التاريخ سيحاكمكم”.. هكذا قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى رسالته إلى رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى، والتى تعد المحرك الرئيسى لحملة “عزل الرئيس”، والتى تمثل نقطة تحول تاريخية فى المشهد الأمريكى، منذ استقالة الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون، فى السبعينات من القرن الماضى، على خلفية فضيحة “وترجيت”، والتى تجسس خلالها نيكسون على مكاتب الحزب الديمقراطى، قبل الانتخابات الرئاسية، التى منحته فترة رئاسة ثانية.
ولعل المظاهرات التى تشهدها بعض المدن الأمريكية تأييدا لعزل الرئيس ترامب، تمثل امتدادا للمشهد الدرامى فى السياسة الأمريكية، الذى يستقطب أنظار الملايين حول العالم، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، والمقررة فى نوفمبر من العام المقبل، والتى سوف تشهد صراعا قويا، فى ظل حالة العداء غير المسبوق بين البيت الأبيض، وخصومه السياسيين، منذ عقود طويلة من الزمن، وصل إلى حد تكسير العظام، والتشويه المتبادل.
ويعد استخدام المتظاهرين إلى جانب الإجراءات الشكلية، التى يتخذها مجلس النواب، ليس بالأمر الجديد تماما على النهج الذى يتبناه الديمقراطيين، حيث لجأوا إليه منذ اليوم الأول للإعلان عن فوز الرئيس ترامب بالانتخابات الرئاسية فى 2016، على حساب مرشحتهم هيلارى كلينتون، فى تمرد غير معتاد على نتائج الصناديق الانتخابية، كما أنهم سبق واستخدموه لتأجيج الفوضى فى دول أخرى لفرض أجنداتهم عليها، كما حدث من قبل فيما يسمى بـ”الربيع العربى”.
إلا أن استخدام المظاهرات فى الفترة الراهنة يمثل انعكاسا صريحا لحالة العجز التى يعانيها الديمقراطيون فى المرحلة الراهنة، فى ظل إدراكهم المطلق لفشل حملتهم، خاصة وأن مجلس الشيوخ، ذو الأغلبية الجمهورية يبقى صاحب الحق المطلق فى تمرير القرار، وبالتالى تبقى فرص نجاح عزل الرئيس “الجمهورى”، معدومة تماما.
وهنا يمكننا القول بأن مظاهرات الديمقراطيين المتزامنة مع التصويت على عزل الرئيس داخل مجلس النواب، محاولة صريحة لوضع الأغلبية الجمهورية فى حرج سياسى، قبل الفصل فى المسألة، وهو الأمر الذى يدركه الرئيس الأمريكى تماما.
لجوء الرئيس ترامب إلى التاريخ يمثل انعكاسا صريحا لإدراكه الكامل للنهج الذى يتبناه الديمقراطيين بصدده، عبر ممارسة أقصى ضغط ممكن لتشويه صورته، أمام مواطنيه، بينما يحمل خطابه إلى بيلوسى، رسالة غير مباشرة للشعب الأمريكى، أو تحديدا القطاع “غير المسيس”، وهو ما يمكننا تسميته بـ”حزب الكنبة”، والذى يبقى رهان ترامب منذ بداية حقبته، حيث تعد محاولة لاستقطاب تعاطف القطاع الأكبر من المواطنين الذين يشعرون بحالة من التحسن الاقتصادى منذ صعوده
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.