Bush and Clinton: Has America’s System of Government Become a ‘Monarchical Republic’?

<--

تتبع الولايات المتحدة الأمريكية نظام الحكم الجمهوري، غير أن سياقات الانتخابات السابقة واللاحقة، تظهر نزوح نظام الحكم «بمهد الديمقراطية « نحو حكم العائلات السياسية، التي تعاقبت على حكم البيت الأبيض، حيث يتردد اسمان سياسيان أكثر من غيرهما، ويتعلق الأمر باسم بوش وكلينتون، على مدى سنوات من تاريخ البيت الأبيض، وتظهر سياقات انتخابات 2016، أن السباق الانتخابي قد يحصر بين هذين الاسمين، كما في فترات انتخابية سابقة، حيث إن هيلاري كلينتون وجيب بوش، اللذين ينحدران من سلالة حكمت البيت الأبيض، يعتبران أهم مرشحين لدى الديمقراطيين والجمهوريين. تعاقب هذين الاسمين على البيت الأبيض يبعث على القول بأن نظام الحكم في أمريكا شبيه بنظام الملكية، إذ إن جيب بوش، حاكم ولاية فلوريدا سابقا، هو ابن للرئيس الأمريكي الأسبق بوش الأب، والأخ الأصغر للرئيس الأسبق بوش الابن، وفي المقابل، هيلاري كلينتون، زوجة الرئيس الديمقراطي الأسبق بيل كلينتون، ووزيرة الخارجية في الفترة الرئاسية الأولى للرئيس باراك أوباما.

تظهر الكثير من استطلاعات الرأي التي أجريت تفوق سلالة البيت الأبيض على بقية المنافسين، كما أن هناك العديد من الباحثين الذين اعتبروا الطريق مفتوحا على مصراعيه بالنسبة للطرفين للظفر برئاسة البيت الأبيض، حيث علقت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية على إعلان وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلارى كلينتون ترشحها لحكم البيت الأبيض، وقالت إن كلينتون تدخل السباق باعتراف عالمي باسمها، وذكاء لا يختلف عليه أحد، وسجل من العمل الشاق والكفاءة، ومع ذلك، فهي تعرف، مثل أي شخص آخر، أن طريقها نحو البيت الأبيض لن يكون سهلا.

بالموازاة مع ذلك، أصدر موقع الصحيفة البريطانية «الإندبندنت»، تقريرا يرصد من خلاله، الاحتمالات التي تنتظر مرشحة الرئاسة الأمريكية «هيلارى كلينتون» بعد إعلانها الدخول في السباق الرئاسي لعام 2016، مبرزا الأسباب التي قد تقربها أو تبعدها عن البيت الأبيض. إذ خلص التقرير إلى أنه على الرغم من تفوق «كلينتون» في أغلبية استطلاعات الرأي التي نشرتها الصحف قبل ترشحها بشكل نهائي، إلا أن التقرير يعتبر أن هناك العديد من العوامل، التي قد تضعف فرص فوزها ووصولها إلى البيت الأبيض.

من بين هذه الأسباب التي قد تضعف حظوظ وصولها إلى البيت الأبيض كرئيسة، تصدرها لأغلبية استطلاعات الرأي، التي اعتبر التقرير أنها رغم اعتبارها علامة تفوق، إلا أنها قد تضعف حملتها عبر جلبها للتهاون والغرور، وخلقها حالة من الملل بين المصوتين.

تنضاف إلى هذا العامل، مسألة كبر سن هيلاري، إذ تبلغ من العمر67 سنة، وإذا ما فازت، فإنها ستكون ثاني أكبر رئيس في البيت الأبيض بعد الرئيس الأمريكي الراحل «رونالد ريغان»، الذي أصبح رئيسا لأمريكا وهو في نهاية عامه الـ69.

وتطرق التقرير إلى عنصر آخر، قد يضعف حظوظ هيلاري، وتمثل في محاولتها جمع مبلغ يقدر بـ2.5 مليار دولار لتمويل حملتها الانتخابية عن طريق علاقاتها المتشعبة والمتعددة، وهو مبلغ يرى التقرير أنه أكبر مبلغ تم استخدامه في حملة انتخابية لرئاسة البيت الأبيض، وهو الأمر الذي جعل البعض يرجح تقربها إلى شركات «وول ستريت» وتجاهل الممولين المعتادين من القاعدة الشعبية.

وقد أضاف التقرير أن فكرة وصول أول سيدة إلى البيت الأبيض كرئيسة للجمهورية وليس كسيدة أولى، يضاعف فرص فوز «كلينتون» وحصولها على أصوات من يروم تحقيق حدث تاريخي جديد داخل أمريكا، ولكنه لا ينفي وجود الكثيرين ممن سيصوتون ضدها نظرا لكونها امرأة.

