Obama’s Foreign Policy and the Democrats’ Defeat

<--

تعرض الرئيس الأميركي باراك أوباما وحزبه الديموقراطي لهزيمة انتخابية كبيرة في انتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونجرس مؤخرا حيث استعاد الحزب الجمهوري السيطرة على مجلس الشيوخ للمرة الأولى منذ عام 2007، وزادت غالبيته في مجلس النواب، كما فاز بمجموعة واسعة من المقاعد في الانتخابات المحلية وعلى مستوى الولايات ورغم أن معظم التصويت دار حول القضايا الداخلية فقد لعبت السياسة الخارجية دورًا مهمًّا.

وحقق المرشحون الجمهوريون تقدمًا من خلال الإصرار على أن أوباما أضعف الولايات المتحدة في العلاقات الدولية ويشيرون إلى تراجعه عن الخط الأحمر الذي رسمه للرئيس السوري بشار الأسد بشأن الأسلحة الكيماوية في سوريا في العام 2013، واستغراقه وقتًا طويلًا ليدرك تهديد تنظيم “داعش”، ونهجه المتسامح تجاه إيران، وضعفه في مواجهة التدخل الروسي في أوكرانيا. وعلى الرغم من أن دستور الولايات المتحدة يجعل صنع القرار الخاص بالسياسة الخارجية يتركز إلى حد كبير في يد الرئيس، إلا أن أوباما لا يزال يحتاج إلى الكونجرس ليأذن للعمليات العسكرية الكبرى ويمولها، ويقرّ العقوبات الدولية الأساسية أو يرفعها، ويصادق على المعاهدات الدولية. إن سيطرة الجمهوريين على مجلسي الشيوخ والنواب ستدفع أوباما إلى أن يكون أكثر تشددًا في شأن عدد من القضايا. من المتوقع أن يدفع قادة الجمهوريين مثل ميتش ماكونيل وجون ماكين وغيرهم باتجاه عدة قضايا أهمها:

وقف التخفيضات التلقائية لموازنة الجيش التي تم تشريعها في السنوات السابقة، وإعادة التركيز على بناء القدرات العسكرية للولايات المتحدة. وفرض المزيد من العقوبات على روسيا، وزيادة المساعدات إلى أوكرانيا، وإرسال وحدات تدريب عسكرية أميركية لتتمركز في كييف وبولندا وجمهوريات البلطيق. ووضع الصيغة النهائية لاتفاق الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ مع الحلفاء الآسيويين للمساعدة في احتواء الصين.

وإلغاء الموعد النهائي لانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان عام 2016 ووضع خطة لوجود عسكري أميركي محدود ولكن طويل الأمد في كابول. وزيادة كثافة الضربات الجوية ضد تنظيم “داعش”.

وزيادة عديد القوات الأميركية في العراق (وربما سوريا لاحقًا) من 1500 في الوقت الحالي إلى حوالي 15.000 للدعم والتدريب في مجال مكافحة “داعش”

وتكثيف الدعم للمتمردين السوريين غير المتطرفين..

ووضع حد للتقارب مع إيران الذي لم يثمر شيئًا برأي الجمهوريين وساهم في نفور حلفاء واشنطن التقليديين في الشرق الأوسط.

وبطبيعة الحال، فإن أوباما لا تزال لديه السلطة في السياسة الخارجية، ولكن عليه أن يأخذ آراء الكونجرس في الاعتبار إذا كان يأمل في استعادة زخم رئاسته وحزبه.

من الناحية العملية تتطلب الحرب ضد “داعش” تفويضًا جديدًا من الكونجرس، حيث إن التفويض القديم الذي منح لجورج دبليو بوش بعد هجمات الـ11 من سبتمبر لم يعد وسيحتاج أوباما أيضًا إلى موافقة الكونجرس على رفع العقوبات عن إيران إذا كان هناك اتفاق نووي معها، وهو أمر لا يرغب الكونجرس الجديد في القيام به..

لقد جاء أوباما إلى السلطة منددًا بسياسات سلفه الحربية، وادعى أنه من خلال الدبلوماسية المباشرة مع القادة والشعوب يمكنه نزع فتيل الصراعات مع الأعداء وبناء شبكة جديدة من العلاقات القائمة على الشراكة والمصالح المشتركة، ووعد أن يفعل هذا مع روسيا والصين وإيران والعالم الإسلامي، وفي الصراع العربي ـ الإسرائيلي أصر على رؤية واقع العلاقات الدولية كمجموعة من حالات سوء الفهم، بدلًا من ساحة للتنافس الفعلي بين مصالح ومراكز قوى متضاربة. لقد فشل هذا النهج في كل هذه المحاور، إلا أن محادثاته مع إيران هي المبادرة الأخيرة الباقية من رؤيته الأساسية..

لقد اعتبر الجمهوريون رسالة أوباما إلى الزعيم الإيراني خامنئي بعد الانتخابات، دليلًا على ضعف أوباما وسوء فهم للسياسة الدولية. ويبدو أن الرسالة حثت خامنئي على تشجيع الاتفاق حول صفقة نووية بحلول الموعد النهائي في الـ24 من هذا الشهر، ولوحت بآفاق التعاون الأميركي ـ الإيراني في الحرب ضد “داعش” وحول استقرار الوضع في العراق وسوريا، لكن الغالب أن الرسالة فُسرت في طهران على أنها علامة ضعف أميركي، وبالتالي فمن المرجح أن تشجع إيران على أن تكون أكثر تشددًا في مفاوضاتها.

وعلى أية حال، فإن نتائج انتخابات الكونجرس تزيد من حظوظ فشل المفاوضات مع إيران، إذ ترى طهران أن الإدارة الأميركية في موقف ضعيف والأرجح أنها ستتمسك بمواقفها أو حتى تصعدها في حين أن أوباما في وضع أصعب لقبوله اتفاقا وسطيا؛ لأنه ما لم ينتزع تنازلات مهمة من إيران، فإن الكونجرس لن يرفع العقوبات عنها. أما إذا فشلت المحادثات، فإن البيت الأبيض سيكون في موقف أكثر صعوبة لاقتراح تمديد الاتفاق المؤقت وإجراء مزيد من المحادثات. فبمجرد الفشل، سيدعو الكونجرس إلى وضع حد لهذه المحادثات، وإنهاء التقارب، وتصعيد العقوبات. وسيمضي أيضا بالضغط لاتخاذ مزيد من الإجراءات ضد حلفاء إيران في المنطقة، وبخاصة نظام الأسد.

وإذا خسر أوباما رهانه على المحادثات مع إيران، فإنه قد لا يجد بدًّا من التحول إلى موقف أكثر تشددًا. فقد كان الرئيس جيمي كارتر هو الآخر من دعاة المسالمة في العلاقات الدولية إلا أنه اتجه إلى التشدد في السنة الأخيرة من ولايته في عام 1980 بعد احتجاز الرهائن الأميركيين في طهران والغزو السوفيتي لأفغانستان. وأوباما أيضا اختبر فوائد التحول إلى التشدد في صيف هذا العام عندما عكس سياسته الأصلية بالانسحاب الكامل من العراق، وأمر سلاح الجو الأميركي بالعودة إلى المنطقة لتنفيذ ضربات جوية ضد “داعش” في العراق وسوريا.

About this publication