في البدء أشار عليها مستشاروها بأن توجه حملة تنفير الناخبين منه على مواقفه العدائية ضد المرأة وضد الأقليات، وأن مجال أعماله اكتنفته، بعض الأحيان، ظلال تحوم حولها الشبهات، وأنه غير مكترث بالشؤون الدولية، وأنه كذّاب. ومع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي، يبدو أن مستشاري حملة هيلاري كلينتون، وجدوا أن إسداء النصح للسيدة كلينتون على النحو سالف الذكر، لم يعط المردود المنشود بالتأثير سلباً في معسكر خصمها دونالد ترامب والقضاء على أية فرصة أمل لعرقلة طريق وصولها للبيت الأبيض. وإذ تأكدوا من أن صدى هذا الكيد والتشهير الشخصي لدى مستقبليه من عقول وقلوب أصوات الناخبين، ليس مرجِّحاً بما يكفي لمرشحتهم، فقد تحولوا إلى استراتيجية جديدة أكثر شراسة و«عدوانية»، فكان أن قرروا اللجوء لسلاح أشد وأسرع مفعولاً وأكثر خطورة، وهو سلاح بث الخوف والرعب في نفوس الأمريكيين بترهيبهم من مغبة صعود ترامب إلى سدة الحكم في البيت الأبيض.
بدأت خطة التخويف من ترامب أو ما يمكن أن نطلق عليه مجازاً «ترامب فوبيا»، باندفاعة قوية تحت شعار «الخوف من رئاسة ترامب» باعتبارها ورقة انتخابية رابحة. وانطلقت من هذا الشعار حملة إعلامية واسعة داخل الولايات المتحدة وخارجها، استهدفت شيطنة ترامب، وصولاً للطعن (أبعد من الشك) في أهليته لتحمل أمانة الزر النووي، وذلك بنسبة تصريح غير موثق له يزعم مروجه جو سكاربورو مقدم برنامج «مورننغ جو» على محطة «ام اس ان بي سي» الأمريكية، بأن ترامب قال له «إذا كان لدينا أسلحة نووية لماذا لا نستخدمها؟». ولم يجب عن سؤال حول سبب تكتمه على هذه الرواية طوال الأشهر التي قال إن ترامب أسرّ بها إليه. أما مجلة «الإيكونومست» البريطانية المساندة لحملة كلينتون، فقد عنونت أحد مقالات عددها للتاسع من أغسطس/آب 2016 «بمانشيت» صريح ومباشر «سوف يكون رئيساً خطراً.. ترامب ضد العالم»، ليبدو وكأنه منسوب لحملة كلينتون.
طبعا هذا «السلاح التكتيكي الانتخابي»، الذي أدخلته حملة انتخاب هيلاري إلى حلبة الصراع، سوف يتقدم جنباً إلى جنب مع سلاح الكيد والتشهير. إذ إن فريق حملتها لا يعتزم استبدال سلاح بآخر وإنما استخدام الاثنين بنفس القوة والفاعلية. في هذا السياق تم إلقاء «قنبلة صغيرة» على معسكر ترامب، حيث رمى المعسكر الموالي لهيلاري، ترامب بتهمة إقامة علاقة عمل مع الرئيس الأوكراني السابق فيكتور ياناكوفيتش الذي أطاحته واشنطن بالتعاون مع حلفائها الأوروبيين. كما ذهبت كلينتون إلى التشكيك في اتزانه العقلي. وأيدها الرئيس أوباما بالقول «إنه غير لائق للخدمة الرئاسية».
بدوره فإن ترامب نفسه لن يتوانى عن «إلقاء القنابل» هنا وهناك على معسكر منافسته، كما فعل على نحو درامي قبل أيام حين اتهم الرئيس أوباما ومنافسته هيلاري كلينتون بالوقوف وراء إنشاء تنظيم «داعش» الإرهابي، وتسريب وثائق عبر شبكات التواصل الاجتماعي تميط اللثام عن علاقاتها السرية مع «أعداء الولايات المتحدة».
وتشي وقائع تصاعد صراع الحملة الانتخابية، بأن الأيام المقبلة سوف تشهد ارتفاع حمى وطيس «الحرب» الكلامية والإعلامية بين الخصمين المتنافسين، خصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات. وربما يفجر أحد المرشحين مفاجأة من العيار الثقيل لإطاحة منافسه بالضربة القاضية.
المخرج الأمريكي الشهير مايكل مور صاحب فيلم «فهرنهايت 9/11»، والذي عمل بجد واجتهاد في حملة إنجاح المرشح الديمقراطي بيرني ساندرز، كتب مقالاً مثيراً، لا يقل روعة عن روعة أفلامه الوثائقية. المقال تحليلي يعتمد المنهج العلمي الموضوعي الصارم وأدوات التحليل الرياضي. زبدة المقال صادمة بما انتهى إليه من توقع مسنود بالوقائع والبراهين، من أن دونالد ترامب سيفوز بفارق 5 نقاط على منافسته هيلاري كلينتون، أي على الضد مما يرومه هو وما تشتهيه سفن كل الطواحين التي شُغّلت بكامل طاقتها لإنجاح السيدة كلينتون.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.