The Neighboring Force

<--

سلطان الجوار

يكشف مؤتمر ميونخ للأمن تباينا اوروبيا امريكيا حيال قضايا تتصل بروسيا وايران وسوريا، والخلاف التجاري الالماني الامريكي وسط اتهامات متبادلة وتهديد الرئيس ترمب بفرض عقوبات تجارية على المانيا التي تحتفظ بفائض تجاري مع واشنطن، وأظهرت واشنطن تحاملا على اعتماد المانيا على الغاز الطبيعي الروسي بينما اكدت ميركل ان روسيا شريك لاوروبا وان مؤتمر ميونخ يقدم فرصة حقيقية للوصول الى تعاون مثمر وجسر الفجوة التي تتسع في ظل سياسات متشددة للإدارة الامريكية.

المانيا تعي تماما اهمية سلطان الجوار حيث اعتمدت دول اوروبية منذ عقود على الغاز الروسي حتى خلال الحرب الباردة، وان مشروع انبوب الغاز الروسي الجديد يأتي ليوطد علاقات التعاون المشترك، وان هناك عناصر اتفاق روسي الماني حول ايران والعقوبات الامريكية المفروضة على طهران حيث ترى واشنطن ان آلية التجارة والاستثمار الاوروبية بقيادة المانيا مع ايران هو التفاف على تلك العقوبات.

السياسات الامريكية في العالم اقل ما يقال عنها بأنها مفرطة في الانحياز والانانية بدءا من الصراع العربي الاسرائيلي الى ايران وصولا الى فنزويلا والحرب التجارية المفتوحة على الشركاء والمتنافسين، وتتجاوز هذه الحرب على ابجديات منظمة التجارة العالمية ومواثيقها.

نائب الرئيس الامريكي بنس في كلمته بموتمر ميونخ وصف ايران بأنها تمهد لمحرقة جديدة لاسرائيل في مقاربة خبيثة الى ما وصف بمحرقة اليهود ابان الحرب العالمية الثانية، متناسيا القتل اليومي وارهاب الدولة التي تمارسها السلطات الاسرائيلية وجيشها البربري بحق المدنيين الفلسطينيين يوميا والتمادي على الحقوق الوطنية الفلسطينية.

يبدوا ان الادارة الامريكية برئاسة ترمب لا تقيم وزنا لمصالح الشعوب ولسلطان الجوار فالتعاون بين الدول والشعوب يحتكم للحوار دوما وان حالات الصراع هي طارئة سرعان ما تذوب وسيرة الشعوب والامم وتاريخها يؤكد ذلك، فالحربان العالميتان التي دمرت معظم مدن اوروبا اصبحت خلف الاوروبيين فالتعاون والحوار والمصالح من يحركهم.

فالتطورات الاقليمية والعالمية تتجه الى انحسار المد الامريكي اقتصاديا وعسكريا، تركيا تتعاقد مع روسيا لواحدة من اكبر صفقات السلاح برغم انضمام تركيا الى حلف الناتو، ودلالات الانسحاب الامريكي من سوريا وافغانستان والعراق سيقود الى اتساع رقعة التأثير الروسي وايران في المنطقة، وتراجع التدخل الامريكي في المنطقة، وهذا يفسر مجموع المشاكل والازمات التي تعصف بالاقتصاد الامريكي الداخلية والخارجية، فالسنوات القادمة ستؤكد تحليلات سابقة نشرت خلال الازمة المالية العالمية في العام 2008 ان امريكا ستفقد تدريجيا قدرتها التفرد بقيادة العالم، وقيام مجموعات وتحالفات اقليمية ودولية وسيكون لسلطان الجوار دور مهم.

About this publication