فيما اتسع نطاق الحديث مؤخرا، عن اتساع احتمالات التدخل البري في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، رأى خبراء عسكريون، أن الضربات الجوية، التي ينفذها التحالف الدولي منذ أكثر من شهرين، “قد تحاصر “داعش” وتحد من اندفاعه، لكنها لن تقضي على التنظيم”.
وبينما نقلت مجلة “ذا هيل” الأميركية، المعنية بشأن الكونغرس، عن النائب الجمهوري، العضو في لجنة الخدمات العسكرية روب ويتمان، ان الولايات المتحدة وحلفاءها “يعكفون حاليا على مناقشة إمكانية نشر قوات برية من الدول العربية لمكافحة الدولة الإسلامية في العراق وسورية”، رأى خبراء دفاعيون محليون، انه رغم وجود محاذير، على المشاركة البرية العربية، الا انه “بنفس الوقت هناك خطر على دول المنطقة، وهذه الدول معنية بمواجهة هذا الخطر”.
وفي دحض للأنباء التي أكدت مؤخرا وجود قوات عربية وأردنية على الأرض في سورية والعراق، أكد النائب ويتمان “عدم وجود قوات تابعة لدول عربية على الأرض، في الوقت الراهن، سواء في العراق أو سورية”، إلا أنه أكد وجود “مناقشات حول كيفية القيام بذلك، وان قوات البيشمركة هي التي تقاتل حاليا”.
وكان هذا النائب الأميركي عاد مؤخرا من رحلة، ترأس فيها وفدا من نواب جمهوريين، شملت الأردن وقطر وأفغانستان، والتقى خلالها جلالة الملك عبدالله الثاني الاثنين الماضي في عمان، وقادة الجيش الأميركي في الدول المذكورة، والقوات والقادة غير الأميركيين ايضا.
وتعليقا على التدخل البري العربي المحتمل، رأى مدير مؤسسة المتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى محمود ارديسات أن هناك ضرورة للتدخل البري، رغم ان “الاستراتيجية الأميركية لغاية الآن تتحدث عن تقوية الجيش العراقي، والبيشمركة ودعم القوات المعتدلة في سورية، ولا حديث عن دول عربية ابدت استعدادا علنيا وصريحا بالتدخل بريا”.
ويقر اللواء الركن الطيار المتقاعد ارديسات، في حديثه لـ”الغد” امس، بأن “لا بلورة لغاية الآن لهذا الأمر الضروري، والذي لن تحسم الأمور بدونه (في الحرب على داعش)، سواء كان من يقوم بهذا التدخل البري، قوات عراقية أو بيشمركة أو قوات معتدلة في سورية، أو أطراف أخرى، فالضربات الجوية لن تقضي على “داعش”.. قد تحاصرها وقد تحد من اندفاعها، لكنها لن تقضي عليها”.
وبينما يؤكد ارديسات وجود محاذير وخطورة في مشاركة دول عربية بريا، “لأنها ستكون معركة طويلة الأمد، فمن هو البلد المستعد لارسال قوات تحارب خارج حدوده لعامين أو ثلاثة مثلا؟!”، إلا أنه يرى أن ذلك “أمر لا بد من مواجهته في نهاية المطاف”.
وعن المملكة، ختم ارديسات بقوله: “نحن كأردن ودول عربية، نتعرض للخطر، وسياسة النأي بالنفس لم تعد تجدي نفعا، لذا، ورغم المحاذير، فان هناك خطرا على دول المنطقة، وهذه الدول معنية بمواجهة هذا الخطر، ومثال على ذلك ان “داعش” تحارب في الأنبار حاليا، وفي ارض مفتوحة باتجاه الأرض الأردنية”.
وكان النائب الأميركي ويتمان، اكد، في ذات المقابلة التي اجرتها معه “ذا هيل”، غداة عودته الى اميركا الأسبوع الماضي، ان “الأردن قدم الدعم الجوي، وبعض المساعدات، ولكن لا عناصر اردنية على الأرض بشكل مباشر”.
وقال ويتمان ان القادة العسكريين، الذين التقاهم في المنطقة، افادوا بأن الحملة الجوية تقوم بالفعل بالحط من شأن “داعش”، ولكن “هناك حاجة لمزيد من القوات على الارض، وليس بالضرورة قوات امريكية”.
وأشار إلى وجود “شعور بأننا بحاجة إلى أن ننظر من منظور أوسع، حول ما هي الاستراتيجية التي ستهزم “داعش” بشكل كامل”، وأشار إلى أنه يعتقد “بوجود إجماع قوي على أن هناك حاجة إلى أكثر من القوة الجوية”.
واضاف: “أمر أساسي هو أنك لن تقتلع “داعش” من هذه المناطق، إلا إذا كان لديك قوات على الأرض، لاستعادة السيطرة على تلك المناطق”، وقال ان القوة الجوية “ناجحة، ولكن نجاحها محدود”.
الى ذلك، وبرأي الخبير والباحث في شؤون الجماعات المتشددة حسن ابوهنية، فهناك إجماع على أنه لا بد من التدخل البري، لأن البشمركة والقوات العراقية “لا تبدوان مؤهلتين للقيام بالمهمة وحدهما”.
وفي حديثه لـ”الغد” أمس، حول التدخل البري المطلوب، لفت أبوهنية، الى ما قاله رئيس الأركان الأميركي مارتن ديمبسي، من أن هناك حاجة لثمانين ألف عنصر بري من القوات العراقية. إما بخصوص الجانب السوري، والذي وصفه ديمبسي بـ”المعقد”، فانه “تم تدريب قوات سورية معتدلة من خمسة إلى عشرة آلاف في تركيا والسعودية”.
كما أن “هناك إقرارا بأنه لن يتم القضاء على “داعش” بدون قوات برية مجهزة ومدربة، فتنظيم الدولة يتقدم رغم الضربات الجوية”.
وتحدث أبوهنية عن تسريبات “قوية”، تشير الى تجهيز او محاولة مشاركة اردنية برية، بشكل مباشر، ولكنها “لم تخرج عن اطار الاشاعات”، وأشار الى ما أسماه تغييرا في خطاب الأردن بهذا الصدد، والتأكيد على أن “هذه حربنا”.
وبما ان المملكة جزء من التحالف، فاذا تطلب الأمر “لن يتردد الأردن والدول العربية عن ارسال قوات برية، فلا فرق بين الجو والأرض في النهاية، ومن يتدخل جوا يتدخل برا” بحسب تقدير ابو هنية.
من جانبه، اكد مصدر مطلع لـ”الغد”، ان المعلومات تؤكد انه “لن يصار الى ارسال الجيش العربي الى سورية للحرب هناك”، ولكن “ربما يتم تقديم تسهيلات لقوات برية”.
وكان موقع “العربية نت”، ذكر اول من امس ان هناك “قرارا للبنتاغون بإرسال سرب، من 10 طائرات A-10 Warthog، المعروفة بـ”الدبابة الطائرة” لدعم حرب التحالف الدولي على “داعش” في سورية والعراق، ما اعتبره ذات الموقع “أكبر دليل على مباشرة قوة برية أميركية في قتال “داعش”، بدءا من الشهر المقبل على الأقل”.
الى ذلك، كان البيت الأبيض اعلن ان الرئيس الأميركي باراك اوباما سيبحث مع جلالة الملك عبدالله الثاني، يوم الجمعة المقبل “الجهود لمواجهة “داعش” وإيجاد حل سياسي في سورية”.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.