Yalta 2020

<--

يترقب العالم، عقد القمة التي ستضم زعماء الدول الخمس النووية دائمة العضوية في مجلس الأمن استجابة للدعوة التي أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في 23 يناير الماضي بهدف وضع «أسس جديدة» لقيادة العالم لتجنب مآسي الحروب والتوتر والصراعات التي تلوح في الأفق، ليس فقط في الشرق الأوسط، لكن في مناطق شرق وجنوب شرق أسيا والقطب الشمالي وأمريكا اللاتينية، وسيكون ذلك أول اجتماع لهذا الهدف منذ نهاية الحرب الباردة، فهل ستقبل الولايات المتحدة أن يكون هناك قيادة جماعية للعالم بعد أن رحب الرئيس ترامب بعقد هذه القمة؟ وماذا عن المبادرات الشجاعة التي تحدثت عنها واشنطن؟، وهل يمكن للصين أن تتخلى عن موقفها الحالي وتنخرط في اتفاقيات متعددة الأطراف للحد من سباق التسلح؟.

يالطا الأولى

يحلو للبعض وصف القمة المقبلة التي لم يتحدد مكانها بعد بـ «يالطا 2020» أو «يالطا الجديدة»، وذلك في إشارة للقمة التاريخية التي عقدت في مدينة يالطا الأوكرانية على البحر الأسود في فبراير 1945 وقسمت النفوذ في العالم بعد الحرب العالمية الثانية بين الزعماء الثلاثة الكبار في ذلك الوقت، وهم الزعيم السوفييتي ستالين، والرئيس الأمريكي روزفيلت، ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل.

ورغم أن الحرب الباردة اندلعت بعد عامين من مؤتمر يالطا، إلا أنّ اتفاق يالطا استطاع الحفاظ على السلام والاستقرار العالمي لأكثر من 70 عاماً، حيث كان من أبرز نتائج يالطا القرن الماضي إنشاء منظمة الأمم المتحدة التي يشكك الكثيرون اليوم في قدرتها على الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.

لا شك أنّ القواعد التي حكمت العالم منذ عام 1945 تغيرت، وبات الصراع محتدماً بعد انسحاب الولايات المتحدة وروسيا من اتفاقية الحد من نشر الصواريخ النووية قصيرة ومتوسطة المدى في 2 أغسطس الماضي، وعدم اليقين في تجديد «اتفاقية ستارت 3» التي تنتهي فاعليتها في فبراير المقبل.

واستعداد روسيا والولايات المتحدة للدخول في «حرب نووية صغيرة» بعد التدريبات الأمريكية الأخيرة على استخدام القنابل النووية الاستراتيجية في ولاية نبرسكا الأمريكية في 20 فبراير الماضي، ونشر الولايات المتحدة 150 قنبلة نووية في أوروبا العام الماضي، وتزامن كل ذلك مع الزيادة غير المسبوقة في ميزانيات السلاح الصينية والروسية، وهو ما دفع البعض لتوقع «حرب ليست باردة»، بل وبالسلاح النووي بواسطة القنابل الصغيرة التي طورتها موسكو وواشنطن خلال الأعوام الثلاثة الماضية.

مبادرة شجاعة

رغم الاستجابة المتأخرة من جانب الرئيس ترامب للدعوة الروسية إلا أن حديث الرئيس الأمريكي عن نيته تقديم «مبادرة شجاعة» للصين وروسيا لمنع اندلاع سباق تسلح تضفي مزيداً من الزخم والأمل حول مستقبل العالم، لكن السؤال يتعلق بمدى استعداد الصين للدخول في مبادرات متعددة الأطراف جديدة، فالصين ترى أن الحديث عن اتفاقية جديدة لا تخصها، لأنّ روسيا تمتلك 6850 سلاحاً نووياً، والولايات المتحدة تمتلك 6650 بينما الصين لا تملك إلا 300 سلاح نووي فقط.

About this publication