وأشار التقرير إلى أن هيلاري تتوفر على حظوظ تفوق حظوظ غريمها جيب بوش، فيما يتعلق باستقطاب النساء، خصوصا اللواتي أتممن مسارهن الجامعي، إلى جانب استقطابها أيضا لفئة الشباب ما بين سن 18 و39، مقارنة بغريمها السياسي جيب بوش.

في المقابل، رأت صحيفة «ذا سبيكترام» الأمريكية، أن تاريخ هيلاري كلينتون ليس في صالحها ولا يؤهلها لتولي رئاسة الولايات المتحدة، حيث أشارت إلى أن السياسة الخارجية الأمريكية شهدت انتكاسات عدة، وتخللتها كوارث خلال تولي كلينتون منصب وزيرة الخارجية. وكما هو الحال في الشرق الأوسط، قوضت السياسة الخارجية الأمريكية صداقات واشنطن مع دول أوروبا وانحازت لأعدائها خلال فترة ولاية كلينتون. وكذلك بدأ التصعيد الخطير في السياسة الخارجية مع روسيا، من خلال تراجع إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن الالتزام مسبقا بتوفير التكنولوجيا الدفاعية لحماية بولندا وجمهورية التشيك من الهجمات الصاروخية، وهو ما ترك الدولتين عرضة للضغوط والتهديدات من جانب روسيا، وترك الدول الأخرى تتساءل إلى أي مدى يمكن اعتمادها على الوعود الأمريكية.

وأضافت أن الكارثة التاريخية حقا في السياسة الخارجية الأمريكية – التي تتمثل في تقاعس واشنطن عن منع إيران من امتلاك النووي – حدثت خلال فترة ولاية كلينتون، فيما تعطي المفاوضات المطولة لطهران الوقت لمضاعفة وإخفاء وتعزيز منشآتها النووية.

وتابعت الصحيفة أن السياسة الخارجية الأمريكية لم تشهد أي انتصارات سياسية خلال تولي كلينتون منصب وزيرة الخارجية، وكان في سوريا والصين وكوريا الشمالية والبلدان الأخرى مشاهد متكررة للانتكاسات المتشابهة.

هيلاري القوية

بالموازاة مع ذلك، يرى محللون أن طريق كلينتون لتجاوز الانتخابات التمهيدية يكاد يكون خاليا، فهي تقف وحيدة بين أقرانها الديمقراطيين حتى الآن على رأس مقدمة السباق. كما أنها تتمتع بخبرات وافرة وتدعمها تجارب وإنجازات واقعية في الشؤون الخارجية أثناء فترة عملها كوزيرة للخارجية بين عامي 2008 و2012، الأمر الذي سيعزز من قدرتها التنافسية ويوفر لها تفوقا واضحا في السباق.

فيما ذهب محللون إلى اعتبار أن بيل كلينتون، الذي يبلغ الثامنة والستين من العمر، ويستفيد من شبكة علاقات واسعة قوية، ويتمتع بجاذبية لا تقاوم وشعبية حقيقية، يتوفر على إمكانيات لمساعدة زوجته هيلاري التي بدأت السباق إلى البيت الأبيض، شرط أن يعتمد خطابا هادئا. لكن هذه المعادلة ليست سهلة، ففيما يتندر الجمهوريون بالقول إن السيدة الأولى السابقة هي مرشحة الماضي، فالحزب الديموقراطي يبدو أقل انقساما. ويبدو أن هيلاري كلينتون ستتمكن بسهولة من اجتياز عقبة الانتخابات التمهيدية، لأنها لا تواجه خصما حقيقيا، إلا إذا حصلت مفاجأة كبيرة.

إرث سياسي ثقيل

أما جيب بوش، الحاكم السابق لولاية فلوريدا، والمنافس القوي لهيلاري، فإن بعض استطلاعات الرأي تشير إلى أن حظوظه في الترشح تتقدم على كثير من المرشحين الآخرين الساعين للفوز بترشح الحزب الجمهوري. وسبقت إلقاء بوش لخطابه سلسلة من المقدمات وعروض موسيقية، حملت لمسة واضحة من تراث الجاليات ذات الجذور الإسبانية في الولايات المتحدة، الأمر الذي فسره المحللون بمحاولة استمالة الجاليات الإسبانية هناك.

