Kerry and His Israeli Tongue

<--

في مؤتمر شرم الشيخ الذي انتهى أمس الأول “أخطأ” وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أو “تعمد الخطأ” عندما تحدث في كلمة ألقاها في فعاليات اليوم الأول من المؤتمر عن سعي الولايات المتحدة لتأمين مستقبل “إسرائيل”، وكان يقصد بذلك تأمين مستقبل مصر، التي احتشد من أجل صنعه العشرات من رؤساء الدول والمنظمات والصناديق الاقتصادية .

لم تكن العبارة مجرد “زلة لسان” من مسؤول يعد بمثابة مهندس السياسة الخارجية لأكبر دولة في العالم، بقدر ما كانت تعبيراً حقيقياً عما يؤمن به ومعه كل أمريكا تجاه “إسرائيل” وتجاه مستقبل هذا الكيان المزروع في جسد الأمة العربية بتواطؤ غربي .

الخطأ لم يكن كارثياً كما يتصوره بعضهم، بل أمر طبيعي، فالولايات المتحدة الأمريكية لا ترى في هذا الوجود إلا “إسرائيل” الصديق والحليف والابن المدلل ولا ترى في العرب إلا مجرد جيران سيئين وغير صالحين للحياة بقرب هذه الدولة .

وعلى الرغم من تدارك السفارة الأمريكية بالقاهرة خطأ أو “كارثة” أو “زلة لسان” وزير خارجيتها لتعلن أن السفر طوال الليل، وقلة النوم، وحضور الفعاليات صباحاً، كانت سبباً في زلة لسان كيري حينما أخطأ في ذكر اسم “إسرائيل”، وتأكيده أنه “ملتزم بإعادة ثقة المستثمر في مستقبل “إسرائيل” بدلاً من مصر، إلا أن الموقف لا يدعو للضحك إطلاقاً، لأنه في الحقيقة ينم عما تضمره الولايات المتحدة تجاه الدولتين، وهذا ما عبر عنه عالم النفس المعروف سيغموند فرويد، الذي وصف زلات اللسان بأنها بمثابة مرآة تكشف أفكاراً أو أمنيات دفينة في اللاوعي، وتخرج إلى النور عبر خطأ لغوي غير مقصود، وهو ما حصل مع كيري .

جاء كيري إلى مصر وهو يحمل مشروع حماية “إسرائيل”، وعندما وقف في مؤتمر شرم الشيخ لم يكن يرى الوفود الدولية التي احتشدت من أجل دعم مصر، ولم ير فيها إلا مستقبل “إسرائيل” .

هذه هي أمريكا، كما عرفناها سابقاً وحاضراً، ولن تتغير مواقفها تجاه العرب و”إسرائيل”، فعند المقارنة بين الجانبين لا تتردد لحظة في إعلان مواقفها الصريحة حتى وإن حاول بعض العرب تغطية هذه المواقف بالتأكيد على أنها دولة عظمى وصاحبة القرار الأول والمؤثر في عالم اليوم .

أمريكا لا ترى في الشرق الأوسط إلا حقل تجارب كبير لسياساتها، وهي منذ عقود تزرع الفتن في بلدان المنطقة لكي تحافظ على سلام “إسرائيل” ومستقبلها، ولهذا فإن كيري عندما تحدث في مؤتمر شرم الشيخ عن ضرورة دعم مستقبل “إسرائيل”، إنما أفرغ ما في جوفه من مشاعر، والتي تعكس سياسة الولايات المتحدة الحقيقية تجاه “إسرائيل” والمنطقة العربية بأكملها، وأكد أنه يتحدث بلسان “إسرائيلي” لا باسم أمريكا .

About this publication