America’s Sponsorship of Global Terrorism

<--

الرعاية الأميركية للإرهاب العالمي

متابعات سياسية

الاثنين 20-4-2015

 د.أحمد نزار الوادي

المواقف الأمريكية والغربية الداعمة والمشجعة على الإرهاب أوصلت المنطقة إلى ماهي عليه من حرائق وحروب , فقد تعاملت الولايات المتحدة ومن خلفها أوروبا بمعايير مزدوجة إزاء مايحدث في سورية والعراق وأوكرانيا,

فالإدارات الأمريكية المتعاقبة تثبت يوماً بعد يوم أنها الداعم الأكبر لتنظيم القاعدة والمجموعات الإرهابية المتطرفة الأخرى وأن مواجهتها المحددة مع تلك التنظيمات هي مواجهات للتغطية على الدعم الكبير الذي تقدمه بشكل مباشر وغير مباشر لهذا التنظيم في باكستان وتركيا وسورية والعراق ومصر وشمال أفريقيا كذلك التدخل الصارخ في شؤون دول أخرى مثل اوكرانيا , وذلك بنشر الفوضى وتدمير مقومات التنمية خدمة لمصالحها ولمصالح الكيان الإرهابي الصهيوني الذي يحرض ليل نهار ضد سورية من أجل إضعافها ومن ثم إخراجها من محور المقاومة واكبر دليل على ذلك «داعش» التي لقيت كل أشكال الدعم والرعاية من قبل أمريكا والغرب ودول الجوار والأطراف الدائرة في فلكها من جماعة التتريك ومشيخات البترودولار،والتي أصبحت فجأة في نظر الرئيس الأمريكي أوباما تنظيماً إرهابياً متشدداً وخطراً سرطانياً يجب اجتثاثه قبل أن يتمدد ويطال قلب أوروبا وأمريكا.‏

فالحرب التي تشنها أمريكا على داعش هي أكذوبة كبيرة,والتفويض المعطى للولايات المتحدة بمكافحة الإرهاب هو تفويض وهمي ,فالولايات المتحدة هي «الراعي الأول للإرهاب العالمي» و تنظيم داعش يحظى بحماية أمريكا وحلفائها ولو أرادوا القضاء على هذا التنظيم لكان بإمكانهم أن يقوموا بقصف مركَز لقوافله عندما اجتازت الصحراء بين سورية والعراق في حزيران الماضي كما إن الدول الغربية لاتملك حتى الآن سياسة واضحة لمواجهة «داعش» ولم تحدد آلياتها أو حدودها لأن ما يبدو من تصريحات قادة أوروبيين وأمريكيين أن هناك تشوشاً وحالة من الارتباك وعدم اليقين في جدية الغرب لمواجهة الإرهاب والذي يظهر من خلال استمرار تقديم العون والدعم المالي للتنظيمات الإرهابية , إضافة إلى أن هذه التنظيمات تهّرب وبشكل علني النفط من الآبار التي تسيطر عليها وتقبض ثمنه من أشخاص وشركات وبأسعار زهيدة من دون حسيب أو رقيب,لكن أمريكا راضية بما يحققه داعش، وترددت كثيراً في الرد عليه، وحتى غاراتها الجوية كانت للاستعراض ليس إلا، وهي تمده بالسلاح كي يستمر ولا يموت، فتمول القوة الجوية العراقية بالصواريخ والمدافع ومن جهة أخرى تمول داعش بصواريخ مضادة للطائرات,الأمر الذي يؤكد احتضان أمريكا للإرهاب والعمل على تقوية التنظيمات الإرهابية التكفيرية باعتبارها الذراع العسكرية التي تنفذ عبرها أجنداتها الاستعمارية والتي تستهدف البشر والحجر وماضي الشعوب وحاضرها.‏

يؤكد الكثير من المتابعين والخبراء والباحثين أن أميركا ليست بصدد محاربة «داعش» واجتثاثها كما يحلو للبعض تسويقه لأن أميركا لو أرادت ذلك لكانت سلكت الطريق الذي يبدأ بوقف الدعم والتمويل الذي توفره دول تخضع كلياً للقرار الأميركي مثل السعودية وقطر ودول خليجية أخرى، ويشمل قطع خطوط الإمداد والتجنيد والتسليح التي تمر عبر تركيا والأردن كما لاينسى وجوب حصار «داعش» في أهم مرفق اقتصادي تستند إليه وهو تصدير النفط المسروق من العراق وسورية والذي يسوقه تجار أتراك إلى أوروبا ويرجعون إلى «داعش» بعائدات مالية باهظة تدفع بالدولار الأميركي.‏

