The US Midterm Elections

<--

نتائج الانتخابات التشريعية الأميركية النصفية شبه النهائية (تُجرى بعد سنتين من انتخابات الرئيس وعلى مجلس النواب والشيوخ) تشير إلى أن الحزب الديمقراطي قد كسر هيمنة الحزب الجمهوري على مجلس النواب، بينما احتفظ الحزب الجمهوري بسيطرته على مجلس الشيوخ .

لقد أحكم الجمهوريون سيطرتهم على المجلسين بعد انتخاب الرئيس ترامب، ما أعطاه حرية شبه مطلقة بقراراته وسياساته، وحتى في اختيار أعضاء الإدارة العليا، وبدون معارضة تذكر. هذا الفوز للديمقراطيين يعد إنجازاً سياسياً مهماً، لأنه يعيد الحزب الديمقراطي لدائرة الضوء، ويصبح لهم رأي بما يحدث على الساحة السياسية الأميركية، ويمكّنهم من مساءلة الرئيس الأميركي وإدارته، ويصبح لهم دور في تعيينات المناصب العليا.

تميزت هذه الانتخابات بمشاركة كثيفة من الشباب والطبقة الوسطى والأقليّات، التي كانت دائماً تشكّل القاعدة الطبيعية للحزب الديمقراطي، ولكن تراجعت مشاركتها في السنوات الماضية بسبب سياسة الحزب نفسه واتجاهه نحو يمين الوسط.

قد لا يستطيع الحزب الديمقراطي أن يوقف سياسات ترامب أو يعكسها، ولكن بالتأكيد سوف يقيّد قدرته على تمرير سياساته، وبخاصة الداخلية. وأيضاً يقيّده في التعيينات . والأهم من ذلك، أنه سوف يسمح للحزب الديمقراطي بالشروع بإجراءات عزل الرئيس الأميركي، إذا اثبتت التحقيقات تورطه في مخالفات خطرة، ولا سيما في موضوع التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية، ومع التأكيد على أنه لن يستطيع عزله، لأن ذلك أيضاً يتطلب حصولهم على أغلبية في مجلس الشيوخ، وهذا ليس ممكناً، لأن الجمهوريين يسيطرون عليه. ولكن في حالة حدوثه، سوف يؤثر بشكل كبير على مستقبل ترامب السياسي.

الانتخابات النصفية، التي تعتبر استفتاءً على سياسات ترامب، أظهرت انقساماً حاداً بالمجتمع الأميركي، وبالتحديد حول السياسات الداخلية كالهجرة والمرأة وحقوق الأقليات، وليس بالضرورة حول السياسة الخارجية، لأن الانتخابات التشريعية يغلب عليها القضايا المحلية.

اللافت في الانتخابات النصفية الأميركية، الحضور المميز للمرأة في الانتخابات، إذ ارتفع عدد النساء الفائزات بأكثر من 15 امرأة في المجلسين. وبخصوص الشباب، فقد تم انتخاب أصغر عضو في مجلس النواب بعمر 29 عاماً . كما برز بوضوح الحضور المهم للأقليات، إذ فازت أول امرأة عربية من أصول فلسطينية، وأول امرأة أفريقية من أصول صومالية، وكلتاهما مسلمتان، وإحداهما محجبة، وهي المرة الأولى التي ستكون بها امرأة محجبة في مجلس النواب الأميركي. كما ستدخل مجلس النواب، وللمرة الأولى، امرأة من السكان الأصليين. وتشير النتائج إلى أن (100) امرأة سوف يدخلن مجلس النواب الجديد.

النتائج المشار إليها أعلاها لن تؤثر بشكل واضح على السياسة الخارجية الأميركية، وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط، ولكن قد يكون لها آثار على بعض جوانب هذه السياسة، كصفقات الأسلحة مع بعض الدول العربية، وعلى ملفات حقوق الإنسان، وغيرها من القضايا المهمة.

إن الصحوة الديمقراطية في الانتخابات التشريعية النصفية سوف تعيد التوازن للسياسة الداخلية، وتقيد قدرة ترامب في اتخاذ القرارات وتبنّي السياسات، التي قد يكون لها تأثير في إعادة انتخابه بعد عامين، ولكنها في الوقت نفسه أظهرت انقساماً حاداً في المجتمع الأميركي، بالرغم من وصف ترامب لها في تغريدته على أنها نجاح هائل.

About this publication