إخفاق امريكي في سورية ومشروع كيري إلى تهدئة
انجاز سلام تاريخي بين الفلسطينيين والاسرائيليين كان العنوان الابرز لمهمة وزير الخارجية الامريكية التي اطلقها منذ توليه منصبه. رغبة انجاز السلام تزامنت هذه المهمة مع تصعيد امريكي واضح في موضوع انجاز حل سياسي في سورية. اليوم اختزلت طموحات مشروع السلام الامريكي بمحاولات منع الانفجار في القدس والضفة الغربية، بينما تعود جبهة سورية بعد كل محاولات التصعيد الامريكية الى ضرورة التوافق على حل سياسي، بعد تبدل الاولويات الدولية من الانتقال السياسي الى مكافحة الارهاب.
اجندة وزير الخارجية الامريكي جون كيري الاخيرة تظهر حجم التحولات في الموقف الامريكي. فبينما كانت جولاته المكوكية السابقة تختص بنقطة واحدة، وهي انجاز اطار عام لاتفاق سلام شامل بين الفلسطينيين والاسرائيليين، تحولت الاجندة اليوم لتحتوي نقاطا متعددة، اهمها ملف مكافحة الارهاب، والحل السياسي في سورية، ومحاولات عدم السقوط في حالة الانهيار الامني في القدس والضفة الغربية.
اي؛ باختصار اصبح الموضوع الفلسطيني يمثل جزئية بسيطة من الاجندة الامريكية لا اكثر.
يرى كثير من المراقبين ان الولايات المتحدة تدفع ثمن سياسة انكار الحقيقة، التي اتبعتها في التعامل مع ملفات المنطقة، خصوصا سورية وفلسطين. في داخل الاوساط الامريكية كانت تسود القناعة بعدم قدرة الادارة الفلسطينية الحالية ان تكون شريكا حقيقيا في عملية السلام، انشقاقات عمودية وأفقية في الداخل الفلسطيني، وفشل تام في ضبط الداخل، عداك عن الاستغلال الحقيقي للسلطة الذي قامت به الادارة الفلسطينية لتصفية خصوم رئيسها السياسيين في حماس وفتح، وتكريس حالة من الدكتاتورية الكافية لتفجير الاوضاع من دون الحاجة لظهور اي عوامل خارجية.
الاخطاء الامريكية نفسها تنطبق تماما على موضوع التعامل مع الملف السوري، معارضة غير حقيقية اخترعتها واشنطن، وسوّقتها على انها معارضة معتدلة، وفرضتها على المجتمع الدولي في محاولة لتطبيق وجهة النظر الامريكية الرافضة للحقيقة، لينتهي الامر اليوم في اعلان امريكي للحرب على مجمل فصائل هذه المعارضة، ونعود للنقطة صفر في البحث عن معارضة معتدلة. الشيء ذاته ينطبق على موضوع مكافحة الارهاب وتأجيله من قبل واشنطن واستبعاد ايران وروسيا ومصر، لينتهي الامر بواشنطن اليوم بالاقرار بضرورة مكافحة الارهاب ومحاولات اعادة خصومها الى المشهد كشركاء في مكافحة الارهاب. هذه السياسة الامريكية وضعت مجمل دول المنطقة “اصدقاء واعداء” ازاء تحديات حقيقية، جعلت من الضروري تبني حالة من الدبلوماسية المرنة، التي تفترض في جوهرها احتمالية فشل التوجه الامريكي، وتستعد لمواجهة تداعيات هذا الفشل وتجنب آثاره الكارثية
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.