Trump in China

<--

شكلت الزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الصين خلال الأيام القليلة الماضية، ولقاءه نظيره الصيني شي جي بينج، أهمية استثنائية، نظراً للتوتر الدائم الذي يميز العلاقات بين البلدين منذ عقود طويلة، فالتوتر في هذه العلاقات ظاهر للعيان، ودرجة الاختلاف بينهما يصل إلى كل شيء تقريباً في السياسة، والاقتصاد، وفي نظام الحكم، لكن ذلك لم يمنع الطرفين من الالتقاء، بل وعقد الصفقات التجارية، حيث حصل ترامب على استثمارات صينية في الولايات المتحدة بقيمة تصل إلى 250 مليار دولار، وهو مبلغ ليس قليلاً نظراً لحالة العداء المستحكم بين الجانبين.

ما الذي يدفع ترامب إلى زيارة الصين، وهو الذي ما انفك يهاجم مواقفها السياسية والاقتصادية خلال الحملة الانتخابية التي قادته للوصول إلى البيت الأبيض، وما بعد وصوله رئيساً للبلاد خلفاً للرئيس السابق باراك أوباما؟

ربما الموقف الإيجابي الذي يحمله ترامب تجاه الرئيس بينج هو الذي يدفعه للتحرك نحو الصين، رغم أنه في خلاف مع سياساتها، وقد أشاد ترامب بالرجل أكثر من مرة خلال الفترة الماضية عندما التقاه في إبريل/نيسان الماضي في قمة جمعتهما في الولايات المتحدة، لكن الزيارة الأخيرة إلى الصين تحمل هموماً أمريكية أكثر من أي شيء آخر، وتتركز هذه الهموم في الأزمة الكبيرة والمعقدة والمرتبطة بالبرنامج النووي لكوريا الشمالية، التي شكلت، ولا تزال تشكل أزمة كبيرة للولايات المتحدة الأمريكية، ولترامب بشكل خاص، فالتحدي الكبير الذي يواجهه ترامب منذ وصل إلى البيت الأبيض هو في كيفية احتواء البرنامج النووي لبيونج يانج، الذي صار يهدد العالم بأسره، وليس الولايات المتحدة، فحسب.

يراهن ترامب على تدخل صيني في الوقت المناسب لمنع اقتراب العالم من حافة نزاع نووي لا يستطيع أحد التنبؤ بما سيؤول إليه، لذلك بدا متفائلاً من قدرة بكين على لعب هذا الدور، لما للصين من تأثير في العاصمة الكورية الشمالية، وهو تأثير يمنحها القدرة على لعب دور «الوسيط النزيه» في الأزمة، شرط أن تتنازل الولايات المتحدة عن التصعيد الذي تبديه في الوقت الحاضر في الصراع مع بيونج يانج.

الرهان الأمريكي على الدور الصيني في الأزمة مع كوريا الشمالية يرتكز على العلاقة الشخصية المتطورة مع شي جي بينج، الذي جدد له مؤخراً الحزب الشيوعي الصيني لفترة رئاسية ثانية، تمنحه مزيداً من المرونة والقدرة على الحركة في معالجة بعض القضايا الداخلية والخارجية، وإطفاء الحرائق في بعض البؤر في العالم، من بينها، بالطبع، الأزمة النووية مع كوريا الشمالية، وهو ما يدفع الصين إلى الواجهة باعتبارها دولة لديها القدرة والتأثير في معالجة بعض الملفات الشائكة.

لم تكن الأزمة النووية مع كوريا الشمالية الوحيدة الحاضرة في الزيارة التي قام بها ترامب إلى الصين، فالاتفاقات الاقتصادية كانت هي الأخرى حاضرة، وكان حصول ترامب على استثمارات صينية بقيمة ربع تريليون دولار بمثابة معجزة، وهو الوصف الذي استخدمه وزير التجارة الصيني تشونج تشان للتعبير عن حجم التطور الكبير في العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

About this publication