أمريكا تسلح أعداءها
قام الاتحاد السوفيتي عام 1979 بغزو افغانستان لمساعدة الحكومة الشيوعية ضد الثوار الافغان مما ادى الى تضامن اسلامي عالمي وتدفق المجاهدين المسلمين إلى افغانستان والذين عُرِفوا بالأفغان العرب. في هذه الفترة قامت الولايات المتحدة الأمريكية عبر مساعدة من المخابرات الباكستانية بدعم هؤلاء الثوار وتزويدهم بالأسلحة والمعدات حتى انهار النظام الشيوعي وتم دحر الاتحاد السوفيتي بطريقة مذلة وانتقلت هذه الاسلحة والمعدات لأيدي حركة طالبان والقاعدة التي تأسست عام 1988 والتي هاجمت الولايات المتحدة الأمريكية في 11 سبتمبر 2001 نفس السيناريو تكرر في العراق بعد اسقاط نظام البعث واغراق البلد بالأسلحة والتي انتقلت بسهولة عام 2014 الى حركه داعش بعد هروب القوات العراقية من مناطق هامة شمال غرب العراق وتمددت هذه الحركة الى سوريا واستطاعت السيطرة على مساحات شاسعة في البلدين وشكلت خطراً كبيراً على الجيش الامريكي والحكومة العراقية وقوى التحالف الدولي وباستخدام المعدات الأمريكية التي تم الاستيلاء عليها، واستمر الصراع عدة سنوات إلى ان تم القضاء على هذه الحركة التي كلفت آلاف الضحايا والأموال.
الصور الاخيرة التي وصلتنا من كابول في الايام الماضية اظهرت عناصر حركة طالبان يستولون على مستودعات أسلحه متطورة مخزنة تُقدر بمليارات الدولارات الأمريكية بعد استسلام الجيش الأفغاني وظهورعناصر طالبان بخوذات حديثة وكاميرات ومناظير للمشاهدة الليلية ويحملون اسلحه أمريكية حديثة واستبدلوا الصندال بأحذية عسكرية لم يحلموا يوماً بامتلاكها.
مصاريف امريكا على تسليح الجيش الأفغاني من 2005 الى 2019 بلغت 50 مليار دولار لجيش تعداده 300 الى 350 ألف جندي وشرطي لو امتلك كل شخص منهم قطعة سلاح فيمكننا ان نتصور كم عدد قطع الأسلحة التي وقعت في ايدي عناصر طالبان ليس هذا فحسب بل ان الجيش الأفغاني كان يمتلك اسلحه متطورة مثل طائرات هجومية من طراز سوبر توكانو (A-29 Super Tucano) واكثر من 150 طائره مروحيه طراز «بلاك هوك UH-60» و50 طائره نقل عسكريه اضافه الى ما يزيد عن 80 الف سيارة عسكريه مصنعة لنقل الجنود او للأعمال العسكرية.
لقد قدرت الصحيفة الدولية اليومية وول ستريت عدد المدافع وقطع السلاح الصغيرة مثل «M-16» و»M-4» لما يقارب 600 ألف قطعة، يضاف الى ذلك عدد لا يُستهان به من الصواريخ المضادة للدبابات وقاذفات قنابل آلية ومدافع هاون وألغــام وقذائف صاروخية.
ان غنائم حركة طالبان من الجيش الأميركي ستمنحها ميزة في مواجهة أية مقاومة قد تُستَجد إلا ان طالبان لا تمتلك الخبرة في التعامل مع الأسلحة الثقيلة التي استولت عليها وبذلك لن تكون لديها المقدرة على صيانتها نظراً لما قد تتطلبه من إصلاحات معقدة، وهذا بحد ذاته سيشكل معضله كبيرة امام حركة طالبان، لكنها تستطيع إجبار ضباط وجنود سابقين على القيام بذلك.
والخطورة الحقيقية بشأن المعدات والأسلحة الأمريكية التي سيطرت عليها طالبان تكمُن ايضاً في امكانية بيع جزء من هذه الأسلحة لقوى وجماعات ارهابية عالمية وهذا يمثل خطراً أمنياً حقيقياً ويدق ناقوس الخطر عاجلاً أم آجلاً وخاصة على البلدان المحيطة بأفغانستان، كما انه يوجد تخوّف من معرفه اسرار هذه المعدات بمساعدة الصين وايران، يضاف الى ذلك ان امتلاك حركه طالبان اسلحة حديثة سوف يمكنها من استخدمها ضد القوى المعارضة مما سيجعل امكانيه الانتصار على طالبان امر شبه مستحيل بل وسينتهي بها المطاف بالسيطرة التامة على البلاد.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.