The American ‘Scissors’ in Statements and Apologies

<--

ليس من الصعب تحديد أكثر من سبب لاعتذار نائب الرئيس الأميركي وحتى لتكراره، باعتباره يدخل في سياق التخدير السياسي المسبق الذي مارسته الإدارة الأميركية على الكثير من أدواتها في المنطقة، رغم ما أصابها من عدوى الاستفسار والتوضيح، من باب حفظ ماء الوجه.

وإذا كان من المسلم به أن الاعتذار لا يعني بأي حال من الأحوال إلغاء ما جاء في تصريحات بايدن، والتي سبقها اعتراف الجنرال ديمبسي أمام الكونغرس الأميركي، فإنه على الأقل يؤجل التفاعلات المباشرة التي كانت قد سبقت الاعتذار، وطفت على السطح كشكل من اشكال المجاهرة الأميركية بنفض يدها مما ارتكبته أدواتها من دعم للإرهاب.‏

فالواقع أن أميركا ذاتها قدمت ذلك الدعم وللأسباب ذاتها التي كانت ادواتها تتذرع فيها أو تسوغ من خلالها دوافع تجنيد وتمويل الإرهاب والإرهابيين، بل قدمت غطاء سياسياً لتلك الأدوات، ضد أي مساءلة قد تحدث مستقبلاً، وبالتالي لم تفصح تصريحات بايدن عن أسرار غير معروفة ولم تقدم حقائق خارج إطار التداول، وإن بقيت في سياق الهمس الغربي داخل الأروقة وفي الجلسات السرية والغرف المغلقة.‏

وهذا ما بنت عليه الدوائر السياسية الغربية الكثير من معادلاتها الإعلامية في إطار التناغم مع المنهج الأميركي، لكنها عجزت عن فرض أي تفسير منطقي يصلح للمحاججة في فهم أبعاد السلوك الأميركي الذي يجتر مقولة الحرب الطويلة للتغطية على مؤشرات الخيبة من التحالف الذي أنشأته من «حواضر» أدواتها، وتحوّل في بعض القراءات إلى عبء يثقل على الإدارة الأميركية، حين ابدت عجزها عن تفسير ضحالة ما آلت إليه نتائج ضرباتها.‏

ما يمكن الجزم به أن الإدارة الاميركية – في سياق جردة الحساب – تمارس ابتزازها حتى النهاية على الأدوات والحلفاء قبل الخصوم، وتُجيّر أدوات الضغط السياسي والإعلامي والاستخباراتي كي يقدموا أقصى درجات الخدمة المجانية حتى لو اضطرت للمزايدة على المواقف الأميركية ذاتها.‏

وهو ما يمكن فهمه من التهور التركي والحماقة المستترة والمعلنة التي هددت بأخذ التحالف الأميركي إلى غير موقعه، وإدخاله في مغطس لا تبدو الإدارة الأميركية جاهزة للخوض فيه، أو على الأقل ليس على لائحة أجنداتها المستعجلة أو من أولويات المرحلة الحالية.‏

الخطير في الأمر- بالطبع- ليس التصريحات أو الاعترافات بالخطأ في تقدير الأمور، ولا هو في الاعتذارات حتى لو تتالت، بقدر ما يكمن في سياق التعاطي الأميركي مع التحديات الخطيرة التي يفرضها تفشي الإرهاب، الذي بات يشكل تهديداً حقيقياً للعالم بغربه وشرقه.. بشماله وجنوبه.. بفقيره وغنيه.. بمموله ومحاربه على حد سواء.‏

وهو تعاطٍ في حده الأقصى متثاءب، ومتردد وغير جاد ولا يرقى إلى الحد الأدنى، والأخطر أنه خارج سياق الشرعية الدولية، وبعيد عن قرارات مجلس الأمن، بل الأكثرمن هذا وذاك، أنه لا يستهدف القضاء على الإرهاب، بقدر ما هو محاولة تقليم لمخالب بعض التنظيمات الإرهابية التي خرجت عن سياق التوظيف الغربي.‏

«المقص» الأميركي كان حاضراً بلغة الابتزاز والضغط في التصريح والاتهام كما في الاعتذار والتوضيح واقتضت الضرورة التلويح به لتشذيب الكثير من مواقف الأدوات وأدوارها الوظيفية في المنطقة التي تعاني تورماً حيناً واستطالات مرضية في أحيان أخرى ومن شطط وخيال واسع وكارثي في كل الأحيان.‏

About this publication