تحيي إيران هذه الأيام الذكرى الـ36 لثورة الخميني ورفاقه من ملالي ولاية الفقيه على الدولة الملكية الإيرانية.
عقود حافلة بالإثارة والتثوير، قلبت تاريخ المنطقة حتى يومنا، انطلاق الدولة أو الجمهورية الإسلامية بفكر الخميني أسس لانبعاث إشعاعات أصولية سياسية ضارة في المنطقة كلها، وقامت في المنطقة سوق للمزايدات السياسية والدينية، كان سببه الزعيق الخميني حول «الحكومة الإسلامية» وهو عنوان أحد كتبه الشهيرة.
رعت جمهورية الملالي الكثير من الحركات الثورية الدينية، داخل الإطارين الشيعي والسني، وتسببت بالكثير من الحروب والفتن والتمزقات الاجتماعية والسياسية، وغذت وما زالت حالة التهييج الديني والسياسي، وحالفت كل قوى التخريب والتهييج في المنطقة، وعلى رأسها جماعة الإخوان، ولا عجب فنظرية ولاية الفقيه هي النسخة الشيعية من نظرية الحاكمية الإخوانية، وولي الفقيه الشيعي، هو الخليفة السني في منظور جماعة البنا.
الغريب، أنه مع كل هذا الضرر البليغ الذي تسببت به دولة ولي الفقيه – للعلم فإن المرشد الحالي علي خامنئي قد ترجم بعض كتب سيد قطب للفارسية! – الغريب أن هناك غراما غربيا بالحوار مع ملالي طهران، والتعويل عليها، وما إصرار الرئيس الأميركي الحالي أوباما إلا حالة ضمن حالات هذا الهوس.
حول ذلك تحدث الكاتب الإيراني المعروف أمير طاهري في هذه الصحيفة أمس في قطعة جديرة بالقراءة بعنوان «إيران في ذكرى الثورة.. التغيير المطلوب». عن تاريخ هذا الهوس الأميركي بالحوار الخنفشاري مع إيران، طمعا بتغيير السلوك الإيراني، شارحا علل هذا الإيمان العتيد.
سأل طاهري: «ما هو العنصر المشترك بين جورج كلوني وجاك سترو وزبغنيو بريجنسكي؟ يعد نجم هوليوود الذي يبيع آلات إعداد القهوة عبر الإعلانات التلفزيونية، ووزير الخارجية البريطاني الأسبق، ومستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق، ضمن عدد متنام من أفراد النخبة الغربية الذين يحثون على التقارب مع الجمهورية الإسلامية حتى ولو كان ذلك يعني استرضاء الملالي».
ويلخص طاهري مرض العقل السياسي الأميركي، قائلا إن التوجه الغربي حيال النظام الخميني اعتمد على خرافتين على الأقل:
الخرافة الأولى: التعامل مع هذا النظام باعتباره دولة قومية طبيعية تسعى وراء مصالح طبيعية كتلك التي تسعى وراءها أي دولة قومية كلاسيكية (…) بيد أنه مثلما الحال مع الأنظمة الثورية الأخرى، لا يتصرف النظام الخميني، بل وليس بإمكانه التصرف، كدولة قومية كلاسيكية.
الخرافة الثانية: هي أن المطلوب هو حدوث تغيير في سلوك الجمهورية الإسلامية. بيد أن المشكلة هنا تكمن في أن سلوك الجمهورية الإسلامية هو نتاج مباشر لطبيعتها كنظام ثوري.
تحدث الرئيس أوباما قبل أيام في مقابلة مع إذاعة أميركية عن فلسفته «العظيمة» في الحوار مع ملالي طهران، فقال «يمكن أن نفترض أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق فإنه سيكون اتفاقا يمكن للعالم أجمع أن يراه».
وبعد: ما زال الخميني فاعلا في واشنطن. وقد قيل قبل: من جرب المجرب فعقله مخرب.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.