وقد أكد نيكولاس راسموسن مدير المركز القومي الأمريكي لمكافحة الإرهاب أن واشنطن تحسب حساب الأجانب الذين انضموا إلى التنظيمات الإرهابية في سورية حيث تعمل على استمرار الإرهاب وإطالة أمده لضمان عدم عودتهم إلى بلدانهم خشية دخول أعداد منهم إلى أمريكا, فالإرهاب المدعوم أمريكيا وغربيا سوف يرتد على داعميه وستحصد الإدارة الأمريكية وغيرها ثمن مازرعته من أمنها وأمن مواطنيها.‏

وكذلك أكد روبرت فيسك في صحيفة الاندبندنت أن الحرب على الإرهاب أضحت مصطلحا مطاطا يتم استخدامه دون إطار محدد مما نتج عنه زيادة في أعداد الذين تتعين محاربتهم.‏

وتقسيم الإرهابيين بين «معتدل» تشجعه وترعاه واشنطن حيث يخدم مصالحها ومصالح إسرائيل، وبين «متطرف» تدعي محاربته مثل داعش والنصرة حيث الفوارق بين الاثنين نظرية فقط، ومايثبت ذلك رعاية الكيان الصهيوني لتنظيم النصرة في الجنوب السوري والدعم والإسناد اللوجستي والطبي وتدريبها وتسليحها عبر الأردن, فالعدو الصهيوني هو أساس الإرهاب وإن أدواته التي تعيث اليوم فسادا وقتلا وتدميرا وتشريدا تذكرنا بما قام ويقوم به هذا العدو بحق الشعب العربي منذ عشرات السنين، ولذلك فإن الأولوية تقضي بالضرورة محاربة هذا الإرهاب وكل شبكاته المتفرعة بكل السبل والإمكانات,فثمة حقيقة لابد أن يعترف بها الغرب ومن معه عاجلاً أم آجلاً وهي أنه لا يمكن محاربة الإرهاب والقضاء عليه قضاءً كاملاً إلا من خلال التعاون والتنسيق مع دول المنطقة وعلى رأسها سورية التي أثبتت الأحداث والتطورات أن معركة واحدة خاضها الجيش العربي السوري مع التكفيريين كانت أهم وأكثر جدوى وبما لا يقاس من كل الغارات التي شنها التحالف الغربي ضد التنظيم خلال الأشهر الماضية,لهذا يجب دعم المقاومة والدول الداعمة لها على الصعد كافة بإرادة عربية وإقليمية ودولية مهما كانت الضغوطات والتحديات، وبغير ذلك يبقى الحديث عن الإرهاب ومجابهته مجرد كلام وشعارات جوفاء ، وبداية المسار تكون بنبذ الأدوات والعملاء وقبل ذلك بوضع تعريف محدد للإرهاب، علما أن كثيرين يدركون أن الإرهاب بيّن وأن المقاومة المشروعة بيّنة.‏

فأمريكا والغرب وتركيا والسعودية وإسرائيل يقدمون الدعم لتنظيم القاعدة الإرهابي وأتباعه من داعش وجبهة النصرة والكيانات المرتبطة به من أجل تنفيذ أجندات أمريكا العدوانية في المنطقة والعالم وفي سياق آخر تبدو المعادلة مغايرة تماماً حيث السوريون كانوا أكثر يقيناً من أي وقت مضى بأن خطواتهم في الميدان وعلى كل الجبهات تتحرك نحو الأمام وأن الموقف السياسي يتوازى في حراكه مع تزايد الثقة بالقدرة على الدفاع عن الذات والنفس وأن صمودهم سيستمر وبوتيرة أعلى مما كان , فإرادة التحدي لدى السوريين باتت أشد وضوحاً والطريق الذي نسلكه سيقود إلى النصر الذي يقترب وتلوح مؤشراته في الأفق .‏

About this publication