The Warsaw Conference: Another American Failure

<--

مؤتمر وارسو.. فشل أميركي آخر..!

بقلم: علاء الدين أبو زينة

تابعنا بالكثير من الترقب المؤتمر الذي عقدته الولايات المتحدة في العاصمة البولندية، وارسو، على مدار يومين وانتهى الخميس. وقد تبنى المؤتمر هدفا عريضا هو “تشجيع الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط”، لكن آلياته ومخرجاته لم تكن مصممة على ما يبدو لتحقيق هذا الهدف، ولا يبدو أن منطقتنا ستصبح بعده شيئاً أفضل مما كانت عليه قبله.


في فترة التحضير للمؤتمر، قالت التكهنات بأنه سيركز بشكل أساسي على المزيد من عزل إيران، وهو هدف لا يروق بوضوح لدول أوروبية مهمة لها مصلحة في عدم الالتزام بالعقوبات الأميركية على طهران، بالإضافة إلى دول آسيوية مهمة أيضاً، لها تعاملات حيوية مع البلد. وبعد ذلك، برزت التوقعات بأن يكون المؤتمر هو المناسبة لإعلان ما تسمى “صفقة القرن” التي تتحدث عنها إدارة ترامب منذ فترة طويلة. ولذلك، امتنعت القيادة الفلسطينية، التي لديها توقعات سيئة لمحتوى الصفقة المذكورة، عن الحضور.


لم يتعامل المؤتمر مع القضية الفلسطينية، لا بإعلان صفقة القرن ولا بالتركيز على إنهاء الاحتلال، وأصرّ على أن إيران تشكل التهديد الوحيد لأمن المنطقة. وربما لا يكون هذا هو رأي شعوب المنطقة التي زعم المؤتمر أنه يريد أن يخدمها بجلب الأمن والاستقرار لها. ويرى بعض المراقبين أن المؤتمر كان كله مصلحة خالصة لبنيامين نتنياهو وكيانه، سواء من جهة عدم إدانة الاحتلال، أو من جهة التركيز على إقحام الكيان الصهيوني في تحالف –بدلاً من التناقض الأساسي الذي يستحيل إخفاؤه- مع عرب المنطقة على قاعدة «الخطر الإيراني».


يؤكد المؤتمر، بهذه المقدمات والخلاصات، على فشل الولايات المتحدة المتواصل في قيادة النظام العالمي الدولي نحو السلام والاستقرار. ويتجلى هذا الفشل في تجاهل كل وجهات النظر والرؤى الأخرى التي تقترح مقاربات مختلفة لكل شيء، بما فيه مشكلات الشرق الأوسط. وعلى سبيل المثال، يرى كل الموقعين على الاتفاق النووي الإيراني –ما عدا الولايات المتحدة- أن محاولة إشراك إيران دوليا ستكون مساراً أفضل من العداء نحو احتواء برنامجها النووي والتخفيف من عدوانيتها.


ومن ناحية أخرى، يعرف الجميع –في المنطقة والعالم- أن مشكلة الاحتلال الصهيوني شكلت منذ عقود طويلة مصدر التوتير ونزع الاستقرار الأبرز بما لا يقاس في الشرق الأوسط، والتي لها صلة أساسية بالتطرف والعنف -بل وتستخدمها إيران نفسها في خطابها لترويج مشاريعها في المنطقة. ولا يمكن أن تباع على شعوب المنطقة أي حلول لا تبدأ بتشخيص ومعالجة التناقض الأساسي مع الكيان الصهيوني كأولوية، أو إقناعها بأخلاقية أو عملية التحالف مع هذا الكيان لأي سبب ضد أي طرف آخر.


يوم الأربعاء، أرسل رئيس وزراء الكيان، بنيامين نتنياهو في حسابه الرسمي على تويتر تغريدة وصفت الغرض الحقيقي للاجتماع، بل وأعلنت الحرب -عن غير قصد- على إيران. حين كتب: «ما هو مهم في هذا الاجتماع ، وهو ليس سراً… هو أن هذا لقاء مفتوح مع ممثلي الدول العربية الرائدة، الذين يجلسون معاً مع إسرائيل من أجل تعزيز المصلحة المشتركة للحرب مع إيران». وقد تم حذف التغريدة بعد ساعة، ثم إعادة إرسالها مع تغيير كلمة «الحرب” إلى “مكافحة». لكن «الضرر قد حصل»، حسب تعليق أليكس وارد في موقع «فوكس» Vox، الذي عنوان قراءته: «الولايات المتحدة عقدت قمة دولية لعزل إيران. لكن أميركا عزلت نفسها بدلاً من ذلك».


كان أبرز ملامح فشل جهد الولايات المتحدة في المؤتمر –وزيادة عزلتها- هو الحضور منخفض المستوى لمعظم الدول المشاركة. ويعني الحضور بهذه الكيفية أن مختلف دول العالم وقواه المؤثرة فقدت أي أوهام متبقية إزاء جدية الولايات المتحدة في طرح بدائل واقتراحات حسنة النية، والتي تخدم فعلاً غايات السلم والعدالة أو مصالح أي أحد سوى المصالح الأميركية.


نعرف، أن سلام إقليمنا يبدأ بإنهاء الظلم التاريخي المتمثل في الاحتلال الصهيوني، وتحقيق العدالة الغائبة بسبب أميركا بالتحديد. ونعرف أن القيادة حسنة النية التي تستحق أي احترام تعني جمع أطراف الإقليم على المشتركات لمصلحة رفاه وتقدم الشعوب، وليس العمل بدأب النملة على توتير المنطقة وتأليب الأطراف لغاية تعميق الخوف واستغلاله للابتزاز، مع ضمان تفوق الاحتلال الاسرائيلي وحده.

لذلك، لم تكن لـ«وارسو» علاقة بتشجيع أمن استقرار الشرق الأوسط!

About this publication