‘The American Sniper’ Beautifying the Ugly Face

<--

عبر أكثر من 20 سنة، وبعد دراسة وتحليل أكثر من 900 فيلم سينمائي أمريكي، توصل جاك شاهين أستاذ الإعلام في جامعة Southern Illinois الأمريكية، إلى استنتاج أن العرب دائما يصوَّرون تبعا لأكثر التصنيفات النمطية بشاعة في الأفلام الأمريكية.

شاهين في كتابه «المخادعون»، صنف العرب في وسائل الإعلام الأمريكية إلى أربعة: شيوخ نفط مترفين، إرهابيين قاذفي قنابل، تجار جشعين، أشرار ذوو أنوف معقوفة!!

أفلام هوليودية قديمة مثل: النينجا الأمريكي والإبادة، لعبة القتل، عودة المومياء وغيرها الكثير، تفننت في رسم صورة العربي المخادع الغادر الذي يسكن الخيمة ويملك الجمل ويعشق النساء، بينما يُظهرون المرأة العربية في صورة المسلوبة الإرادة، الضعيفة الجاهلة غير المتعلمة!

لعل ما سبق كان في سياق تنميط صورة الإسلام والمسلمين وتشويهها، وترسيخ بشاعة صورة العربي والمسلم في الوعي الجمعي الغربي، بل حتى في الوعي الجمعي داخل مجتمعاتنا العربية والإسلامية، في الوقت الذي يُجمّل فيه اليهود والرجل الغربي الأصفر!

لكن ما يلاحظ بعد الغزو الأمريكي للعراق وأفغانستان خروج العديد من الأفلام التي تهدف إلى محو عار الجرائم الأمريكية في الدول التي احتلتها، في الوقت الذي تجتهد فيه لإبراز (أبطال) وفق قيم المحتل، كان لهم دور في (تحرير العراق)!!

من تلك النماذج ما يُعرض هذه الأيام في السينما الهوليودية، وهو فيلم American Sniper وهو مأخوذ عنوانا ورواية من صاحب القصة «كريس كايل»، القناص في الجيش الأمريكي، الذي كتب تلك الرواية بالتعاون مع المحامي سكوت ماكيون والكاتب جيم ديفيس المتخصص في كتابة القصص العسكرية!

كايل أو ما يطلق عليه «الأسطورة» خدم في العراق خلال الفترة 1999-2009، قتل خلال تلك الفترة 160 شخصا مضمونا، من مجموع 250 عراقيا يتفاخر بقتلهم في روايته ومقابلاته التلفزيونية!

ووفقا لرواية «بشّر القاتل بالقتل ولو بعد حين» فقد قضى (السفاح) كايل مقتولا قبل عامين هو وأحد زملائه على يد شاب مغمور.

فيلم القناص الأمريكي – على ما به من توصيف للجحيم وللحياة البائسة التي عاشها الجنود الأمريكان، سواء داخل العراق أو حتى بعد عودتهم إلى أمريكا – يعتبر محاولة من محاولات متجددة لتجميل وجه جنود الاحتلال الأمريكي في العراق، فقد سبقته محاولات كثيرة، منها فيلم «خزانة الألم» و«ذا باسيفير» مثلا.

هوليود حاولت مرارا وتكرارا إبراز الجندي الأمريكي في أجمل صورة، وإخفاء كل الصور المخزية التي خلّفها في العراق وأفغانستان وقبلها في فيتنام واليابان مثلا.

وبما أننا استعرضنا فيلم القناص الأمريكي كمثال، فسأذكر ما يحاول ذلك الفيلم ترسيخه، وللأسف يُعرض لدينا في صالات السينما العربية بما يحتويه من شتم قذر للمسلمين، ووضع الإرهاب والمسلمين والعرب في سلة واحدة!

ذلك الفيلم يتحدث عن إرهاب الفلوجة والرمادي، والجميع يعلم من يعيش في تلك المناطق!

بل يجتهد في مقاطع معينة في أن يربط بين القرآن الكريم والأسلحة والقنابل!

ثم يجتهد في أن يبرز لنا تنشئة القناص كايل الإنجيلية، عبر تركيزه أكثر من مرة على نسخة الإنجيل التي كان يحملها منذ صغره في جيبه، ولازمته فترة تواجده مع جيشه المحتل في العراق، تنفيذا لأوامر قائده بوش الذي قال ذات مرة إنها حرب صليبية!

فيلم القناص الأمريكي يحاول ربط العراقيين السنة بالإرهاب، بينما تناسى الإرهاب الشيعي ضد أهل السنة في العراق، بل تناسى الإرهاب الأمريكي الذي قتل أكثر من مليون عراقي، هذا عدا الاغتصاب والتشريد وفضائح المعتقلين في السجون!

هي محاولة لطمس حقيقة ما فعلوه في سجن أبو غريب، وجريمتهم البشعة المتمثلة في اغتصاب الطفلة عبير الجنابي، بل اغتصاب فتاة عراقية بعد إبادة عائلتها ومن ثم إحراقهم جميعا في منزلهم ليخفوا آثار جريمتهم!

هي محاولة لطمس ما فعله الجنود هناك من تبوّل على جثث العراقيين والتصوير بقربها، وصولا الى نهبهم أموال العراق المستمر حتى اليوم، بتواطؤ صفوي يرعاه الحرس الثوري الإيراني!

هذه هي حقيقة ما فعله جندي الاحتلال الأمريكي في العراق، وليس البطولات الوهمية التي يحاولون تسويقها لمسح تاريخ أسود لا يمكن أن يُمحى من الذاكرة.

هي بالضبط نفس المحاولات التي يحاولون من خلالها تمجيد بطولات وقوة الجندي الأمريكي في حرب فيتنام، متجاهلين الفضائح والفظائع التي ارتكبوها هناك.

هوليوود لا تُستغل وتوظّف اليوم لتشويه صورة العرب والمسلمين فقط، وإنما لتزوير تاريخ الأمريكان الأسود، الذي خّلفوه في العالم وفي ديار المسلمين بالذات!

سمعة جنود البحرية الأمريكية والقوات البحرية الخاصة والسرب الخامس ووحدة المروحيات ارتكبت من الجرائم البشعة في أفغانستان والعراق ما يشيب لهوله الولدان، وما تلك الأفلام إلا محاولات بائسة لوضع طنّ من الماكياج على وجه قبيح تفوح منه رائحة القتل والدم والكراهية.

About this publication