رغم الادعاء بأن التحالف الذي تخوضه الولايات المتحدة ضد ” الإرهاب ” بأنه فاعل، إلا أن الحقيقة الساطعة تؤكد عكس ذلك، إذ ليس مايحصل ميدانيا يعكس الإعلام حوله، بل هنالك صورة غير مطابقة لما كان متوقعا من التحالف وخصوصا من الولايات المتحدة سيده وعرابه. فهذه الأخيرة، يمكنها حسب التقارير خلال ثلاثة أيام فقط ولوحدها دون تدخل من أحد أن تشن ضربات قاتلة ضد هذا الإرهاب تؤدي إلى إنهاء وجوده من على سطح الأرض التي يتواجد فيها.
هي إذن كذبة أميركية لا أعتقد أنها تنطلي على أحد في هذا الوقت بالذات لعدة أسباب: إن الولايات المتحدة الأميركية مرتاحة جدا لحالة الفوضى التي تضرب المنطقة من جراء ظهور هكذا تنظيمات وإنها تعقد عليها آمالا كبارا كي تستمر وتثمر أكثر لتجعل كل قطر منها صورة عن ليبيا. وثانيها أن أميركا التي لايهمها من المنطقة سوى إسرائيل والنفط، تراها مؤمنة بأن الكيان الصهيوني يعيش حالة ازدهار لم يعشها طوال وجوده، فيما النفط مؤمن لها وبالسعر التي وضعته وترعاه. وثالثها، إن أميركا تمكنت من نقل تلك الفوضى إلى المنطقة كي تبقى فيها أطول مدة ممكنة وأمنت بالتالي عدم انتقالها إليها كي لايحصل ماحصل في الحادي عشر من سبتمبر.
هذا التصور يأخذنا إلى البعد الأساسي الذي يمكنه وحده تغيير قواعد اللعبة وهو اعتبار سوريا الأساس في التحالف ضد الإرهاب، ومع أن سوريا تقاتله بلا هوادة وقد أصابته في مقاتل عديدة، إلا أن وجودها خارج هذا التحالف يظل غير مفهوم ويمثل الطابع المخادع والزائف لهذا التحالف وحربه المهزلة. وكلنا يعرف معنى معارك الأكراد ضد الإرهاب الذي أراد الانتقام في اتجاه مختلف فوضع يده على أكثر من ثلاثمائة من الطائفة الآشورية المسيحية التي لم يعرف عنها شيء حتى الآن. وفي مجتمع أوروبي مسيحي، نربأ به أن يسلط الضوء على هذا الواقع المر إذا لم يحسن اختيار الشكل المناسب الذي يدافع به عن مسيحييه في العالم، إلا إذا كان لمسيحيي الشرق نبي يختلف عن نبيهم.
صورة مؤلمة لما يحدثه داعش سواء في إرهابه السكان العرب، أو في تماديه بقتل أشكال الحضارة بتدمير المساجد التاريخية أو الكنائس التي لها عمر مديد أو محتويات متحف الموصل بكل تنويعاته التاريخية. فنحن إذن أمام برابرة لايعطون وزنا لا للإنسانية ولا لحضارتها عبر التاريخ. ومع هذا متروك لهم أن يفعلوا هذه الأفعال الشنيعة، بغض الطرف من قبل الإدارة الأميركية كما أسلفنا أسبابه، وبمساعدة تركية وحتى من بعض العرب.
سيظل الواقع الفاجعي في المنطقة قائما طالما أن الأميركي يحقق مبتغاه من مجريات أموره، وطالما أن الإسرائيلي نجح في أن يساعد في المزيد من فوضاها، مع عجز أوروبي فاضح لم نر له مثيلا، بل كأنه موافق على كل الاستهدافات التي تحصل لأبناء المنطقة وتحديدا لمسيحييه.
لا نعتقد أنه فات الأوان لإعادة النظر بالسياسات الأميركية المتبعة بشأن محاربة الإرهاب، فما زال بإمكان تلك الدولة العظمى أن تخرج من كذبها إلى الحقيقة الواعدة، إن كل هذا الإرهاب المستشري في المنطقة يمكن القضاء عليه تماما وبأيام قليلة لاتتعدى أصابع اليد الواحدة وأول خطوة في هذا الاتجاه التوقف عن السير في المخطط المثير للسخرية المسمى تدريب معارضة سورية مسلحة معتدلة، إذ لا اعتدال مع البندقية والمدفع بل التطرف والإرهاب كما يؤشر واقع الحال.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.