UNESCO: An American Folly

<--

اليونسكو: حماقة أميركية

من الطبيعي أن لا تتواجد إسرائيل في “اليونسكو”؛ المنظمة الأممية التي تعتني بالتعليم ومحاربة الأمية والمحافظة على الإرث الإنساني، وإسرائيل دولة احتلال تحارب حق الفلسطينيين في الحياة والتعليم، وتسعى لطمس تراثهم التاريخي بروايات مفبركة للوقائع التاريخية في الأماكن المقدسة بفلسطين.

المشكلة هي في الموقف الأميركي المنحاز لإسرائيل الذي انتهى بإعلان واشنطن الانسحاب للمرة الثالثة في تاريخها من” اليونسكو”.

كان القرار معدّا من قبل، على أن يعلن بعد انتخاب مدير عام جديد للمنظمة بطلب من الرئيس الفرنسي الذي تخوض بلاده معركة رئاسة اليونسكو، إلا أن تسريب القرار لوسائل الإعلام دفع واشنطن لتعجيل إعلانه.

الجدير ذكره أن الولايات المتحدة كانت قد علقت في العام 2011 مساهماتها المالية في المنظمة والمقدرة بنحو ثمانين مليون دولار.

الانسحاب الأميركي تزامن مع استجابة المجلس التنفيذي لليونسكو لمشروع قرار أردني فلسطيني تقدمت به الدول العربية الأعضاء في المجلس يؤكد على حزمة قرارات سابقة للجنة التراث تعتبر مدينة القدس الشريف والمسجد الأقصى أماكن خاصة بالمسلمين، وبأن المدينة القديمة في الخليل أراضٍ فلسطينية خاضعة للاحتلال الإسرائيلي وأدرجتها على قائمة التراث العالمي المهددة بسبب إجراءات الاحتلال الإسرائيلي. ومن المتوقع أن تتبنى الدول الأعضاء في المنظمة هذا القرار بالإجماع في دورتها المنعقدة حاليا في باريس.

انحازت منظمة اليونسكو بقرارات متعددة عن فلسطين لضميرها الإنساني، وكان هذا نتاج جهد أردني فلسطيني كبير طالما أغضب إسرائيل وأميركا.

وقد حاولت حكومة إسرائيل مرارا التأثير على إرادة الدول الأعضاء لثنيها عن مواقفها الداعمة للحق الفلسطيني، وتدخل نتنياهو مباشرة قبل فترة وجيزة للضغط على رؤساء دول غربية، لكن الدبلوماسية الأردنية والفلسطينية تمكنت وبالتنسيق مع المجموعة العربية ودول صديقة من إحباط المخططات الإسرائيلية بخطوات ذكية نجحت من خلالها بتمرير قرار يؤكد على ماسبق للمنظمة أن اتخذته من قرارات حول التراث الفلسطيني والحق التاريخي لشعبها واعتبار القانون الذي سنته إسرائيل في القدس مجرد تدابير وإجراءات لاغية وباطلة ويجب إبطالها وإلغاؤها فورا بوصفها جزءا لا يتجزأ من هذا القرار.

في تموز (يوليو) الماضي اعتبرت واشنطن قرار اليونسكو إعلان البلدة القديمة  في الخليل منطقة محمية للتراث العالمي “إهانة للتاريخ”، والصحيح أنه إذا كان هناك من إهانة للتاريخ، فهي عضوية إسرائيل في اليونسكو ومنظمات الأمم المتحدة.

بممارسات عنصرية أقل من التي ترتكبها إسرائيل عاقب العالم جنوب إفريقيا إبان حكم التمييز العنصري، بينما إسرائيل التي ترتكب جرائم ضد الإنسانية في فلسطين تغدو في نظر واشنطن ضحية تستحق التعاطف والتضامن معها.

إن إدارة ترامب ترتكب حماقة كبيرة في قرارها الانسحاب من اليونسكو انتصارا لدولة الاحتلال. لا يمكن للمرء أن يصدق أن الإدارة الأميركية تضع إسرائيل في كفة مقابل الدور الإنساني الفريد الذي تلعبه اليونسكو خدمة لشعوب العالم.

بغياب إسرائيل وحليفتها واشنطن عن اليونسكو تبدو الفرصة مواتية للعرب لتحقيق المزيد من المكاسب لصالح القضية الفلسطينية ومحاولات الصهيونية تزوير الحقائق التاريخية

About this publication