة ما بين موسكو وواشنطن، وبداية للحلحة وحلحلة في الملف السوري.

وقد تندفع الأمور نحو التسويات الشاملة،او قد تنزلق الأمور نحو حروب قد تخرج عن إطارها الإقليمي،ويبقى السؤال الهام والجوهري، هل ستسلم السعودية بسيطرة الحوثيين على اليمن،أما ستعمل على إثارة الفتن لجره الى مربعات الحرب الأهلية..؟؟ وهل ما حصل في اليمن يعني سقوط مدوي لمشروع الإخوان المسلمين،الذي بات يطارده الفشل، بعد صعوده العاصف من بعد ما يسمى ب”ثورات الربيع العربي” وسيطرته على الحكم في أكثر من قطر عربي مصر،تونس وليبيا، ولكن تعثر المشروع في سوريا وسقوطه المدوي في مصر وليبيا،جعل هذا المشروع يواجه الفشل والسقوط بشكل غير مسبوق منذ تأسيسه على يد سيد قطب في عام 1928، والذي منذ ذلك التاريخ كان يتكىء على خطاب المظلومية والمعارضة المضطهدة والمقموعة من قبل الأنظمة، وتبني مطالب الجماهير الشعبية ودعمها ومساندتها، ولكي تكتشف الجماهير الشعبية، بأن ما يهم الإخوان هو السلطة ومصالحهم، وهم بمثابة الجسر الذي يمر عليه الإخوان من اجل الوصول للسلطة وتحقيق مشروعهم باخونة المجتمع والسلطة والدولة..؟؟.

أسئلة كثيرة وتطورات عاصفة تحدث في المنطقة، من شأنها احداث التغيير الجيوسياسي للمنطقة، واللافت في كل ما يجري بأن العرب لا يقررون مصائرهم، أو يمتلكون قرارهم المستقل،او حتى أي ثقل او وزن للدفاع عن مصالحهم، بل يجري التحكم بقراراتهم ومصيرهم من قبل الآخرين، فهم يساقون للذبح كالنعاج، امريكا وفق مصالحها واهدافها تحدد لهم الأعداء والأصدقاء، وتطالبهم بالتصرف على أساس تلك القاعدة، تارة يحرضونهم على ايران على أساس انها عدوهم المركزي، وبعد التصالح مع ايران، ينقلونهم لدفع اموالهم وضخ احتياط بشري للقتال في سوريا ضد النظام السوري، ومن ثم القتال ضد الجماعات الإرهابية والتكفيرية التي اوجدتها حواضن الإرهاب والتكفير ودفيئاته في الخليج العربي، ودعمتها وامدتها بكل مصادر القوة امريكا والغرب الإستعماري خدمة لأهدافهم ومصالحهم.

ولا غرابة الآن في ان الحرب ستتحول ضد الحوثيين على اعتبار أن البلاد على شفا حرب «اهلية والحوثيون » سيعملون على اضطهاد مكونات ومركبات المجتمع اليمني الأخرى، ولكن بات من الواضح بأن المتغيرات التي حصلت في اليمن سيستتبعها متغيرات اخرى في المنطقة، من شأنها ان تنهي حكم وسلطة مشيخات النفط التي حولت دولها وبلدانها الى مزارع واقطاعيات ومماليك خاصة، تنهب خيراتها وثرواتها وتورثها لأبنائها، وتعمل على تجويع وإفقار شعوبها، فلا الوضع في البحرين ولا الكويت ولا حتى قطر والسعودية سيبقى على ما هو عليه، فالتغيير قادم لا محالة، ومن خلق واوجد الجماعات الإرهابية والتكفيرية سيكتوي بنارها وإرهابها سيرتد إليه.

قاطرة التغيير بدأت باليمن وهي مستمرة لتنهي عقود من التسلط والديكتاتورية وإذلال الشعوب وحرمانها من ابسط حقوقها على يد ملوك وشيوخ وامراء إستعبدوها وأذلوها.

About this publication