The Prince’s Conversation and Partnership with the US

 

 

 

<--

كان الحديث الذي أدلى به الأمير محمد بن سلمان لوكالة بلومبيرغ العالمية، شاملا ويتميز بالشفافية وأجاب عن كثير من الاسئلة التي كانت تدور في أذهان الناس، كما انه وضع حدا لكثير من التكهنات والتفسيرات التي تعج بها العديد من وسائل الإعلام الغربية عن شؤون السياسة والاقتصاد والمجتمع والأوضاع المستقبلية في المملكة. لكن في هذا المقال سوف أركز على رد سمو الأمير على تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بخصوص حاجة السعودية لـ«حماية» أمريكية للاستمرار، وأنها يجب أن تدفع ثمن ذلك. كان رد الأمير صريحا ودبلوماسيا ومهذبا، وأثبت للجميع قوة المملكة ووضح القواعد التي تحكم الشراكة مع الولايات المتحدة. كما بينت بلا شك حكمته ووضوح الرؤية. والتي يمكن مناقشتها بالتالي:

الأمر الأول تاريخية المملكة، فالسعودية تعود تاريخيا إلى القرن الثامن عشر اي إلى أكثر من 300 سنة، فالدولة السعودية الأولى قامت عام 1745، اي في وقت لم تكن موجودة فيه الولايات المتحدة بأكثر من ثلاثة عقود، واستمرت حتى سقوطها عام 1818 على يد الجيش العثماني بقيادة إبراهيم باشا. ثم عادت وتأسست الدولة السعودية الثانية في عام 1818 الى أن سقطت سنة 1891. ثم عادت وتأسست الدولة السعودية الثالثة على يد المغفور له الملك عبدالعزيز في عام 1932 واستمرت بحكمة قادتها الى يومنا الحاضر. ثلاث دول نفس الأسرة ونفس المنهج، وبالتالي من يعتمدون نظرية ان العلاقة التي تحكم الرياض وواشنطن هي علاقة النفط في مقابل الامن او مقابل الحماية لا يفهمون هذا التاريخ الطويل لهذه الدولة والتفاف المجتمع حولها وتأسيسها لثلاث دول استطاعت ان تصمد لعدة قرون رغم التحولات الدولية.

الامر الثاني وهو مسألة التسلح والتي استخدمت كثيرا وروج لها كنوع من الابتزاز او هي محاولة سعودية لشراء الحماية والولاء مع الولايات المتحدة. نعم العلاقات مع أمريكا علاقات إستراتيجية، والولايات المتحدة تعد المورد الرئيسي لكثير من الاحتياجات العسكرية السعودية، خاصة طائرات F15 وأنظمة القيادة والتحكم. لكن السعودية تعتبر من أكبر خمس دول إنفاقا على الأمن والدفاع على مستوى العالم وسياستها لشراء الاسلحة متنوعة جدا تشتري من الولايات المتحدة، وأوروبا، وروسيا، والصين وغيرها في سبيل الحرص على تطوير الجيش السعودي بأحدث التقنية والمعدات وخاصة في ظل منطقة تشهد نزاعات وخلافات وتوترات دامية. وأوضح مثال على ذلك أن السعودية في سبيل تعزيز الدفاع الصاروخي لها على خلفية التهديدات الإقليمية قامت بامتلاك أحدث المنظومات الدفاعية في العالم من خلال شرائها لنظام الدفاع الأمريكي «ثاد» وكذلك «إس-400» الروسي للدفاع الجوي.

وأخيرا ما أردت قوله إنه بالرغم من كل الحقائق عن السعودية، فإنه سوف يستمر هذا الزج باسم «السعودية» وإقحامها من حين إلى آخر في بعض القضايا لأسباب انتخابية او للترويج الإعلامي او للاستهلاك الشعبي او حتى لتصفيات سياسية، وذلك لأهميتها الكبرى دوليا وقيادتها للعالم الإسلامي والعربي، وأيضا كونها الدولة النفطية الأقوى في العالم. وبالتالي هذا دليل على أنها أيقونه عالمية لكن بعد وصول القادة الى سدة الحكم تتغير كل الخطابات الشعبوية وتتضح المصالح الحقيقية التي تحكم العلاقات، فما يحكم العلاقات الدولية هي المصالح المتبادلة بين الدول ورأينا كيف كانت أول زيارة لترامب للسعودية، والتي تظهر الأهمية الإستراتيجية للسعودية.

About this publication