Is the International Coalition in an IS Trap?

<--

حين يُقر الرئيس أوباما بأنه ليست لديه استراتيجية واضحة، في حربه على تنظيم داعش، وأنه وإدارته، ليسوا بصدد القضاء على التنظيم، وإنما سيجري العمل على إضعافه وتحجيمه، في مدة تتراوح بين عامين وثلاثة أو أكثر، وأن الأمر يتطلب تدريب «مقاتلين معتدلين» من المعارضة السورية لمواجهته، كون الضربات الجوية غير كافية لحسم الحرب، نصير بذلك أمام مشهد ضبابي، يستدعي طرح العديد من الأسئلة، علها تظهّر حقيقة المشهد.

من حيث الظاهر، فإن قيام تحالف يضم أربعين دولة، لمحاربة 20 ألف مقاتل من التنظيم، بحسب تقارير الاستخبارات الأميركية، أمر يجافي المنطق. وما يثير الاستغراب قول هنري كيسينجر «إن انشقاق 20 ألف مقاتل من القاعدة، لا يشكل خطراً على الولايات المتحدة»! فما الذي حدث، ودفع بالإدارة الأميركية لشن الحرب على التنظيم، هل هو هجومه على كردستان، أم ذبح الصحافيين الأميركيين، أم أن كلا الأمرين كانا الذريعة؟ ثم لماذا المسألة تحتاج لسنوات مع هكذا تحالف؟ هل تريد الولايات المتحدة القول لروسيا بأن خطوط النفط والغاز الإيراني ومعها العراقي، التي ستعبر العراق إلى الساحل السوري، مؤجلة حتى إتمام التسوية، على كافة ملفات المنطقة! أم هناك ما وراء الأكمة ما يوحي بأن واشنطن، قد قررت الاجهاز على التنظيم المنشق، بعدما اخترقته في شكل فاعل، الاستخبارات الروسية ومعها الإيرانية والسورية؟

كل هذه الأسئلة مشروعة سياسياً، والإجابة عنها رهن بموضوعية القراءة السياسية، وما يحمله قادم الأيام. ولكن أليس مرجحاً، وجود تواطؤ من الإدارة الأميركية، يناقض مصالح حلفائها؟ فلو نظرنا للقرارين 2170 و2178 المعنيين بمكافحة الإرهاب، واللذين صدرا مؤخراً عن مجلس الأمن، لرأينا كيف جاءا بما تشتهي سفن النظام السوري، لجهة ما كان يطالب به وفده في مفاوضات جنيف، من دون أن يقدم أي تنازل للمعارضة، بخصوص مشاركتها في شكل فاعل في مرحلة وحكومة انتقاليتين. وإذا نحينا جانباً، الخطاب العدائي الذي تنتهجه الإدارة الأميركية، شكلاً، حيال النظام السوري، وأمعنا النظر في المنعطفات والمفاصل التي تمر بها سياقات الأزمة السورية، وما أفضت إليه الأحداث أثناء تشكيل التحالف، وإعلام واشنطن المسبق لمندوب سورية في مجلس الأمن بقرار الضربات الجوية على مواقع «داعش» و»النصرة»، لرأينا في المضمون ما هو أكثر من التنسيق، وما قد يصل الى حد توريط الحلفاء العرب، ومن بعدهم الأتراك.

فتصريحات نائب الرئيس جو بايدن، التي حمَّل فيها حلفاء بلاده مسؤولية تنامي الإرهاب في سورية، لا يمكن فهمها في شكل دقيق إلا من خلال سياق الأحداث المؤسسة لها، ولكونها تأتي على خلفية التلكؤ التركي في محاربة «داعش». فما قاله، وإن اعتذر عنه، فيه مؤشر على تحول وحقيقة نوايا إدارته، على اعتبار أن الرئيس أوباما لم يعلّق على تصريح نائبه. وبعد أن كان الأسد «مغناطيساً يجذب الإرهاب» بحسب تعبير كيري، أصبح الإصرار على إسقاطه من قبل حلفاء الولايات المتحدة، السبب وراء تزايد وتنامي الإرهاب!

كما يعكس هذا الموقف محاولة تبرئة وتنصل من المسؤولية، أمام النخب السياسية والثقافية الأميركية، وبالتالي أمام الرأي العام، من خلال تحميل تبعات ما جرى للحلفاء، ووضعهم أمام مسؤولياتهم، وبالأخص لجهة الدور التركي المأزوم، الذي فرضه واقع اقتحام قطعان «داعش» لمدينة كوباني، وما نجم عنه من احتجاجات واستنكارات دولية رافضة للموقف التركي، والذي رأت فيه تواطؤاً سافراً.

فالأتراك يعلمون أن ضربهم لـ «داعش»، سيريح نظام دمشق وحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي في سورية، المقرب من حزب العمال الكردستاني، والذي تصنفه أنقرة كتنظيم إرهابي. كما أن تدخلهم سيخدم أكراد سورية في إدارتهم الذاتية لمناطقهم، ما قد يشجع كرد تركيا في استكمال مشروعهم، الهادف لإقامة دولتهم. في المقابل لن تجني حكومة أنقرة سوى عداء تنظيم «داعش»، وانقلاب البيئات الحاضنة لهذا التنظيم عليها، ناهيك عن تحرك الخلايا النائمة ضدها، وهو ما يضع موقفها بين فكي كماشة. ويدرك أردوغان أن دخوله لمحاربة الأسد من بوابة «داعش»، من دون موافقة واشنطن والناتو على إقامة منطقة عازلة وحظر جوي فوقها، إنما يعني تورطاً في المستنقع السوري لا طاقة لتركيا وحدها على حمله. وبذلك سيخسر أردوغان حربه قبل أن يبدأها، إذ لم يطل عنب الشام ولا بلح اليمن. فيما يبدو ان غريمه الإيراني قد سبقه في الوصول لكليهما. وحتى الورقة الكردية التي كان يحاول الإمساك بها، قد انتزعتها الولايات المتحدة وإيران، بعدما حمتا كردستان من «داعش». ومع رفض وتجاهل أردوغان لطلب المبعوث الأممي دي مستورا، والمتعلق بدخول عناصر حزب العمال الكردستاني لإنقاذ كوباني، يكون الصراع قد عاد للمربع الأول، بحيث ستكتفي أنقرة مكرهةً، بتدريب وتسليح المقاتلين المعتدلين!

يبقى أن نشير الى مسالة في غاية الأهمية، تتعلق بإعلان التحالف لمقاتلة «داعش»، ثم ضرب المقاتلات الأميركية لمواقع «جبهة النصرة» وتنظيم خراسان، بأنها قد وحدت كل هذه القوى، الأمر الذي أحدث إرباكاً خلخل معه فصائل «الجيش الحر»، لا سيما تلك المتحالفة ميدانياً مع «جبهة النصرة». والسؤال، هنا، ماذا يمكن المقاتلين المعتدلين فعله، مع تغير الخريطة الدرامية على الأرض، في وقت يقطف فيه الجيش النظامي ثمارها؟ هذا ناهيك عن أن قيام دول التحالف، بالشكل الذي أدارته واشنطن، قد أعطى «الحجة الشرعية» لـ «داعش» و «القاعدة»، لإعلان الجهاد عليها، ما يعني ضمناً تخفيف الضغط الجهادي، عن حكومتي بغداد ودمشق!

About this publication