وتعهد بوش، في شريط فيديو عرض في حفل إعلان ترشيحه قبيل خطابه، بحماية الناس المستضعفين في المجتمع، وإزالة الحواجز أمام الحراك الاجتماعي. وفي الفيديو الذي حمل عنوان «القرن الأعظم» قال بوش: «أرى بلادا عظيمة على وشك أن تدخل قرنها الأعظم، وأنا جاهز للقيادة».

لكن بعض التقارير الإعلامية أفادت بأن وصول جيب بوش لرئاسة البيت الأبيض، تعيقه الكثير من النقط السوداء في مسار الرجل، والمتعلقة بعائلته التي تعاقبت على حكم أمريكا، حيث اعتبر محللون أنه يكافح للهرب من ظلال سياسة أخيه الرئيس السابق جورج دبليو بوش، لكن بوش وجد نفسه في الأسابيع الأخيرة في موقف دفاعي بسبب الحرب على العراق، التي شنها شقيقه الرئيس السابق، إذ ظل متعثرا في توضيح موقفه منها. وسلط هذا الأمر الضوء على المشكلات التي قد يواجهها بسبب شهرة اسم عائلته وتبعات ذلك عليه.

مسار حافل

يدعو جيب إلى إصلاح نظام الهجرة. وحول التعليم، أحد مواضيعه المفضلة، فهو يدعم إصلاحا وطنيا للبرامج، يرفضه حزب الشاي المحافظ، وركز جيب على التعليم في تسجيل فيديو دعائي، تحدث فيه عن برنامج أطلقه في فلوريدا يساعد التلاميذ المنحدرين من أوساط متوسطة، على دفع الرسوم في مدارس خاصة. كما تولى جيب حتى العام الماضي، إدارة مؤسسة الامتياز التعليمي، التي دعا فيها إلى رفع مستويات التعليم الأمريكية التي تعتبر ضعيفة مقارنة بدول كبرى أخرى منافسة للولايات المتحدة.

وحسب استطلاع أخير لواشنطن بوست ولشبكة abc الإخبارية الأمريكية، فإن ما يقرب من نصف الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع يؤيدون التصويت لجيب بوش، والمؤكد أن جيب لديه نقاط تميز في ملفه، فعطفا على مقدرته الكبيرة في الحصول على تبرعات كافية وافية لحملته، فإن لديه علاقات عميقة مع عدد كبير من قادة الحزب الجمهوري وأجنحته، ويملك سمعة جيدة داخل الحزب وعلى المستوى السياسي، كما أنه يجيد اللغة الإسبانية ويستطيع حصد أصوات الناخبين من أصول لاتينية ولديه مصداقية داخل المجتمع الإسباني يمكن أن تعزز فرصه في توسيع قاعدة حزبه.

وقد فاجأ بوش في شهر يونيو الماضي حشدا من المتدينين الأمريكيين حين دعا إلى فتح أبواب أمريكا أمام المهاجرين، لأنهم يدفعون الاقتصاد الأمريكي إلى الانتعاش بسبب خصوبتهم، وعائلاتهم الكبيرة، ودورهم في رفع رصيد الضمان الاجتماعي وصندوق التقاعد للجيل الذي ولد في مرحلة انفجار معدلات الولادة بعد الحرب العالمية الثانية.

كما أن هناك تجمعا لعب دورا كبيرا جدا في دعم أخيه الأكبر، ويتعلق الأمر بتجمعات اليمين المسيحي الأصولي، ورغم أن هذه التجمعات قد خفت صوتها في الفترة الماضية، إلا أن هناك العديد من الاستحقاقات السلبية لفترتي رئاسة أوباما، عملت على إحياء فاعلية تلك الجماعة من جديد، وخاصة مع التأثيرات السلبية لما تردد عن علاقة أوباما بالجماعات الأصولية، ورواج منظومة الإسلاموفوبيا.

حكم العائلات

يرى متتبعون للانتخابات الأمريكية أن أمريكا، «مهد الديمقراطية»، تعيش مخاوف من تحولها إلى دولة «تحكمها عائلات» بعينها، نتيجة استمرار الوجود القوي لعائلتي بوش وكلينتون، في الساحة السياسية الأمريكية لمدة35 عاما متصلة، خاصة مع إعلان هيلاري كلينتون وجيب بوش ترشحهما للانتخابات التمهيدية في حزبيهما، استعدادا للانتخابات الرئاسية المرتقبة في 2016.

وخلال الـ35 عاما الماضية، كان اسما بوش وكلينتون الأكثر ظهورا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وبذلك، فإن المواطنين الأمريكيين الذين تقل أعمارهم عن36 عاما، لم يشهدوا سوى انتخابات رئاسية واحدة عام 2012، لم يترشح فيها أي من أفراد العائلتين، والتي فاز فيها الرئيس الحالي باراك أوباما.

