America the Guard and Turkey the Stooge

 

 

<--

أطلق أردوغان أغلظ أيمانه، ورمى حجره الثقيل في مياه واشنطن الآسنة، وينتظر بتثاؤب العارف ارتدادات ودوائر ما يحدثه ذلك الحجر، وهو المتأكد من كل ذلك والباحث في اللوائح البعيدة والقريبة عن ثغرة ينفذ منها إلى حيث يقبل به السيد الأميركي بيدقاً «رائداً»

ومتزعماً أو شبه متزعم لكل ما زرعه من تطرف في المنطقة وخارجها، وما ورثه من تركة نافرة ومتورمة في العقل الغربي.‏

تحت هذا العنوان كانت شروط أردوغان تتدحرج على بساط الحديث السياسي، وحتى مهاتفة الرئيس أوباما لم تنجح في المساعدة على هضم ما طرحه أردوغان من اشتراطات كانت أقرب إلى التعجيز، ومحاولة مكشوفة لتفخيخ الوضع وتأجيجه والدفع به نحو حافة الانفجار، حيث تُراكم من تخمة الإضافات الفردية على المشروع الأميركي، الذي يتعثر في هضم طبخة الحصى التي جمعها سقف تحالفه المعلن في مواجهة الإرهاب.‏

وتحت هذا العنوان أيضاً ستمضي تركيا في سياسة دعم الإرهاب، وهي تمارس تصنيفاً يحاكي النموذج الأميركي، لكن بأدوات مختلفة ومقاربات تعكس الحال التركي وما وصلت إليه العلاقة المتأزمة مع دول المنطقة كافة، ومن دون استثناء، كما تعكس واقع السياسة التركية منذ بدء الاحداث في المنطقة حتى اللحظة، والتي لعبت فيه تركيا دوراً تخريبياً خطيراً بالتوافق والتنسيق مع التنظيمات الإرهابية بأشكالها المختلفة.‏

في المناكفة التركية ثمة أسئلة حقيقية تطرحها من باب إشكالية العلاقة مع أميركا وسواها، وفي المقدمة تتصدر قضية الدور الوظيفي وفق هيكليته الجديدة، حين كانت تركيا على الدوام تبحث في السراديب والأزقة الضيقة عن تموضع يناسب مقاسها السياسي ومهمتها الوظيفية في حلف الناتو والمنظومة الغربية ككل، لكنها في السنوات الأخيرة، وبعد أن عانت من تورم وظيفي وأحلام مريضة في نشأتها وفي معطياتها، ذهبت تركيا أردوغان للتغريد خارج السرب الغربي من موقع المناكفة لتحسين شروط دورها الوظيفي حيناً، والحماقة في أغلب الأحيان.‏

وعلى هذا المنوال كان التعاطي التركي بخلفياته السياسية، ومحدداته الناتجة عما تفرضه التطورات وعلاقتها بالتنظيمات الإرهابية وقد دأبت على خلق قنوات تواصل خلفية، كانت مغطاة سياسياً من الأميركي والإسرائيلي بشكل مباشر، لكنها اليوم تنكشف على عوراتها وقد سقطت ورقة التوت نتيجة الغطرسة التي أوصلتها إليها أحلام أردوغان المريضة وتمنيات السلطنة البائدة، وما أيقظته في الداخل التركي من تورم سياسي وأخلاقي في منظومتها الإقليمية ونظرتها إلى الجوار الجغرافي.‏

الأخطر كان في طرح أردوغان أن يرسم مفاهيم في الحديث عن تصحيح الخرائط، وهو يدرك أن ذلك ليس تجاوزاً للخطوط الحمر فحسب، بل إشعال للنار في كل الاتجاهات، وخلط لأوراق المنطقة والعالم، رغم ما قد يتقاطع فيه من مقاربات أميركية وغربية، تريد إعادة فرض الخرائط القائمة وأن تكون التعديلات المنتظرة متوافقة مع لغة الأطماع ومنسجمة مع مفردات الهيمنة ومطابقة للشروط الإسرائيلية ومقتضيات أولوية مصالحها على سائر الاعتبارات الأخرى.‏

وفيما تكشف تلك الطروحات عن الأطماع التركية وخطوط التقاطع والتنافر مع الحسابات والمعادلات الغربية والأميركية تحديداً، فإن أوجه الخلاف المعلن لا تعدو في نهاية المطاف كونها فصلاً إضافياً في مسرحية واشنطن لمكافحة الإرهاب، الذي بات رأس حربة الغرب عموماً لإعادة رسم خرائط المنطقة، بعد أن بات عابراً ومتحركاً، ويعاني من تخمة الدعم الغربي والإقليمي.‏

الفارق أن تركيا برعونة سياسييها، وغطرسة رئيسها وحماقة رئيس حكومتها تمضي في سياسة تفخيخ المنطقة، ورغم محاولة واشنطن تقليم المظاهر الشاذة في السياسة التركية، لاتزال الاستطالات المرضية تشكل ظاهرة تهدد الأمن والسلم في المنطقة والعالم، وتقع تلك الأعمال تحت طائلة المساءلة الدولية وفق ميثاق الأمم المتحدة.‏

وإذا كانت الحماية الأميركية للسياسة التركية حجر الزاوية الذي يحول دون أن يصل الأمر إلى حد المساءلة، فإنه في الحد الأدنى يتطلب موقفاً واضحاً من المجتمع الدولي، وتسمية الأشياء بمسمياتها، حيث تركيا دولة مارقة وخارجة على القانون الدولي، وتهدد الأمن والسلم الدوليين بطريقة مباشرة وصريحة.‏

About this publication