Trump’s Nasty Letter to President Erdogan

<--

هل تَعكِس رسالة ترامب المُهينة التي تَطاول فيها بشَكلٍ غير أخلاقيٍّ على الرئيس إردوغان حالة “الانهيار” التي يعيشها حاليًّا؟ ولِماذا نعتقد أنّ إلقاءها في سلّة المُهملات لم يكُن كافيًا؟ وهل سيَتطوّر الخِلاف إلى حربٍ اقتصاديّةٍ أمريكيّةٍ مُوازية ضِد تركيا؟ وكيف سيَكون الرّد؟

المعركة الأكبَر والأشرَس القادمة قد لا تَكون بين الجيش العربي السوري وحُلفائه الأكراد الجُدد من ناحيةٍ، والرئيس التركي رجب طيّب أردوغان وقوّاته التي تُواصل غزوها وقضْمها للشّريط الحُدوديّ في شِمال سورية من النّاحية الأُخرى، وإنّما بين الرئيس التركيّ ونظيره الأمريكيّ دونالد ترامب، حليفه وصَديقه وشريكُه في حلف الناتو.

الهُجوم اللفظيّ المَكتوب والمُهين الذي شنّه الرئيس ترامب وورد في رسالةٍ بعث بها إلى الرئيس أردوغان يوم 9 من تشرين الأوّل (أكتوبر) الحالي، وتضمّنت تعبيرات بذيئة لا ترتقي إلى الحَد الأدنى من الأعراف الأخلاقيّة، ناهِيك عن الدبلوماسيّة، يَعكِس الطّريقة المُستَهجنة وغير المُهذّبة التي يتعاطى بها هذا الرئيس مع حُلفائه من الزُّعماء، خاصّةً في مِنطقة الشرق الأوسط.

هذا الهُجوم وردَ في الرّسالة التي بعثَ بها الرئيس ترامب إلى نظيره التركيّ أردوغان فور بِدء الهُجوم التركيّ على شِمال سورية، وتضمّنت لغة مُخاطبة لا يُمكن وصفها إلا بأنّها هابطة، مِثل قوله فيها “لا تَكُن مُتصلِّبًا.. لا تكُن أحمَقًا.. ولا أُريدك أن تدخل التّاريخ كشرّير”، ويذهب إلى ما هو أبعد من ذلك عندما يُواصل قائلًا “أنت لا تُريد أن تكون مَسؤولًا عن ذَبح الآلاف من النّاس (الأكراد السوريّون).. وأنا لا أُريد أن أكون مَسؤولًا عن تدمير الاقتصاد التركيّ.. وسأفعَل”.

كان مُتوقّعًا أن يشعُر الرئيس أردوغان بالإهانة عندما تلقّى هذه الرسالة، وأن يُلقي بها إلى سلّة المُهمَلات، وأن يُعلن عن عدم استقباله للوفد الأمريكيّ الذي وصل إلى أنقرة اليوم برئاسة مايك بنس، نائب الرئيس، وعضويّة مايك بومبيو، وزير الخارجيّة، ولكنّه تراجع عن هذا التّهديد واستقبل الوفد مُترفّعًا عن اللّجوء إلى المُعاملة بالمِثل، مُتحلِّيًا بأخلاق الإسلام الحنيف وقِيَمِه، وإن كُنّا لا نتمنّى ذلك، فهؤلاء لا يستحقّون غير التّجاهل والطّرد والمُعاملة بالمِثل، ولكنّنا لسنا في الموقف نفسه، ولا نتحمّل المسؤوليّات نفسها.

لا نَعرِف ما هي الرّسالة التي حمَلها نائب الرئيس الأمريكيّ إلى مُضيفيه الأتراك، مِثلما لا نَعرِف أيضًا ماذا جرى في اللّقاء المُغلق مع الرئيس التركي، وما إذا كان الرئيس أردوغان قد ردّ الصّاع صاعين، ولكن ما نعرِفه أنّ اللّقاء كان مُتوتّرًا، وغير مُريح، وكان هذا التوتّر واضحًا على وجوه الرئيس التركيّ ونائب الرئيس الأمريكيّ والوفد المُرافق له، أثناء التقاط الصّور، والصّور لا تَكذِب.

السّؤال هو: هل سيتجاوب الرئيس أردوغان مع طلب الوفد الأمريكي الزّائر ويُوقف هُجومه على الأكراد حُلفاء أمريكا في شِمال سورية، تَجنُّبًا لحُدوث “مجازر” بشريّة؟ أم أنّه سيمضِي قُدُمًا في هذا الهُجوم ويُواجه العُقوبات الاقتصاديّة الأمريكيّة والأُوروبيّة في حالِ ما إذا أقدم الرئيس ترامب على تنفيذ تهديداته بتدمير الاقتصاد التركيّ التي ورَدت في الرّسالةِ المُعيبة؟

لا نملك أيّ إجابة، وكل ما نملكه أنّ الرئيسين يعيشان حاليًّا ظُروفًا صعبةً، وتحدّيات أكثر صُعوبةً على الأرض السوريّة، بينما يجلس الرئيسان السوري بشار الأسد ونظيره الروسي فلاديمير بوتين يتفرّجان بسعادةٍ غامرةٍ هذا الخِلاف بين الشّريكين في حِلف النّاتو، أيّ أردوغان وترامب، ويَفرُكان أياديهما فرَحًا.

الرئيس ترامب الذي يُواجه تحقيقات شرسة من قبل لجنة الكونغرس بتُهم الفساد وتدخّله لدى الرئيس الأوكراني لكشف التّعاملات التجاريّة لنجل خصمه بايدن، وفشلًا ذريعًا لسياساته في الشرق الأوسط وشرق أسيا، يتصرّف هذه الأيّام مِثل النّمر الجَريح يضرِب بقبضته في كُل الاتّجاهات، دون أن يُفَرِّق بين الحُلفاء والأعداء، وهذه قمّة الحماقة.

لم تُفاجئنا التّسريبات التي انتشرت في الإعلام الأمريكيّ عن اللّقاء العاصِف بين ترامب ونانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النوّاب في البيت الأبيض، والتي نقلت عن لسان الأخيرة قولها من بعد انسحابها العاصِف من الاجتماع أن الرئيس يعيش حالةً من الانهيار.

المُواجهة بين أردوغان وترامب، ربّما تكون المُواجهة الأشرس في الأيّام المُقبلة التي قد تتواضع أمامها نظيرتها المُشتعلة حاليًّا على جبَهات شِمال سورية، الا اذا تنازل احد الاطراف لتهديدات الآخر، ففي الأُولى قد تكون مُواجهة بِلا كوابِح، وفي الثّانية هُناك الوسيط الروسي التي يتحلّى بأعلى درجات الحِكمة وضبْط النّفس، ويعرِف كيف يضَع الحُلول ويُنَفِّذ الخُطط لتَطبيقها.. واللُه أعلم

About this publication