وكان أول ظهور لعائلة بوش في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، عندما ترشح جورج بوش الأب في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري عام 1980، ولدى خسارته أمام رونالد ريغان، الذي فاز بترشيح الحزب ومن ثم بالرئاسة، تولى بوش الأب منصب نائب رئيس الولايات المتحدة لفترتين متتاليتين.

وفي عام1989 فاز بوش الأب في الانتخابات ليتولى رئاسة الولايات المتحدة حتى عام 1992، حيث خسر في الانتخابات الرئاسية لصالح مرشح الحزب الديمقراطي، بيل كلينتون. وبعد استمراره رئيسا للولايات المتحدة لفترتين، سلم كلينتون منصب الرئاسة لفرد آخر من عائلة بوش، هو بوش الابن، الذي تولى الرئاسة فترتين متتاليتين. وبذلك تكون عائلتا بوش وكلينتون حكمتا الولايات لمدة 19 عاما متواصلة منذ عام 1989 حتى عام 2008.

وكان من الممكن أن يعود منصب الرئاسة إلى عائلة كلينتون مرة أخرى، مع ترشح هيلاري كلينتون، في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي عام 2008، إلا أن انسحابها أمام باراك أوباما، منح السياسة الأمريكية راحة من العائلتين لفترتين رئاسيتين، تخللهما تولي هيلاري وزارة الخارجية في الفترة من يناير 2009 إلى فبراير 2013.

سلالة سياسية

والآن ومع إعلان هيلاري كلينتون الترشح للانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، وإعلان جيب بوش، الأخ الأصغر لبوش الابن، ونجل بوش الأب، في الوقت نفسه تقريبا، الترشح للانتخابات، استعدادا للانتخابات الرئاسية الأمريكية 2016، أثير النقاش في الولايات المتحدة حول ما إذا كانت تلك العائلتان «ستحتكران» السياسة في البلاد، وظهر مصطلح «السلالة الحاكمة السياسية» في الأوساط الإعلامية الأمريكية.

وتعليقا على ذلك الوضع، اعتبر مؤلف كتاب «عائلة الأسرار: سلالة بوش الحاكمة»، روس باكر، أن «الديمقراطية في الولايات المتحدة دخلت غرفة الإنعاش». ولفت باكر إلى نوع آخر من احتكار السياسة بخلاف احتكار العائلات، هو «سيطرة أصحاب فكر معين على الساحة السياسية»، ضاربا المثل بانتخابات2004 ، التي تنافس بها جورج بوش الابن عن الحزب الجمهوري، وجون كيري عن الحزب الديمقراطي.

ورأى باكر أن «سيطرة أفراد عائلات معينة أو أصحاب فكر معين، على الساحة السياسية الأمريكية، رغم وجود أعداد كبيرة من المؤهلين، أمر يبعث على الإحباط»، معربا عن اعتقاده أن «التأثير الكبير للمال والشركات الكبرى وقطاع الصناعات الدفاعية، على الساحة السياسية الأمريكية، لا يترك كثيرا من الخيارات أمام الشعب الأمريكي».

عمق قديم

وبدورها، أشارت مؤلفة كتاب «أقرباء جميع الرؤساء: الأدوار السياسية»، وعضو هيئة التدريس في جامعة هارفارد، باربارا كيلرمان، إلى أن «ظاهرة تولي أفراد من نفس العائلة رئاسة الولايات المتحدة ليست جديدة»، مذكرة أن «ابن جون آدامز، الرئيس الثاني للولايات المتحدة الأمريكية، جون كوينسي آدامز، تم انتخابه كرئيس سادس للولايات المتحدة».

واعتبرت كيلرمان أنه «من المبكر الحديث عن احتكار عائلتي بوش وكلينتون للمشهد السياسي الأمريكي»، قائلة إن «وقتا طويلا يفصلنا عن الانتخابات الرئاسية 2016، ومن الممكن أن تشهد تلك الفترة تغيرات، خاصة مع اعتراض نسبة كبيرة من المواطنين الأمريكيين على فكرة أن تصبح المنافسة في انتخابات 2016، بين تلك العائلتين».

في حالة فوز بوش أو كلينتون، فإن الكثيرين سيعتبرون أن نظام الحكم في أمريكا والبيت الأبيض، قد تحول إلى ملكية جمهورية، يتقاسمها كل من عائلة بوش وكلينتون، اللتين حكمتا البيت الأبيض لسنوات.

About this publication